بعد صراع طويل مع المرض، انتقلت الفنانة المغربية المعتزلة نعيمة سميح، في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، إلى رحمة الله ورضوانه عن عمر ناهز 72 عاما.
وتعرضت نعيمة سميح لوعكة صحية حادة في دجنبر الماضي حيث أُدخلت إلى أحد المصحات الخاصة بمدينة الرباط بسبب معاناتها من مرض السرطان لسنوات.
وكان آخر ظهور إعلامي للراحلة نعيمة سميح عام 2016 خلال تكريمها في مهرجان أصوات نسائية بمدينة تطوان.
واختفت “كوكب المغرب” عن الساحة الفنية بشكل مفاجئ عام 2007 ودون أن تشهر اعتزالها الغناء، لتكشف بعد ذلك بعض المصادر القريبة منها أنها أدت مناسك العمرة وقررت ارتداء الحجاب.
نعيمة سميح التي تعد من أهم الأصوات الفنية المغربية، ولدت عام 1954 بمدينة الدار البيضاء، ونشأت في حي شعبي أنجب نخبة من أبرز أعلام الفن والرياضة في البلاد. وترعرعت في حضن أسرة محافظة.
لم تكمل دراستها وغادرت المدرسة في نهاية المرحلة الابتدائية، بعد مرحلة من لزوم البيت، حيث كانت مولعة بترديد الأغاني وتجويد القرآن الكريم. ومن الملاحظ أنها لم تتلق أي تكوين علمي في المجال الموسيقي.
وبدأت تنقاد كليا إلى الغناء في سن مبكرة لم تتجاوز التاسعة، غير أنها ولجت الفن بصفة شبه رسمية في سن 16 من عمرها. وقّعت عبورها الأول على شاشة التلفزيون بداية السبعينيات من خلال برنامج “مواهب” الذي كان ينشطه ملحن رائد هو عبد النبي الجيراري الذي يعد الأب الروحي الذي اكتشف العديد من المواهب الشابة.
ورغم ردة الفعل الغاضبة من جانب الأسرة فإن البرنامج كان انطلاقة نعيمة سميح التي أبهرت الملحنين والشعراء ببحة صوتها المميزة. وسريعا تصدرت الفنانة مشهد الغناء في المغرب الذي تربعت عليه طويلا الى جانب عبد الهادي بلخياط وعبد الوهاب الدكالي.
طورت نعيمة سميح من خلال اختياراتها اللحنية والشعرية هوية خاصة تماهى معها جمهور الأغنية العصرية في المغرب، حيث تعاملت مع ملحنين عرفوا بحرصهم على استثمار الإيقاعات المغربية التراثية وصياغتها في قوالب حديثة (عبد القادر الراشدي، عبد القادر وهبي، أحمد العلوي..)، ومع شعراء من أعلام الزجل الذين طوعوا العامية المحلية ومنحوها بعدا تعبيريا راقيا (أحمد الطيب العلج، علي الحداني..).
وكانت النتيجة سلسلة طويلة من الأغاني الشهيرة التي اكتست شهرة واسعة وأعاد تقديمها فنانون وفنانات عرب، بالرغم من صعوبة اللهجة المغربية بالنسبة لجل المشارقة.
وتحظى الراحلة نعيمة سميح بتقدير وتعاطف خاصين من قبل المغاربة لكونها ظلت متمسكة بالطابع المغربي الصرف لتوجهها الفني، ولم تغرها موجة الهجرة الى الشرق العربي في أوج مسيرتها الفنية.
كانت نعيمة سميح أصغر فنانة عربية تغني على خشبة مسرح الأوليمبيا الشهير بباريس عام 1977 وهي ثالث فنانة عربية تغني في هذا الصرح الفني بعد أم كلثوم وفيروز.
وقدمت نعيمة سميح عشرات القطع الناجحة عبر مسيرة تجاوزت أربعة عقود. وقد تنوع رصيدها الفني بين أغان عاطفية ووطنية ودينية. ومن أشهر هذه القطع “جاري يا جاري”، “ياك آجرحي”، “أمري لله”، “أحلى صورة”، “البحارة”، “راح”، “نحمدو ربي ونشكروه”، “على غفلة”، “غاب علي الهلال”. كما تعاونت مع ملحنين خليجيين، من بينهم يوسف مهنا، فكانت أغنية “واقف على بابك”.
ما هذا العنوان الغريب ؟
السيدة ماتت الله يرحمها ويغفر لها وأنتم لا تجرؤون على ذكر الموت في العنوان.