تواصل غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء عقد جلساتها الماراثونية في إطار مواصلة الاستماع إلى الشهود والمصرحين على خلفية الملف المعروف إعلاميا بـ”قضية إسكوبار الصحراء”، والذي يتابع على خلفيته كل من القياديين السابقين في حزب الأصالة والمعاصرة سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي إلى جانب متهمين آخرين.
وخلال جلسة اليوم، أعادت الهيئة استدعاء شاهدين، هما كريم عياد، وفاطمة، إلى جانب الاستماع إلى عبد الإله حركة، صهر سعيد الناصري، الذي أدى اليمين القانونية أمام المحكمة قبل الإدلاء بأقواله.
وأوضح الشاهد أن مهمته كانت تقتصر على الإشراف الإداري وتسيير المستخدمين داخل المركب الرياضي، دون أن تكون له علاقة مباشرة بالنادي أو بتدبيره المالي، قائلا “لم أكن أتقاضى أجرا ثابتا، وكان سعيد الناصري يمنحني مبالغ نقدية متفاوتة تتراوح بين 2000 و4000 درهم، بشكل غير منتظم، وكان يسلمها لي شخصيا في منزله”، مضيفا أنه لم يكن يتلقى راتبه من النادي نفسه.
وتطرق القاضي خلال الجلسة إلى موضوع السيارات النفعية الموجودة داخل مركب بنجلون، والتي يؤكد المتهم الرئيسي في الملف، الحاج إبراهيم الملقب بـ“إسكوبار الصحراء”، أنها كانت في ملكيته الخاصة، غير أنه لم يتمكن من الحصول على شهادة المطابقة القانونية لها، فقام بتركها لدى سعيد الناصري الذي أبقاها داخل المركب الرياضي.
وخلال استنطاقه، سأل القاضي الشاهد “عبد الإله.ح” عن نوع هذه السيارات، فأجاب بأنها من طراز “كيا” و”هيونداي”، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا يعرف المالك الحقيقي لها، غير أنه، حين تم عرض صور السيارات على شاشة داخل القاعة، أنكر معرفته بها تماما، ما دفع القاضي إلى مواجهته بالسؤال: “هل كذبت عليك الضابطة القضائية؟”، ليجيبه الشاهد بتردد: “الله أعلم” ليذكّره القاضي قائلا: “لقد أديت اليمين، فانتبه لعواقب شهادة الزور”.
وفي ما يتعلق بألوان السيارات، أفاد الشاهد، بأنها تتعدد بين الأحمر والرمادي والأبيض، في حين سبق له أن صرح أمام قاضي التحقيق بأنها كلها بيضاء، ليستوقفه القاضي متسائلا: “هل نسيت ذلك؟ ولماذا لم تخبر قاضي التحقيق بهذه الألوان؟”، قبل أن يضيف قائلا: “تصريحاتك متناقضة بين الشرطة والتحقيق والمحكمة”، ليكتفي الشاهد بالرد: “أنا أقول الحقيقة”.
ووفق ما ورد في محاضر الشرطة، فإن “إسكوبار الصحراء” يؤكد أن السيارة في ملكيته وأنه تركها لدى الناصري، مضيفا أن هذا الأخير أمر صهره بالتخلص منها بعد علمه بفتح تحقيق في القضية، غير أن الشاهد نفى هذه المعطيات جملة وتفصيلا، مؤكدا أنه يجهل مالك السيارة، مضيفا أنه لم يسبق له أن رأى بطاقتها الرمادية، وهو ما أثار استغراب القاضي الذي تساءل بدهشة: “كيف ذلك؟”.
وخلال الجلسة، صرح الشاهد أنه كان ضابطا في جهاز القوات المساعدة، موضحا أنه التحق بالجهاز سنة 1976 بشهادة التعليم الابتدائي، وتدرج في الرتب إلى أن وصل إلى رتبة ضابط قبل أن يُحال على التقاعد سنة 2012.
وخلال عرض صور عدد من السيارات النفعية على شاشة القاعة، أوضح الشاهد أنه بالفعل عاين سيارات من نوع “كيا” و“هونداي”، بعضها مكشوف والآخر مغطى بالكامل، لكنه أكد أنه لا يعلم مصدرها أو مالكها الحقيقي، قائلاً: “الله أعلم، إن كانت الشرطة القضائية قد أخطأت أو كذبت عليّ، لكني أديت اليمين وأقسم أن أقول الحق”.
وبشأن أقواله السابقة أمام الضابطة القضائية، والتي ورد فيها أنه تلقى اتصالا من الناصري لاستقبال ثلاثة ميكانيكيين بهدف تشغيل ست سيارات نفعية، نفى الشاهد علمه بالموضوع، مشيرا إلى أنه لم يكن حاضرا في تلك اللحظة، مؤكدا ما ورد في تصريحاته أمام قاضي التحقيق بخصوص أن الشخص الذي كان يتكلف بأداء تأمين تلك السيارات هو مستخدم يدعى “عبد الحق أ”.
وفي سياق آخر، وبخصوص فيلا “كاليفورنيا” التي يتهم “إسكوبار الصحراء” سعيد الناصري بالنصب عليه فيها، أكد الشاهد أنه لم يسبق له أن زارها، مكتفياً بالقول إنه “سمع عنها فقط”.
وخلال تعقيبه على شهادة صهره، قال سعيد الناصري إن الشاهد لم يكن حاضراً خلال الوقائع موضوع المتابعة، مذكرا بأن ارتباطه به بدأ سنة 2018، في حين أن الأحداث موضوع القضية تعود إلى الفترة ما بين 2013 و2016.
وأضاف الناصري قائلا: “لم أنكر أن السيارات كانت متواجدة في نادي الوداد، لكنني لست الشخص الذي أحضرها، ويمكن الرجوع إلى تسجيلات الكاميرات للتأكد من ذلك.”
وقررت المحكمة تأجيل النظر في القضية إلى غاية يوم الخميس المقبل لاستكمال الاستماع إلى باقي الشهود ومواجهتهم مع المتهمين لاجلاء الحقائق وتحقيق العدالة وفك لغز هذا الملف المتشعب.