لماذا اختار المغرب “الصمت” أمام التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

ط.غ

 

 

تتحرك منطقة الشرق الأوسط على برميل بارود قد ينفجر في وجه دول القريبة والبعيدة من بؤرة التوتر الإيرانية الإسرائيلة، التي بلغت أشدها ليلة السبت الماضي، حينما وقف العالم متسمرا أمام شاشات التلفزة وموجات الراديو ومقاطع فيديو منتشرة على المنصات الاجتماعية توثق لإطلاق عشرات المسيرات من طهران إلى تل أبيب.

 

انطوت عواصم على نفسها وانقسمت أخرى بين منددة وداعية إلى ضبط النفس، وهناك من اختار لغة الصمت “الدبلوماسي” على غرار المغرب الذي لم يصدر إلى اللحظة أي موقف رسمي تجاه التصعيد.

 

إيران الموصوفة من طرف أمريكا وحلفائها في الغرب والشرق، أنها “شيطان المنطقة ووجب رجمها”، تلجأ إلى لغة التهديد والوعيد بتحريك عتادها وأذرعها في المنطقة لمحاصرة إسرائيل والرد بقوة على القصف الذي طال قنصليتها في دمشق واودت بحياة سبعة إيرانيين. اللافت أن جل العواصم العربية سارعت إلى إصدار بلاغات عبر خارجياتها والتفاعل مع التطورات العسكرية المتسارعة. بيد أن الرباط اختارت الصمت وهو ما يفسر خطة المغرب الدبلوماسية في إدارة ملفات التوترات بعيدا عن منطق الحليف والتموقع، على غرار الحرب الروسية الأوكرانية حيث أدانت واشنطن من يدور في فلكها، الحرب التي تخوضها روسيا، لكن المغرب حاول شد العصا من وسط، حيث راهن على الحفاظ على علاقات القوية والاستراتيجية مع واشنطن وكذا علاقاته المتطورة مع موسكو.

 

لماذا اختارت الرباط تجاهل الهجوم الايراني على إسرائيل؟، سؤال يفتح باب علامات استفهام كثيرة. فالعلاقات المغربية الإسرائيلة، القائمة منذ 2020، عام التطبيع أو الاستئناف. يرى محمد طلحة أستاذ العلاقات الدولية أن مسار العلاقات اتخذ التعاون العسكري أكثر منه سياسي، حيث بدا وأنه استراتيجي وتقني، وأبان المغرب منذ البداية في تدبير ملف تعاونه العسكري مع تل أبيب من خلال فصل بناء علاقات إدارة دفاعه مع الجيش الإسرائيلي وتدبير استئناف علاقاته السياسية والدبلوماسية مع السلطات الإسرائيلية، باعتبار أن مرحلة الاستئناف السياسي للعلاقات بين البلدين شابها بعض الفتور الدبلوماسي في البداية، ولكن جانب التعاون العسكري ظل مستمرًا وحافظ على خطه التصاعدي في تنزيل خريطة التعاون الدفاعي والصناعة الحربية بينهما.

 

وقبل حرب أكتوبر، كان مسار التعاون الدفاعي بين الرباط وتل أبيب يسير في “منحى متصاعد”، ترسمه صفقات عسكرية على “أعلى مستوى”، أهمها الطائرات المسيرة، وأنظمة الدفاع الجوي، وأخبار حول دبابات “ميركافا”، وأيضا مصنعين للطائرات المسيرة عالية الدقة. لكن في المقابل هناك سياسة تنويع الشركاء العسكريين التي تنهجها القوات المسلحة الملكية، والتي تتيح لها تغييب احتمال التأثر من غياب منابع السلاح التقليدية.

 

 

وأضاف في حديثه ل”الأيام 24” أنه رغم إعلان إسرائيل دعمها لمغربية الصحراء، لم يرق بعلاقات الجانبين إلى مستوى التطبيع الدبلوماسي والاقتصادي الذي يجر معه قاطرة المجتمع. في المقابل قررت الرباط قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران على خلفية صلة حزب الله اللبناني بجبهة البوليساريو، حيث سبق لناصر بوريطة وزير الخارجية أن طلب من السفير الإيراني المغادرة بعد حصولها على معلومات كشفت دعما ماليا ولوجستيا وعسكريا قدمه الحزب للجبهة.

 

علاقات بين مد وجزر

 

ومنذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي عمل على تقوية العلاقة الدبلوماسية مع طهران قبل الثورة الإسلامية سنة 1979، عاشت العلاقات المغربية الإيرانية، على إيقاع حالة من المد والجزر. حيث قطع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع ايران، سنة 1981 بعد إعلان إيران دعمها للبوليساريو. فيما منحت الرباط، مقابل ذلك حق اللجوء السياسي لشاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي.

 

 

وعادت المياه إلى مجاريها بين الرباط وطهران، بعد عشر سنوات، عبر افتتاح السفارة الإيرانية بالرباط بشكل رسمي، وذلك بعد تراجع طهران عن الاعتراف بـ”الجمهورية الصحراوية” التي تود البوليساريو إنشاءها.

 

 

استمرت العلاقات بين البلدين لمدة 18 سنة، وإثر دعم إيران لجبهة البوليساريو، قرر المغرب قطع العلاقات في سنة 2009، ليُعيدها سنة 2015، ويقطعها سنة 2018، لنفس الأسباب.

 

طهران والرباط والرياض

 

المحلل السياسي يرى أن إيران ذات التأثير المحوري في حلف موسكو والصين، أرسلت مؤخرا إشارات ود دبلوماسي تجاه الرباط، ما يؤكد التحول في علاقات طهرلن بمحيطها العربي، من خلال “مصالحتها” المعلنة مع المملكة العربية السعودية، وكف أذرعها في اليمن، عن الهجوم على الارضي السعودية، بالإضافة إلى المصالحة الخليجية بين قطر القريبة من ايران مع جيرانها خاصة الرياض.

 

وكقراءة سياسية، يوضح المتحدث أن إيران أظهرة قدرة على إبراز نفسها كنموذج ناضج عسكريا وسياسيا للتعامل مع إسرائيل ومع حلفائها الغربيين في المنطقة،

 

 

وتابع أن طهران كذلك كشفت صورتها كقوة توازن، تصنع فعلها وردود فعلها وفق القواعد الإتفاقية للاشتباك و بدون مباغتة، وتميز نفسها عن باقي الحركات المقاتلة للاحتلال الاسرائيلي وعلى رأسها حركة حماس.

 

 

 

 

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق