الغرف المهنية بين الماضي المشرق والحاضر المرهق.. جهة طنجة تطوان الحسيمة نموذجا

 

بقلم: مصطفي بن عبد الغفور، مستشار بغرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة طنجة تطوان الحسيمة.

 

بعد مرور أكثر من أربع سنوات من تجربة تدبير شؤون الغرفة الجهوية للتجارة والصناعة والخدمات لجهة طنجة تطوان الحسيمة برئاسة السيد أفيلال أثبتت الممارسة الميدانية أن الرجل يعاني من نقص حاد في المهارات التدبيرية والتنظيمية والتواصلية اللازمة لتحمل مسؤولية تدبير وتسيير شؤون غرفة جهوية لجهة تعتبر ثاني قطب اقتصادي للمملكة.

 

وتتجلى مكامن العجز في فوضي وارتجالية برمجة الأنشطة وتحديد الأولويات، وتراكم المهام في يد الرئاسة وعدم تقاسم بعضها مع نوابه وأعضاء مكتبه المسير الشيء الذي نتج عنه تأخر في القرارات وانتظار انعقاد اللقاءات الشهرية للمكتب (المسير) غير المستقر على آجال ولا يوم ولا تاريخ ولا مدينة محددة، كل شهر أنت وزهرك حسب الحال، ضعف بين وتراكمي على مستوى التواصل الداخلي.

 

ولعل الاجتماع الشهري المنعقد الخميس 28 غشت الماضي بمدينة تطوان خير شاهد حيث عقد الرئيس اجتماع مكتبه الشهري بعضوين في غياب تام لباقي أعضاء المكتب وكل اجتماعات المكتب لاتتجاوز نصف الحضور، أربعة أو خمسة من أصل تسعة في معظم اجتماعاتها وطبعا السبب الرئيسي هو انعدام التنسيق المسبق وضعف التواصل الداخلي بين الرئيس وأعضاء مكتبه وعدم الحرص أو الرغبة في حضور على الأقل البعض منهم تجنبا لحريق الراس وتسجيل الملاحظات وتقديم بعض الانتقادات لرجل “مبقالو خاطر” لتقبل النقد أو الاستماع لأي ملاحظة وأصبح يعتمد بشكل كلي ومطلق في تدبير شؤون الغرفة على الطاقم الإداري الذي يعتبر الجهاز التنفيذي وليس التقريري طبقا للقانون الأساسي للغرف.

 

وإذا كان هذا يقع مع المكتب الذي لا يتجاوز عدده تسعة أشخاص، فلكم أن تتخيلوت وتقدروا حجم وطبيعة التواصل الممكن مع باقي أعضاء الغرفة والذي يتكون مجلسها الإداري من 97 مستشارا ومستشارة وأربع ملحقات وثمان أقاليم إضافة إلى اللجن الاستشارية والأقطاب.

 

إن معضلة التواصل الداخلي والخارجي ليست مجرد مسألة شخصية بل انعكست آثارها السلبية على المؤسسة ومكانتها وموقعها حتي أصبحت مهددة في وجودها في مخيلة وذاكرة المهنيين والرابطات التجارية وعموم المنتسبين الذين لم يعد لهم من ارتباط بالغرفة سوى قضاء الأمور الإدارية من بطاقة مهنية، شهادة تصريح ضريبي وغيرها من الضروريات الإجبارية ناهيك عن أجواء العمل ومعنويات الأطر الإدارية والمستشارين المنتمين لهذه الغرفة المهجورة مهنيا وتمثيليا
وتتجلي بعض مظاهر العجز في الفوضى التنظيمية وغياب نظام واضح لتدبير الملفات والقضايا وتتبع المشاريع المزعومة و الشراكات الورقية الموقعة.

 

عدم التفاعل مع طلبات استقبال المهنيين المقدمة من قبل رؤساء الجمعيات والرابطات التجارية وخصوصا المنتمية لطنجة وعدم برمجة أي مواعيد لاستقبالهم أو التفاعل مع مراسلاتهم مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالمنتخبين المهنيين وضياع مكانة الغرفة وتأخيرها عن الركب ومسايرة الأحداث.

 

امتناع الغرفة عن توطين الجمعيات والرابطات التجارية بالغرفة أسوة بجميع غرف المغرب، الامتناع عن منح قاعات الاجتماعات وتنظيم انشطة مهنية للجمعيات والرابطات ومصادرة حقوق المهنيين من الاستفادة من القاعة العمومية ضدا على القانون واستعمال للسلطة في غير محلها لتصفية الحسابات مع كل صاحب رأي من أعضاء الغرفة غير الموالين لسياسته الارتجالية والعشوائية
عجز كلي وسوء تقدير في سلم الالويات الاهم فالمهم وعدم القدرة على مواكبة قضايا المهنيين العاجلة والانية باصنافها الثلاث تجارة- صناعة- خدمات.

 

وبالمقابل وجب الإقرار والاعتراف للرجل بأن الغرفة في عهده نجحت بشكل كبير في تعميق الانقسام المهني والاجهاز الكلي على شيء اسمه الدور التمثيلي وبامتياز وتفوق واستطاع القضاء الكلي على كل المكتسبات والتراكم التاريخي المحقق عبر سنوات من العطاء والترافع.

 

وتميزت الفترة الانتدابية الحالية برئاسة أفيلال بتراكم الفشل في القيام بالأداور المنوطة بها كغرفة جهوية مطلة على الضفة الأخرى وعلى مسافة رؤية العين من أوروبا وبنايته الغرفة بطنجة مركز الجهة على مسافة اقرب لبناية الغرفة الإسبانية وترى وتشاهد كيف تشتغل تلك الغرفة ومكانتها في الوسط الاقتصادي والمهني ووسط رجال المال والاعمال بامكانية ذاتية وبأطر يعدون على أصابع اليد الواحدة.

 

 

والمضحك المبكي أن البعض من المطلبين استطاعو إقناعه بأن يقتحم مجال المنافسة على رئاسة “لاسكام” أي الغرف المطلقة على البحر الأبيض المتوسط في الوقت الذي تثبت الوقائع كلها عجزه المطلق على تدبير شؤون غرفة جهوية والتي تحولت في عهده إلى ديل الترتيب على مستوى الغرف الجهوية.

 

أفيلال الذي لم يقم من موقع كرسي الرئاسة بأي عمل أو دور يستهدف مصالح فئة التجار أو الصناع أو الخدماتيين خلال اربع سنوات من التدبير والمسؤولية سوى الانشطة الموسمية التي يمكن لأي جمعية صغيرة القيام بها في بداية مشوارها قبل أن تطور عملها وتصبح تشغل على البرامج والمشاريع والتكوينات الهادفة ولعل النماذج أكثر من أن تحصي أو تعد ويترأسونها أعضاء ينتمون لنفس الجهة ونفس المؤسسة، علما أن الغرفة تتوفر على طاقم إداري كفئ وذو خبرة وتجربة ميدانية كبيرة واستطاع أن يحقق وينفذ إنجازات كبري بمعية المكاتب و الرؤساء السابقين، ويتواجد بها مستشارين ومستشارات ذوو خبرة ميدانية واسعة وكفاءات ذات تميز في الوسط المهني وفي كل المجالات وبعضهم يترأسون تنظيمات وجمعيات جهوية ووطنية ودولية وأسماء وازنة في عالم الاقتصاد والمال والاعمال وقطاع المقاولة الصغرى والمتوسطة والقطاع السياحي وغيره من القطاعات والمجالات الحيوية كل ذلك فشلت الغرفة فشل ذريع وعجز الرئيس المطلق في استثماره والاستفادة من تلك الخبرات المتواجدة معه بنفس البناية وضمن تركيبة الجمعية العامة وجعلها قوة وإسناد في إنجاح فترته الانتدابية وتسجيل اسمه ضمن قائمة الرؤساء الذين تركوا بصمة قوية في مسارهم الانتدابي داخل مؤسسة انتخابية ذات فترة انتدابية محدودة.

 

الغرفة خلافا لما تدبج به تقاريرها السنوية وحصيلة أداء أنشطتها الورقية والتي في عمومها أنشطة وحصيلة، ليس للغرفة في عمومها أو أكثرها إلا اللوغو والكلمة الافتتاحية واحتضان انشطة كقاعة ضيافة،الأمر الذي يجعل الفجوة كبيرة وتتوسع باستمرار بين ما يتخيله وتعتبره الرئيس إنجازات افتراضية وبين ما يفترض أن ينجز على أرض الواقع من برامج مسطرة وميزانيات مصادق عليها من طرف الجمعية العامة كأعلى سلطة تقريرية الأمر الذي يجعل ما يناقشه ويطرحه أعضاء الغرفة في الجمعيات العامة في واد والرئيس ومواضيعه وجدول أعماله في واد آخر…

 

فالأعضاء يطالبون الغرفة بالقيام بالدور التمثيلي والترافعي وبأن تكون قوة اقتراحية حقيقية في معالجة القضايا المهنية التي تعاني منها أقاليم الجهة، بينما الرئيس يأتي بمجموعة من الشراكات الشكلية الورقية البعيدة عن مهام واختصاصات الغرفة التى تبقى حبرا على ورق في معظمها لأنها لا تخدم المهنيين ولا ترتبط بمصالحهم القطاعية الأمر الذي يعمق من معاناة المستشارين والقيام بواجبهم تجاه الهيئة الناخبة من عموم المنتسبين للغرفة ثمة فجوة واسعة تتسرب منها أصناف من المعاناة التي يعيشها أعضاء الغرفة ورؤساء اللجن بشكل دورى أقلها عدم فتح المجال للقيام بواجبهم التمثيلي من خلال اللجن الاستشارية والمساهمة في تقديم المقترحات ومساعدة المكتب في معالجة القضايا الراهنة وتوسيع الاستشارة بين الأعضاء في الأصناف الثلاث غير أن ذلك كله لا يتم رفع الحظر عنه استثناء إلا مع اقتراب موعد انعقاد الجمعية العامة حينئذ تتحرك الهواتف الذكية وترفع الحواجز مع سيولة في الوعود والتزامات الشفهية بهدف ضمان حضور الأغلبية وتوفير النصاب القانوني المطلوب للسماح بعقد الدورة وتنتهي تلك الوعود والتزامات وينتهي معها كل شيء مع وجبة الغداء الشهية وحفلة شاي الغنية بالسكريات والحلويات والسلام ولتعود الغرفة إلى عادتها القديمة وكل دورة وكل سنة والجميع بخير وعلى خير وإلى الملتقى في دورة ثانية خلال هده السنة يوم 28 أكتوبر بمدينة الحسيمة قلعة النضال وحاضنة الرجال وقطب تصحيح مسار الغرفة في ما تبقي من العمر الانتدابي لهده المؤسسة غير المحظوظة.

 

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق