في واحدة من أكثر التحولات غرابة داخل الدوري البلجيكي، يعيش المدافع المغربي شمس الدين الطالبي وضعا مقلقا داخل ناديه كلوب بروج، بعد أن تحوّل من عنصر أساسي يُشاد بأدائه إلى لاعب احتياطي بالكاد تطأ قدماه أرضية الملعب.
الطالبي كان قد بدأ الموسم بقوة، واستطاع أن يفرض نفسه كواحد من أعمدة الدفاع داخل التشكيلة الرسمية، محطما بذلك حواجز التوقعات، ومثيرا اهتمام وسائل الإعلام التي توقعت له مستقبلاً لامعاً في سماء الكرة الأوروبية. لكن سرعان ما انقلبت الآية، وتبدّل حاله تماماً عقب مشاركته في معسكر المنتخب المغربي الأخير.
منذ عودته من واجبه الوطني، لم يظهر الطالبي أساسيا في أي من مباريات فريقه، بل اقتصر حضوره على دقائق معدودة كبديل، ما أثار موجة من التساؤلات داخل الأوساط الرياضية، ليس فقط في بلجيكا بل حتى داخل المغرب.
وشارك في الدقيقة 64 ضد أنتويرب، ثم في الدقيقة 63 أمام جينك، وأخيرا في الدقيقة 61 ضد جينت، وهي أرقام تُظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك تغييراً واضحاً في موقف الجهاز الفني منه.
غيابه الغريب عن التشكيلة أثار الشكوك حول دوافع غير رياضية قد تكون خلف هذا التراجع، خاصة في ظل تكرار نماذج مشابهة للاعبين من أصول مغربية، الذين اختاروا تمثيل منتخب بلدهم الأم بدل منتخب البلد الذي نشأوا فيه، ليجدوا أنفسهم فجأة خارج الخطط الفنية لأنديتهم.
وليس من المستبعد أن يكون الطالبي قد دفع ثمنا لمجرد حمله قميص المنتخب المغربي، في مشهد أصبح مألوفا للأسف في عدد من الدوريات الأوروبية.
الجماهير المغربية من جهتها عبّرت عن تضامنها المطلق مع اللاعب، وطالبت بمنحه حقه في التقدير والمشاركة، معتبرة أن ما يتعرض له الطالبي هو جزء من معركة أكبر تخوضها الكفاءات المغربية المهاجرة لإثبات الذات في بيئات لا تخلو من الحساسيات والتمييز.
الميركاتو الصيفي بات على الأبواب، وقد يشكل فرصة جديدة للطالبي من أجل إعادة ترتيب أوراقه، إما بالتمسك بمكانه في الفريق الحالي ومواصلة القتال، أو بالانتقال إلى فريق آخر يمنحه فرصة اللعب المنتظم والتقدير الذي يستحقه.
فاللاعب لا يزال في مقتبل العمر، ومسيرته لم تصل بعد إلى منتصف الطريق، مما يمنحه هامشا كبيرا للعودة والتألق، شرط أن يجد نادياً يعترف بقيمته الرياضية أولاً، لا بجنسيته أو اختياراته الدولية.
ما يحدث للطالبي ليس فقط قصة لاعب وجد نفسه فجأة على دكة البدلاء، بل هو مرآة لواقع معقّد يعيشه عدد من اللاعبين مزدوجي الجنسية في أوروبا.
وبين الولاء للهوية والمهنية في الأداء، تظل الأسئلة معلقة: هل ما يحدث للطالبي هو مجرد صدفة رياضية، أم أنه ضريبة باهظة لاختيار وطني نابع من القلب؟ هل ما زالت كرة القدم الأوروبية تحترم فعلاً خيارات اللاعبين، أم أن وراء الكواليس حسابات لا تُذاع، ولا تكتب في تقارير المباريات؟
ومهما تكن الإجابة، فإن حالة الطالبي تستدعي كثيرا من التأمل في كيفية تعامل الأندية الأوروبية مع من اختاروا تمثيل أوطانهم الأم.