“إسكوبار الصحراء”.. شاحنات صينية “مشبوهة” تحاصر المتهمين أمام المحكمة

 

واصلت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء اليوم الجمعة، جلسات الاستماع إلى المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا بـ”إسكوبار الصحراء”، التي يتابع فيها عدد من الشخصيات السياسية والاقتصادية، من بينهم القياديين السابقين بحزب الأصالة والمعاصرة، سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي، إلى جانب مجموعة من المتهمين الآخرين.
وخلال جلسة اليوم، استمعت المحكمة إلى المتهم “عبد الرحمان. د” الذي كان يعمل في إحدى الشركات المملوكة لعبد النبي بعيوي، والمتابع بتهمة إخفاء أشياء متحصل عليها من جنحة طبقا للفصل 571 من القانون الجنائي، واستخدام مركبات دون الحصول على شهادة التسجيل، طبقا للمادة 161 من مدونة السير.
عند استفسار القاضي حول خمس شاحنات قال الادعاء إنها أُرسلت من طرف الحاج بن ابراهيم، المعروف بـ”إسكوبار الصحراء”، لفائدة بعيوي، وأنها كانت محملة بكميات كبيرة من المخدرات، أنكر المتهم معرفته بأي تفاصيل تخص هذه الشاحنات أو صلته بإسكوبار.

 

ورغم تأكيد إحدى الموظفات، تدعى سناء، خلال تحقيقات الشرطة، أنها لم تتمكن من العثور على أي سجل يوثق لهذه الشاحنات من حيث تاريخ دخولها أو سعر بيعها أو هوية الشخص الذي اقتناها، أصر المتهم على أنه لا علم له بالأمر، مبررًا غياب أي وثائق رسمية بأن الشاحنات كانت تُستخدم داخل مقالع الحجارة دون لوحات ترقيم، وهو أمر اعتبره طبيعيًا داخل الشركة.
في المقابل، كشفت تحقيقات الشرطة، وفق محاضر رسمية، أن “توفيق ز” أفاد بأن 11 شاحنة استُوردت من الصين لكنها فشلت في الحصول على شهادة المطابقة المطلوبة من السلطات المغربية. وبأوامر من إسكوبار الصحراء، تم إرسال خمس منها إلى عبد النبي بعيوي، حيث تم تكليف خمسة سائقين بنقلها.

 

كما أظهرت المحاضر أن السائقين وصلوا من الرباط وقاموا بتزويد الشاحنات بالوقود بمساعدة بعيوي، قبل أن ينطلقوا في قافلة، بينما سبقهم كل من توفيق و”نبيل ض”، بناءً على توجيهات إسكوبار الصحراء.

 

في هذا السياق، وحسب المحاضر أقر توفيق خلال استجوابه أنه أجرى اتصالًا مع بعيوي، الذي طلب منه الاستمرار في الطريق نحو وجدة، قبل أن يتوجه توفيق إلى السعيدية حيث أقام في شقة تعود لإسكوبار الصحراء.
ووفق محاضر الشرطة، أشار “توفيق.بن” إلى أن سعيد الناصري كان على علم ببيع سبع شاحنات من طرف إسكوبار إلى بعيوي، كما أنه كان على دراية كاملة بعملية نقلها من الرباط إلى وجدة، بل وساهم في تسهيل حصولها على شهادة السير.

 

من جانبه، أكد المتهم “عبد الرحمن. د” أنه عمل في شركة بعيوي لعشر سنوات، حيث شغل منصب رئيس ورش عمل لصيانة السيارات والآليات المستخدمة في الأشغال الطرقية، بما فيها الشاحنات والحفارات، نافيا معرفته بهذه الوقائع، قائلاً: “بعض الأحداث قديمة ولا أستطيع تذكرها.”
كما تضمنت المحاضر شهادة” توفيق.بن” حول إقامة سهرات ماجنة في فيلا بمنطقة كاليفورنيا، حضرها كل من وسام.ن وإلياس.ن، إلى جانب سعيد الناصري، ما يثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين هذه الشخصيات والقضية، ليسكت المتهم دون النطق ببنت شفا.
في جزء آخر من التحقيق، وُجهت للمتهم أسئلة حول تلقيه تعليمات بتذويب أرقام هياكل بعض الشاحنات باستخدام آلة لحام، ما يجعلها خردة غير صالحة للاستعمال ويطمس هويتها، ليرد المتهم بأنه كان يقوم بذلك كجزء من عمله الروتيني، نافياً علمه بوثائقها أو سبب إتلافها، مشيرًا إلى أن هناك قسماً مسؤولًا عن الوثائق وليس هو.
من جهته، أنكر المتهم توفيق بن، الذي كان يشغل مهام الحراسة في الشركة المالكة للأراضي الفلاحية التابعة لعبد الرحيم بعيوي، والمتهم بإخفاء أشياء متحصلة من جنحة، وفقًا للفصل 571 من القانون الجنائي، واستخدام مركبات دون الحصول على شهادة تسجيل، كل التهم المنسوبة إليه.

 

 

وخلال استجوابه من قبل القاضي، نفى معرفته بتفاصيل الشاحنات، قائلاً: “لا أعلم شيئًا عن الأمر، اسألوا غيري”. لكنه اعترف لاحقًا بأن الشاحنات المعنية كانت مملوكة للشركة.

 

وأضاف: “كانت لدينا أربع شاحنات صفراء في الشركة، وُضعت في مقالع الحجر، ثم نُقلت لاحقًا إلى أراضٍ تابعة للمقلع، وكان صاحب الشركة هو المسؤول عن ملكيتها”.

 

وعند سؤاله عن علاقة سناء بالقضية، أوضح قائلاً: “لا تربطني بها أي علاقة، هي مجرد مستخدمة في الشركة”. كما أكد معرفته بعبد الرحيم بعيوي.

 

وواجهه القاضي بمحضر استماع لعبد الرحيم بعيوي، والذي تضمن تصريحًا يفيد بأنه تولى تسيير شركة عبد النبي بعيوي، وأصدر أوامر بتصفية جميع الآليات والمركبات التي كانت في وضعية غير قانونية، لكنه لم يتمكن من التخلص منها بالكامل، ليجيبه” بنعم”.

 

وخلال الجلسة، عرض القاضي مجموعة من التصريحات التي تفيد بتلقي أوامر من سناء، الموظفة لدى عبد الرحيم بعيوي، لإزالة أجهزة التموضع العالمي GPS من خمس شاحنات كانت مخبأة في منطقة عين الصفا، لكن المتهم أنكر كل ما ورد في المحاضر، بما في ذلك أقوال “توفيق .د” وعبد الرحيم بعيوي.

 

 

كما تطرّق القاضي إلى تصريحات سابقة تخص عبد الرحيم بعيوي والتي اعترف من خلالها بواقعة إتلاف الشاحنات مبررا أنه اطلع على مقاطع فيديو متداولة على منصة “تيك توك”، تفيد بأن “إسكوبار الصحراء ” له علاقة ببعض الشخصيات المغربية، يبيع شاحنات صينية لصالح شركات معينة، لهذا أصدر أوامر بإزالة أجهزة GPS من الشاحنات والتخلص منها، مع تجهيز معدات خاصة لطمس هويتها قبل نقلها إلى مزرعته، حيث تم تذويب الأرقام التسلسلية.

 

كما حاصره القاضي بتصريح سابق له، أكد فيه أنه كان يوجّه الأشخاص في الطريق نظرًا لمعرفته الجيدة بمنطقة عين الصفا، وهو ما اعترف به المتهم قائلاً: “نعم، كنت أعرف المنطقة”.

وفي سياق الجلسة، طرح ممثل النيابة العامة سؤالًا على المتهم حول عدد المرات التي تم فيها نقل الشاحنات إلى الضيعة، وما إذا كان يتم تغطية المعدات بالقماش المشمّع، ليجيب المتهم بأن الأغطية موجودة في الضيعة وتُستخدم لتغطية الشاحنات أثناء عمليات الصيانة.
ومن المنتظر أن تكشف الجلسات المقبلة المزيد من التفاصيل حول مدى تورط المتهمين من عدمه في هذه القضية التي أثارت اهتمام الرأي العام.
مقالات مرتبطة :

اترك تعليق