في ظل التغيرات المناخية التي تعرفها بلادنا خاصة مع قلة التساقطات المطرية في السنوات الأخيرة، الأمر الذي أثر بشكل كبير على الإنتاج الفلاحي بالمغرب، يؤكد متتبعون على ضرورة التفكير في إرساء نموذج فلاحي جديد، يراعي الإشكالات الجديدة خاصة ما يتعلق بإشكالية الإجهاد المائي، ويستهدف أساسا الأمن الغذائي الوطني.
فبناء على ما سبق يتأكد يوما بعد يوم أن المغرب يحتاج لإرساء نموذج جديد في المجال الفلاحي، يتأسس على مجموعة من الركائز، أولها السعي لضمان الأمن الغذائي للبلاد، من خلال إعطاء الأولوية للإنتاج الذي يمكن أن يغطي كما ونوعا حاجيات ساكنة البلاد والتي تتحدد عموما في الحبوب والخضر والفواكه والزيوت والسكر واللحوم البيضاء والحمراء مع مراعاة تطور السلوك الغذائي للمجتمع المغربي وتوجهاته الجديدة.
أما الركيزة الثانية للنموذج الجديد للمجال الفلاحي، والتي لا يمكن فصلها عن الأولى هي ركيزة الموارد المائية الموضوعة رهن إشارة الإنتاج الفلاحي، حيث إنه في ظل الإرهاصات الجدية للتغير المناخي أصبح الخصاص المائي معطى هيكلي يستوجب اعتماد سياسة فلاحية مندمجة تراعي هذا المعطى وتأخذه بعين الاعتبار عند إقرار المخططات وعند تنزيلها، وجعل توجهات القطاع الزراعي تحترم مقتضيات الاقتصاد في الماء وحسن تدبيره وتوزيعه وتوجيه المياه السقوية بشكل معقلن لإقرار الأمن الغذائي.
ولهذا يدعو خبراء في المجال الفلاحي، إلى الامتناع عن اعتماد زراعات مستنزفة للمياه خصوصا حين تكون موجهة للتصدير من قبيل زراعة “الأفوكا” لتي تعتبر “زراعة دخيلة” ولا علاقة لها بالأمن الغذائي الوطني، وتستنزف المياه بشكل كبير جدا حيث تصل كمية المياه المطلوبة لإنتاج كيلوغرام واحد من هذه الفاكهة إلى طن من الماء.
ويلاحظ أنه رغم توالي سنوات الجفاف بالمغرب، مع ما رافق ذلك من تقليص المساحات المزروعة، ودقِ ناقوس خطر عجز مائي غير مسبوق، إلا أن صادرات المغرب من المنتجات الفلاحية تشهد ارتفاعا رغم هذه الظروف المناخية الصعبة للبلاد.
ويرى متتبعون أن استمرار ارتفاع تصدير أطنان من أنواع مختلفة من الفواكه والخضر صوب دول أوروبية أو إفريقية وغيرها، مقابل أزمة الجفاف الحاد لسنوات متتالية التي يعيشها المغرب، تعد بمثابة “تصدير الماء عبر المنتجات الفلاحية”، مما يزيد في إنهاك المخزون المائي ويكرس التبعية الاقتصادية.