الأوراق الرابحة التي مهدت لأغلبية أخنوش الفوز بالانتخابات الجزئية

لزعر يقرأ لـ"الأيام 24" نتائج استحقاق حسمته القرى وأظهر وهن المعارضة

 

 

 

خرجت الأغلبية الحكومية من السباق نحو الظفر بمقعدين في مجلس النواب بكل من دائرتي فاس الجنوبية وبنسليمان، أعيدت فيهما الانتخابات، منتصرة على أحزاب المعارضة التي عادت منه بخفي حنين، وهي التي كانت تراهن أقطابها على الفوز لتعزيز تمثيليتها بالغرفة الأولى للبرلمان حيث يتمتع تحالف عزيز أخنوش بأغلبية عددية مريحة.

 

 

وعاد المقعدان المتبارى حولهما إلى حزبي التحالف الحكومي: التجمع الوطني للأحرار (خالد عجلي) والاستقلال (مبارك عفيري) المدعومين من طرف حليفهما الأصالة والمعاصرة، في حين خرجت الأحزاب المصطفة في المعارضة: الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الحركة الشعبية، العدالة والتنمية، الاشتراكي الموحد، جبهة القوى الديمقراطية والديمقراطيون الجدد، خاوية الوفاض.

 

 

وانتهت هذه الانتخابات التشريعية الجزئية على وقع مشاركة جد ضعيفة، إذ بلغت نسبة المصوتين 8,8 في المائة، وأظهرت معطى لافتا يتعلق بعزوف كبير من لدن الناخبين في الوسط الحضري مقارنة بالمجال القروي حيث كانت نسبة المشاركة كبيرة، تراوحت بين 32 و46 في المائة، ما يعني أن تأثير البوادي في مجريات اللعبة أصبح قاعدة ولم يعد مجرد استثناء.

 

 

أوراق رابحة 

الدروس المستخلصة من تشريعيات فاس وبنسليمان الجزئية، تظهر مرة أخرى فشل أحزاب المعارضة في منافسة الآلة الانتخابية لأحزاب الحكومة بقيادة “الحمامة” على كسب أصوات الناخبين رغم أن حكومة أخنوش لم تحقق إنجازات ملموسة إلى حدود اليوم، بل إن الاحتجاجات الاجتماعية تطوقها من كل حدب وصوب ويطال المنتسبون إليها انتقادات بالجملة حول أدائهم.

 

 

وتكاد الأوراق الرابحة التي تمهد للأغلبية الحكومية حسم السباق لصالحها في كل مرة تجرى فيها انتخابات جزئية، تنحصر في ثلاث وهي: أولا: استعمال المال لاستمالة أصوات الناخبين، كما جاء في بلاغ لحزب العدالة والتنمية بفاس وتصريحات أمينه العام عبد الإله ابن كيران، ثانيا: تغير السلوك الانتخابي وعزوف النخبة والناخبين في المجال الحضري عن المشاركة في هذا التمرين الديمقراطي، ثم ثالثا: تشتت أحزاب المعارضة التي ليست على قلب رجل واحد لاعتبارات يتداخل فيها الاختلاف الإيديولوجي بحسابات السياسة ورياضياتها.

 

 

معضلة الفعل الانتخابي بالمغرب

 

في قراءته لدلالات هذه النتائج، يرى عبد المنعم لزعر أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن السمة العامة لنتائج الانتخابات التشريعية الجزئية مع بعض الاستثناءات تزكي حضور حزب التجمع الوطني للأحرار ثم باقي الأحزاب السياسية المشكلة للأغلبية، كما حدث بفاس وبنسليمان، وذلك على حساب باقي أحزاب المعارضة، ومع ذلك، يوضح المتحدث في تصريح لـ”الأيام 24″، فإن هذه السمة “لا يمكن اعتمادها كمؤشر لقياس ثقة المواطن في حزب ما أو في موازين قوى معينة”، لافتا إلى أن “تكرار نفس النتيجة في سياقات ورهانات مختلفة قد يشكل أحيانا حجة قد تستدعي فرضية تشير إلى نهاية الصراع الانتخابي، وعندما ينتهي الصراع ينتهي معه التاريخ الانتخابي.”

 

 

وبالموازاة مع النتائج التي أصبحت تتحول، حسب وصف لزعر، من البعد اللايقيني إلى البعد اليقيني، فإن هذا المؤشر ليس في صالح التجربة الانتخابية بالمغرب، مسجلا أن الأرقام المتعلقة بنسب المشاركة تعبر عن معضلة الفعل الانتخابي بالمغرب، بحسب أستاذ القانون الدستوري الذي أوضح أنه رغم أن المدن المغربية هي قلب السياسة وهي التي تضم حوالي 55 في المائة من الهيئة الناخبة، إلا أن التأثير مع ذلك يبقى ضعيفا في النتائج الانتخابية، حيث مازال العالم القروي هو الذي يحسم النتائج، وهو الذي حسم فعلا النتائج في كل من فاس وبنسليمان.

 

 

وبعد أن شدد على أنه يجب دائما الحذر من اعتماد نفس الفرضيات والقراءات التي يُستند إليها لتحليل الانتخابات التشريعية العادية وتوظيفها في تحليل الانتخابات التشريعية الجزئية، لأن السياقات والرهانات والحسابات تختلف وحتى هوية والثقل الانتخابي للمرشحين يختلفون؛ يرى لزعر أنه يجب التعامل مع الانتخابات التشريعية الجزئية باعتبارها انتخابات جزئية وعدم إخضاعها لفرضيات وقراءات ثابتة.

 

 

وأفاد الأستاذ الجامعي عينه بأن نسب المشاركة وحتى النتائج تتأثر بالخصائص والظروف الاجتماعية والاقتصادية للهيئة الناخبة، كما تتأثر بالسياقات وكذلك بالمنجز الحكومي، لكن هذا التأثير في التجربة المغربية، من وجهة نظر عبد المنعم لزعر، يجد ترجمته في مغادرة ساحة اللعب الانتخابي من طرف الناخبين الذين لديهم قدرة على التغيير وعلى تقييم السياسات وعلى بلورة التصويت السياسي، وهذه المغادرة أو العزوف يرجح لزعر أن يكونا تعبيرا احتجاحيا، كما يمكن أن يعكسان اللامبالاة، غير أنه في الحالتين معا يفسحان المجال أمام بروز ما وصفه بـ”التصويت الشخصي والزبائني والنفعي”.

 

 

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق