لماذا تدعم جنوب إفريقيا “البوليساريو” وتستعدي المغرب؟

يبدو أنه لا نية لجنوب إفريقيا بالكف عن ممارسة استفزازاتها تجاه المغرب واستهداف مصالحه والمس بسيادته الترابية على أقاليمه، من خلال دعم أطروحة الانفصال، والاصطفاف إلى جانب النظام العسكري الجزائري بهدف محاولة تجميل وجه كيان وهمي لا مستقبل له، أمام دول القارة خاصة، ودول العالم بشكل عام.

 

آخر الحركات الاستفزازية التي قامت به بريتوريا في إطار نهجها لسياسة استعداء واضحة المعالم تجاه المملكة، تمثلت في دعوة زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، من أجل المشاركة في قمة “بريكس إفريقيا”، المنعقدة الخميس، بدعوة خاصة منها، باعتبارها البلد المحتضن، وهو ما يُؤكد صحة الاتهام الذي وجهته الرباط لجنوب إفريقيا، قبل أيام، بكون بريتوريا تتخذ مبادرات فردية أحادية الجانب.

 

وكان المغرب قد أعلن رفضه المشاركة في هذه القمة، لكون أن الدعوة الموجهة إليه للمشاركة فيها، هي دعوة صادرة عن البلد المحتضن المعروف بعدائه للمغرب في قضية الصحراء، ولم تكن الدعوة صادرة عن مجموعة “بريكس” التي تضم عدد من البلدان التي تتميز بعلاقات جيدة مع المغرب، كالبرازيل والصين والهند.

 

وفي الوقت الذي تتجه فيه دول العالم نحو التكتل والوحدة بدل الانقسام والتشرذم، تصر جنوب إفريقيا على المضي في نفس النهج بدعم الحركات الانفصالية عبر العالم، بما فيها البوليساريو، الأمر الذي يترك الباب مفتوحا أمام سؤال المصلحة التي تجنيها بريتوريا من الوقوف في صف انفصاليي تندوف ضدا على مصالح المغرب ووحدته الترابية.

 

توجس من منافسة

 

يرى محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن “إصرار النظام الجنوب إفريقي على استحضار قضية الصحراء في مختلف المحافل الدولية يأتي في سياق تبنيه لمواقف معادية للمغرب من منطلق توجسه من الأدوار المتصاعدة للمملكة على مستوى القارة الإفريقية، خاصة منذ أن قطع المغرب مع سياسة الكرسي الشاغر وعودته بقوة للحضن الإفريقي”.

 

وأضاف عبد الفتاح في حديث لـ”الأيام24″، أن “جنوب إفريقيا تنظر للمغرب على أنه المنافس الأبرز لها على مستوى النفوذ والحضور القاري، باعتبار الاستثمارات والشراكات الاستراتيجية الكبرى التي يؤسس لها المغرب في مختلف بلدان القارة الإفريقية، بما في ذلك بعض البلدان التي كانت محسوبة على النفوذ الجنوب إفريقي، كبعض البلدان الأنغلوسكسونية في جنوب وشرق القارة”.

 

وأكد المتحدث أن “المغرب تمكن من اختراق المعسكر الداعم للانفصال الذي تقوده الجزائر وجنوب إفريقيا، والذي كان يضم كلا من نيجيريا وأنغولا وكينيا، حيث تمكنت المملكة من تحييد مواقف عديد البلدان الوازنة داخل محور بريتوريا- أبوجا- الجزائر سابقا”.

 

وأشار عبد الفتاح أن المملكة “استطاعت أيضا أن تؤثر في موقف نيجيريا بوزنها الاقتصادي والديمغرافي الهام، من خلال الشراكة المتعلقة بمشروع أنبوب الغاز النيجيري- المغربي، كما أثرت في موقف أنغولا من خلال الشراكة المتعلقة بالبلدان الإفريقية الأطلسية التي احتصنتها الرباط، فضلا عن كينيا وعديد البلدان الأخرى، التي باتت تعترف بالسيادة المغربية أو تبدي تأييدها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، أو على الأقل تلتزم الحياد”.

 

كسر الهيمنة

 

وتابع عبد الفتاح: “كما أن المغرب بات هو المستثمر الثاني على مستوى القارة الإفريقية، عبر عديد الشراكات الاستراتيجية التي يدشنها مع مختلف بلدان القارة، والتي تهم قطاعات صناعة الأسمدة، الانعاش العقاري، الاتصالات، البنوك، التأمينات، خدمات الطيران…، وغيرها من المجالات الواعدة والحساسة”، معتبرا أن “هذا الأمر بات يكسر هيمنة جنوب إفريقيا على قرار بعض البلدان الإفريقية ويؤهلها لاستقلالية قرارها السيادي الخارجي، والتحرر من الارتهان الإقتصادي لدى المعسكر المعادي للمغرب. وهو ما دفع بجنوب إفريقيا إلى محاولة عرقلة النفوذ المغربي المتصاعد على مستوى القارة”.

 

“لقد بدا النظام الجنوب الإفريقي عاجزا عن استعادة المملكة لأدوارها الريادية في منظمة الاتحاد الإفريقي”، يقول عبد الفتاح، مردفا بالقول: “حيث تبوأت الرباط المهام القيادية، بما في ذلك عضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي، واحتضان مختلف الفعاليات الدولية والإقليمية، الأمر الذي أنهى الوصاية التي كان يعكف عليها محور بريتوريا- الجزائر على المنظمة القارية الإفريقية”.

 

وخلص رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في ختام حديثه، إلى التأكيد على أن الوضع العام الداخلي المتعلق بوضع الجبهة الداخلية المتأزم للنظام الجنوب إفريقي يبقى مؤثرا، حيث يوظف الرئيس سيريل رامافوسا، العداء مع المغرب، لأجل تصدير أزماته الداخلية المتعلقة بتراجع شعبية الحزب الحاكم، والانقسامات والصراعات داخل حزب المؤتمر الإفريقي، على وقع فضائح الاختلاسات والفساد التي تلاحق كبار السياسيين الجنوب إفريقيين وفي مقدمتهم الرئيس سيريل رامافوسا نفسه”.

مقالات مرتبطة :
تعليقات الزوار
  1. عبد الحكيم فارس

    جنوب افريقيا تريد ان تكون الدولة رقم واحد في افريقيا وترى في المغرب المنافس الذي ينفسها في افريقيا لهذا فهي تقوم بمناصرة البوليساريو عدو المغرب اللدود

اترك تعليق