إسرائيل تغيرت منذ ولاية دونالد ترامب الأخيرة، فهل تغيّر هو؟


لحظة تقسيم الشاشة
ظهرت أولى العلامات حول كيفية تعامل ترامب مع الشرق الأوسط كرئيس - والاستنتاج الذي يمكن استخلاصه من ذلك - في يوم صيفي حار خلال العام الثاني من ولايته.إذا كنت تعيش خارج إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، فقد يكون من السهل أن تنسى أحداث ذلك اليوم – الرابع عشر من مايو/أيار 2018. بعد كل ما شهدته المنطقة من إراقة دماء مروعة منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإن الأيام التي أدت إلى تلك الحرب في غزة قد تُنسى بسهولة.ولكن في عالم يحصل فيه معظم الناس على أخبارهم عبر الإنترنت، تم الإعلان أيضاً عن هذه اللّحظة كلحظة فارقة.على أحد جوانب شريط الأخبار، كان يظهر الزوجان الأكثر شهرة في إدارة ترامب: الإبنة الأولى إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، الذي شغل أيضاً منصب كبير مستشاري الرئيس. وكانا يشاركان في حفل افتتاح السفارة الأمريكية الجديدة في القدس.


ترامب المثير للاضطراب
أظهر نقل السفارة أن ترامب كان مستعداً لتحدي الحكمة التقليدية التي كان يراها عائقاً أمام مصالح الولايات المتحدة.تخلى ترامب عن السياسة التي يتعبها حلفاء إسرائيل الغربيين ومعظم الدول الأخرى، التي كانت تحتفظ بسفاراتها في تل أبيب حتى يتم تحديد الوضع الدائم للقدس من خلال اتفاق سلام مع الفلسطينيين.جاء الاحتفال بافتتاح السفارة بعد أسبوع من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، الذي وصفه ترامب بأنه "أحد أسوأ الصفقات وأكثرها انحيازاً التي أبرمتها الولايات المتحدة على الإطلاق".
اتفاقيات إبراهيم الجديدة
في عام 2020، منحت إدارة ترامب جائزة أخرى لإسرائيل. إذ توسط جاريد كوشنر في الاتفاقيات الإبراهيمية بين إسرائيل من جهة وكل من الإمارات العربية المتحدة والمغرب والسودان والبحرين من جهة أخرى. وقد قدمت الولايات المتحدة هذه الدول الأربع بعض الحوافز مقابل تعاونها.تم إقناع هذه الدول بالتخلي عن المبادرة العربية للسلام التي كانت قائمة منذ فترة طويلة، والتي كانت تعد إسرائيل بالاعتراف الكامل مقابل السماح للفلسطينيين بإقامة دولتهم في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. بالنسبة لإسرائيل، كان ذلك بمثابة هدية مجانية.كان بايدن، كما كان ترامب في ولايته الأولى، يهدف إلى توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية لتشمل المملكة العربية السعودية. إن اعتراف السعوديين بإسرائيل، بوصفها حامية الحرمين الشريفين وزعيمة العالم الإسلامي السني وأقوى وأغنى دولة عربية، سيكون له تأثير بالغ الأهمية.في المقابل، سيحصل السعوديون على اتفاق أمني شامل مع الولايات المتحدة، يتضمن مزيداً من صفقات الأسلحة.ومع أن فرص العمل المربحة لجميع الأطراف تعتبر جزءاً هاماً، إلا أن الأمر يتجاوز ذلك بكثير.

إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط
المشكلة في هذا النهج تكمن في أن المملكة العربية السعودية ربطت تعاونها بشكل علني بحقوق الفلسطينيين.وقد اتفقت إدارة بايدن على أن مفتاح الوصول إلى صفقة كبرى قد تغير الشرق الأوسط لا يكمن فقط في قبول العالم العربي لإسرائيل، بل في قبول إسرائيل بحقوق الفلسطينيين.في 14 يناير/كانون الثاني، بينما كان يستعد لترك منصبه، أوضح وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، هذا الموقف في خطاب ألقاه أمام المجلس الأطلسي في واشنطن. بلينكن، المعروف بتأييده القوي لإسرائيل، الذي قاطع خطابه في وقت سابق معترضون اتهموه بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وجه انتقادات شديدة لإسرائيل.وقال: "على الإسرائيليين أن يحددوا نوع العلاقة التي يريدونها مع الفلسطينيين. ولا يمكن أن يستمر هذا الوهم بأن الفلسطينيين سيقبلون بأن يكونوا شعباً بلا حقوق وطنية."وأضاف بلينكن، "سبعة ملايين يهودي إسرائيلي وحوالي خمسة ملايين فلسطيني متجذرون في نفس الأرض، ولن يذهب أي منهما إلى أي مكان."وأشار إلى أنه "على الإسرائيليين أن يتخلوا عن الوهم القائل بأنه يمكنهم تنفيذ الضم الفعلي دون أن يتحملوا تكاليف أو عواقب على ديمقراطية إسرائيل ومكانتها وأمنها."
التعليقات مغلقة.