تزايدت مؤخرا وتيرة شراكات الجزائر مع المؤسسات الأمريكية العملاقة في مجال الطاقة، بهدف تحقيق مزيد من الاكتشافات النفطية والغازية في الصحراء وفي سواحل البلاد.
وفي هذا الإطار، استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وفدا عن شركة شيفرون الأمريكية، بمقر رئاسة الجمهورية، الأسبوع الماضي، إضافة إلى إعلان “سوناطراك” الجزائرية شهر يناير الماضي، عن توقيع اتفاق مع شركة “شيفرون”، لإنجاز دراسة حول إمكانات موارد المحروقات في المناطق البحرية الجزائرية.
كما وقعت شركة “سوناطراك” مذكرتي تفاهم مع وشركة “أوكسيدنتال بتروليوم كوربوريشن” الأمريكية، مؤخرا على هامش المنتدى الجزائري الأمريكي للطاقة 2025، بهدف تعزيز وتوسيع تعاونهما في مجال استكشاف وانتاج المحروقات في الجزائر.
هذه التحركات الجزائرية، عدّها متتبعون محاولة لتقديم “قربان الريع الاقتصادي والطاقي” مقابل استمالة مواقف أمريكية مستقبلية داعمة للنظام العسكري لاسيما فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.
وفي تعليقه على هذه المقاربة الجديدة للجزائر، قال محمد بنطلحة الدكالي أستاذ علم السياسة والسياسات العامة بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن “هناك توجه سياسي جديد للنظام العسكري الجزائري يهدف إلى التقرب من الولايات المتحدة الأمريكية بأية وسيلة”.
وأضاف بنطلحة الدكالي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن صبري بوقادوم سفير الجزائر بالولايات المتحدة الأمريكية أفصح لصحيفة “defensescoop” الأمريكية، عن آفاق هذه العلاقات حين قال إن “السماء هي الحد”.
وتابع أن هذا يؤكد مدى الهوس الجزائري، خاصة أن السفير ذاته صرّح لنفس الصحيفة بأن “الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يؤمن بالصفقات، لذا سنحاول إظهار فوائد التعاون مع الجزائر”، مؤكدا أن “الجزائر مستعدة للتحدث مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن مواردها المعدنية الوفيرة والحيوية التي تحظى بطلب عالمي”.
وسجل بنطلحة الدكالي، أنه “مباشرة بعد تنصيب ترامب رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية، سارعت الجزائر إلى توقيع اتفاقيتين عسكرية واستثمارية مع واشنطن، بل إن الجزائر أظهرت كامل استعدادها لمقايضة كل البلاد طولا وعرضا حد السماء لكي تنال رضا البيت الأبيض الأمريكي”.
ولاحظ بنطلحة الدكالي، أن تصريحات السفير الجزائري تزامنت مع حضور وفد من شركة شيفرون البترولية العملاقة للجزائر لمواصلة مفاوضات استغلال رقع نفطية في صحراء الجزائر، علما أن نفس الشركة الأمريكية كانت قد وقعت قبل ذلك اتفاقية مع السلطات الجزائرية لاستكشاف مناطق نفطية على طول الساحل الجزائري المطل على البحر المتوسط.
واعتبر بنطلحة الدكالي، أن السفير الجزائري بواشنطن نصّب نفسه “سمسارا” للنظام العسكري في بلاد العام سام، مضيفا أنه “يقايض ثروات الجزائر بشكل منبطح في سبيل تعميق العلاقات الأمنية والعسكرية لبلاده مع الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأشار إلى أن السفير المذكور “لا ينفك يُروج عبر وسائل الإعلام الأمريكية وبكل السبل والإشارات والإيحاءات بأن بلاده تزخر بإمكانات اقتصادية هائلة، حيث يصرح بأن بلاده تعد أكبر دولة في إفريقيا والعالم العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط وأنها تمتلك موارد طبيعية غنية وسوقا واعدة”.
ويرى بنطلحة، أن “الدبلوماسية الجزائرية ومع إفلاس أطروحاتها وفشل مخططاتها، باتت تعرض ريعا اقتصاديا وطاقيا لاستمالة الموقف الأمريكي”، مبينا أن “كل ما في الجزائر أصبح قابلا للبيع في سوق بورصة السياسة طالما أن هدفها هو استمالة الموقف الأمريكي خاصة ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية”.
وخلص بنطلحة الدكالي، إلى أن “النظام العسكري الجزائري أدار بوصلته نحو إدارة ترامب آملا في الحصول على مظلة دبلوماسية ودعم أمريكي، متناسيا أن صناعة القرار في دولة المؤسسات تخضع لاعتبارات جيوسياسية أولى شروطها أن الاستثمار الآمن يتطلب بيئة حاضنة للاستثمار والاستقرار والسلم الاجتماعي والديمقراطية، وليس وضعا هشا يُنذر بكثير من الرجات والهزات والانقسامات ويعيش على وقع الاحتجاجات، لذا لا يمكن لأحد أن يبني مستقبلا مع المجهول”.