أثار وصول عضو من حزب التجمع الوطني الفرنسي (اليمين المتطرف) لرئاسة “مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية المغربية” مخاوف لدى العديد من الأطراف، جراء مواقف هذا الحزب المتشددة تجاه قضايا مثل الهجرة والإسلام، والتي قد تؤثر سلبا على العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا.
ونقلت مصادر صحافية عن البرلمانية الفرنسية ذات الأصول المغربية، نعيمة موتشو، قولها إن هذا الاختيار قد يربك التزامات فرنسا ويضعف مصداقيتها، في حين أكد مقربون من حزب “التجمع الوطني” أن هذا القرار يهدف إلى تعزيز العلاقات بين البلدين. ومع ذلك، يرى مراقبون أن الخطوة تأتي ضمن إستراتيجية الحزب لتعزيز صورته على الساحة الدولية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة المتوقع إجراؤها عام 2027.
ويعد ترؤس عضو من حزب التجمع الوطني الفرنسي سابقة منذ إنشاء “مجموعة الصداقة الفرنسية – المغربية” في عام 1952، حيث لم يسبق أن ترأسها عضو من اليمين المتطرف، الأمر الذي قد يؤدي، وفق متتبعين، إلى تعكير صفو العلاقات الثنائية، خاصة في ظل مواقف الحزب المتشددة بشأن قضايا الهجرة.
وعُرف “التجمع الوطني” الفرنسي بمواقفه اليمينية المتطرفة، إذ يتبنى سياسات صارمة تجاه الهجرة، ويرى الحزب أن الهجرة تؤثر سلبًا على الهوية الوطنية الفرنسية، ويطالب بتقليص أعداد المهاجرين بشكل كبير.
كما يدعو إلى تشديد الرقابة على الحدود وتعزيز السياسات الأمنية لمنع الهجرة غير الشرعية. بالإضافة إلى ذلك، يقترح الحزب فرض قيود على حقوق المهاجرين، بما في ذلك تقييد الوصول إلى الخدمات الاجتماعية والصحية، ويشدد على ضرورة إعطاء الأولوية للمواطنين الفرنسيين في فرص العمل والسكن.
وفي ظل هذه المخاوف، يبقى الموقف المغربي هادئا ومتفائلا بمواصلة التعاون بين البلدين. وصرح النائب البرلماني عمر أعنان، رئيس الجانب المغربي للمجموعة، قائلا: “بصفتي نائبا ورئيسا لمجموعة الصداقة المغربية الفرنسية، ما يهمني هو الدفع نحو تجديد التعاون بين برلمانيي البلدين”، وفق تصريحه لأسبوعية “جون أفريك” في عددها الجديد.
وأكد أنه فور تعيين الرئيس الفرنسي للمجموعة، سيرسل رسالة تهنئة تتضمن دعوة للقاء رسمي، بهدف استعادة حيوية العلاقات الثنائية بين الرباط وباريس التي شهدت فتورًا في الفترة الماضية.
وحدد رئيس الجانب المغربي الأولويات المشتركة التي تشمل الملفات الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية، بالإضافة إلى قضايا الطاقة المتجددة والبيئة. كما أشار إلى أن قضية الصحراء ستظل حاضرة على جدول الأعمال، مؤكدا أن المغرب مستعد لمعالجة هذا الملف بحكمة وذكاء.
ويشكل موضوع التأشيرات تحديا رئيسيا في العلاقات المغربية-الفرنسية. وفي هذا الصدد، أشار عمر أعنان إلى ضرورة حصول المغاربة على معاملة تفضيلية في هذا الملف، خصوصا أن سياسة التأشيرات التي اعتمدتها فرنسا في السنوات الأخيرة أثّرت سلبا على صورة باريس في المنطقة المغاربية، وهو ما به أقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما أكد نهاية السنة الماضية، أن سياسة التأشيرات كانت غير فعّالة وأضرت بصورة بلاده دون تحسين فاعليتها.
وعلى الرغم من التحديات السياسية والإجرائية، يبقى المغرب وفرنسا شريكين استراتيجيين يسعيان إلى تعزيز تعاونهما في مختلف المجالات. وبتجاوز العقبات كملف التأشيرات والعمل على أولويات مشتركة، يمكن للبلدين أن يرسما مستقبلًا مشتركًا يتسم بالتعاون المتين والاحترام المتبادل.