النساء في حكومة أخنوش.. أي حصيلة للقطاعات التي تُسيرها؟

بالرغم من حصول عدد من النساء في حكومة عزيز أخنوش الراهنة، على حقائب وزارية تُعتبر إستراتيجية، من قبيل الإسكان والسياحة والطاقة والأسرة وإصلاح الإدارة، ناهيك عن حقيبة الاقتصاد والمالية التي تم إسنادها، لأول مرة في تاريخ المغرب لامرأة؛ إلا أنه وبالتزامن مع الحديث عن التعديل الحكومي المرتقب، تصدّر الحديث عن حصيلة النساء داخل الحكومة سطح النقاش العمومي، وعن مدى وضعهن لبصمة مشاركتهن الحكومية.

 

وفي ظل النقاش الراهن عن تعديل حكومي مُرتقب، يُطالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بين الفينة والأخرى، برحيل عدد من الوزراء، إثر “صمتهم” عن ما يقع في جُملة من القطاعات التي يُشرفون على تسييرها، مثل المطالبة بإقالة وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، عقب ارتفاع أسعار المحروقات، معتبرين أن “تصريحاتها المتضاربة وعدم قدرتها على اتخاذ قرارات خلال الأزمة دليل على ضعفها، رغم سيرتها الذاتية التي عبر الكثيرون عن إعجابهم بها بعد توليها الحقيبة الوزارية”.

 

كذلك، فإنه بالتزامن مع حلول فصل الصيف، وما عايشه عدد من المواطنين من ارتفاع الأسعار في المدن السياحية، فضلا عن ما اعتبروه “ضعفا في التشجيع على السياحة الداخلية” طالب جُملة من رواد التواصل الاجتماعي، بإقالة وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

 

الحضور العددي خادع

 

وفي هذا السياق، قالت مريم ابليل، باحثة في القانون الدستوري والعلوم السياسية، إنه “من ناحية العدد يُعتبر التواجد النسائي في حكومة عزيز أخنوش وازن، وسباق! إلا أنه لم يصل إلى الثلث، والدستور يتحدث عن السعي نحو المناصفة، أما فيما يخص القطاعات التي أسندت لهن، فقد اعتبرها الكثيرون في بداية تشكيل الحكومة بالحقائب الوزارة الوازنة والمؤثرة”.

 

“إلا أنه ما لبث أن بدأت الممارسة السياسية إلا وظهرت عدد من الملاحظات أبرزها كان خلال نقاش مشروع قانون مالية 2022 في البرلمان، بحيث لوحظ التواجد الخافت لوزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتحي العلوي، مقابل حضور السيد فوزي لقجع الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية” توضح ابليل في حديثها لـ”الأيام 24″ مشيرة أنه “لا يمكننا قياس مدى انحياز حكومة أخنوش للقضية النسائية وهمومها، إلا بتعبيرات تشريعية، وسياسات عمومية تروم خدمة القضايا النسائية، وليس فقط التواجد العددي”.

 

تضيف المحللة السياسية، أن “التواجد العددي قد يكون خادع في كثير من الأحيان، فمثلا التواجد النسائي الآن بمجلس النواب هو الأعلى في تاريخ المغرب، لكن ما إذا دققنا فيه، لا نجد سوى 6 نساء فقط من استطعن الوصول عبر اللوائح المحلية، وواحدة فقط من استطاعت العودة مجددا من نائبات الولاية السابقة” مردفة “لذا، أعتبر أن التواجد العددي عنصر، لكن ليس عنصر أساسي”.

 

“الأساسي لتحقيق روح الفصل 19 من الدستور هو إيمان السياسي بقدرات النساء في الممارسة السياسية” تختم ابليل حديثها لـ”الأيام 24″ مؤكدة على أن “تشريع القوانين تنص على المناصفة بشكل واضح، بالإضافة إلى تنزيل سياسات عمومية تروم معالجة الهموم النسائية التي تثقل المجتمع وتمنع تطوره”.

 

جدير بالذكر، أن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، قد اعتبرت في تقرير حول وضعية المرأة بالمغرب صدر بمناسبة 8 مارس المُنصرم أنه “بالرغم من توفر تدابير وإجراءات داعمة للمشاركة النسائية في مجال التدبير السياسي ترابيا ووطنيا، إلا أن تمثيلية النساء في البرلمان والجماعات والغرف المهنية لم تبلغ الحد الأدنى الذي يمكن النساء من التأثير في السياسات العمومية” مسجّلة إثر ذلك “تعثرا في تنفيذ استراتيجيات النهوض بحقوق النساء وقصورا في آليات تمكينهن، وبطء في إخراج النصوص القانونية لدستور 2011 ومنها هيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز، ،وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى هدر الزمان السياسي”.

 

مشاركة وازنة بأداء باهت

 

حسن بلوان، محلل سياسي وباحث في العلاقات الدولية، وصف مشاركة المرأة في الحكومة الحالية بـ”الوازنة” مبرزا أن “أهم مميزاتها وحسناتها إلى جانب سرعة تشكيلها وتقليص أغلبيتها في ثلاثة أحزاب، لكن بعد ما يقارب عام على هذا التشكيل، طفى على السطح الحضور الباهت لأداء الوزيرات داخل التشكيل الحكومي، خاصة وأنه لأول مرة تتولى فيها نساء وزارات مهمة كالمالية والطاقة والسكنى والسياحة بالإضافة إلى إصلاح الإدارة”.

 

“مع استثناءات قليلة لم تظهر بصمة المشاركة النسوية في التدبير العمومي، بلإضافة إلى مراكمة الأخطاء، والفشل الذريع في التواصل والانسجام القطاعي البيني أو النفاذ إلى هموم المواطن المغربي الذي يعيش ظروفا صعبة تتطلب إنصاتا حكوميا دائما” يوضح المحلل السياسي في حديثه لـ”الأيام 24″.

 

وبسط بلوان، ما نعته بارتفاع “حدة النقاش مؤخرا حول مساهمة المرأة في الحكومة” في عاملين اثنين، يتعلق الأول بـ”الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش الذي أفرد حيزا مهما للمرأة المغربية، بصفة عامة والدعوة إلى تحديث الآليات للوصول نحو المناصفة كما جاءت في دستور 2011″ فيما أشار أن العامل الثاني يتعلق بـ”الحديث المتواتر عن تعديل حكومي مرتقب ووشيك، فتم تسليط سهام النقد على أداء الوزيرات الباهت، بل هناك من رشح جلهم لمغادرة سفينة الحكومة”.

 

وختم بلوان حديثه لـ”الأيام 24″ معتقدا أن “النقاش الأساسي يجب أن ينصب على دينامية مشاركة المرأة في الحياة السياسية بصفة عامة، سواء في الحكومة أو البرلمان أو المجالس المنتخبة منذ سنة 2002” مردفا “صحيح أن جميع القوانين التنظيمية والانتخابية والمتعلقة بالأحزاب، أكدت كلها على المشاركة الفعالة للمرأة بنسبة لا تقل عن الثلث في أفق تحقيق المناصفة الفعلية كما جاءت في دستور 2011 وكما صادق عليها المغرب في الاتفاقيات الدولية، لكن تبقى هذه المشاركة لا زالت تخضع لمنطق التأثيث أو الولاءات الحزبية والقبلية والعائلية مما يؤثر بشكل مباشر على أداء المرأة داخل مؤسسات التدبير العمومي، وقد ظهر ذلك جليا في الحكومة الحالية لأسباب موضوعية وأسباب أخرى مرتبطة بالقصور الذاتي”.

مقالات مرتبطة :
تعليقات الزوار
  1. إدريس الشرقاوي

    السيدة فتاح العلوي كفاءة كبرى وامرأة بألف رجل
    انتهى الكلام

اترك تعليق