على خلفية تزايد حدة الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، يرى متتبعون أن هذه الحرب باتت تشكّل منعطفا خطيرا بالمنطقة، وسط مؤشرات على اتساع رقعتها وتهديدها المباشر لحياة الناس واستقرار دول الإقليم، منبهين إلى أن تطورها قد يعني دخول أطراف دولية كبرى واندلاع مواجهة إقليمية شاملة.
وكانت إيران قد أعلنت تنفيذ هجوم واسع ضد أهداف إسرائيلية، مؤكدة أنها أطلقت مئات الصواريخ، بعضها من غواصات للمرة الأولى، واستهدفت بعض المقار العسكرية والمراكز القيادية، بينها وزارة الدفاع في تل أبيب، فيما تحدثت القناة الـ13 عن دمار غير مسبوق في المدينة.
واعتبر محللون سياسيون، أن الرد الإيراني غير المسبوق، والذي استهدف العمق الإسرائيلي بعشرات الصواريخ، أظهر تحول المواجهة من مجرد عمليات محدودة إلى “حرب فعلية” بدأت انعكاساتها الفورية تظهر من خلال غلق أجواء 5 دول وتعطيل النشاط الاقتصادي.
ويتوقع مراقبون اتساع رقعة القصف الذي قد يشمل مدنا وعواصم في المنطقة، وأن احتمالية دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة قائمة، رغم محاولاتها التحفظ على المشاركة المباشرة، وفي حال تحقق ذلك، فإن قواعدها ومصالحها في المنطقة ستكون عرضة للاستهداف، سواء من إيران نفسها أو من حلفائها الإقليميين.
وحسب تحليلات إستراتيجية، فإن الهدف الإسرائيلي لم يعد يقتصر على تحجيم القدرات الإيرانية، بل يمتد إلى محاولة إسقاط النظام في طهران، مما يعد، حسب متتبعين، أمرا خطير، لأنه سيفتح الباب أمام سيناريوهات صراع داخلي وانهيارات محتملة، في حال تمكّنت إسرائيل من تحقيق هذا الهدف بدعم غربي.
ويتوقع محللون سياسيون، أن تستهدف إسرائيل في المرحلة المقبلة المنشآت الاقتصادية الإيرانية، وعلى رأسها الموانئ ومواقع إنتاج النفط، مما ينذر بتدهور خطير في طبيعة المواجهة، الأمر الذي سيؤدي إلى استمرار العمليات العسكرية المتبادلة بين البلدين ما لم يُمارس ضغط دولي وإقليمي حاسم على الطرفين، خاصة أن إيران تسعى لتحقيق ردع واضح ومؤثر، إذ إن مجرد إطلاق الصواريخ لا يكفي في حسابات صورتها أمام شعبها والعالم.
وتابعت المصادر ذاتها، أن المعركة بين إيران وإسرائيل لا تُفهم فقط من منطلق الرد والردع، بل هي صراع على مستقبل الدور الإقليمي، إذ تسعى إسرائيل لتكريس وجودها كقوة مهيمنة لا تُردع، وإذا نجحت في تحقيق نصر مباشر على إيران -بدعم غربي- فستصبح لها اليد الطولى في المنطقة.
وتخلص العديد من القراءات لهذه الحرب، إلى أن استمرار الحرب لن يكون في صالح أي طرف، وأن المنطقة بأكملها ليست مهيأة لتحمل حرب كبرى، خاصة بعد آثار العدوان على غزة الذي أثار غضب الشارع العربي.
وتأتي هذه التصريحات في وقت أعلنت فيه إيران عن إطلاق “الرد الساحق” على إسرائيل، بعدما تعرضت منشآت إيرانية إلى سلسلة من الهجمات، أدت إلى مقتل عدد من قادتها العسكريين ونخبة من خبرائها النوويين، وهو ما دفعها للرد عبر مئات الصواريخ الباليستية، أسقط بعضها مقاتلة إسرائيلية وأصاب مواقع حساسة في تل أبيب.
وفي حين تواصل إسرائيل تحليق طائراتها وقصف أهداف في العمق الإيراني، كشفت وسائل إعلام عن تعرض مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية في “الكرياه” لأضرار بالغة، في وقت لا تزال فيه حالة الطوارئ مفروضة على كامل الأراضي الإسرائيلية، ما يزيد المشهد الإقليمي تعقيدا ويهدد بانفجار واسع النطاق.
بي بي سي عربية