يسعى حزب العمال الاشتراكي الإسباني بقيادة بيدرو سانشيز، إلى إنهاء “نفوذ” جبهة البوليساريو الانفصالية داخل دواليب الاتحاد الأوروبي، وهدم الجسور التي تربط بين الكيان الانفصالي وبعض حلفائه الأوروبيين القلائل، بعدما ساهم الاشتراكيين في خطوة عدم تجديد ولاية المجموعة البرلمانية المشتركة داخل البرلمان الأوروبي، وهو ما اعتبره مراقبون ضربة موجعة وسابقة تاريخية في العلاقات الثنائية بين الطرفين.
وقال لحبيب شباط، القيادي في الحزب الاشتراكي العمالي في جهة الأندلس، إن “البرلمان الأوروبي خلال ولايته الجديدة لم يقم بتجديد ولاية المجموعة البرلمانية المشتركة (الصحراء الغربية)، حيث يعد هذا القرار سابقة تاريخية”، مشيرا إلى أنه “منذ سنة 1987 وهي سنة تأسيس هذه المجموعة البرلمانية لم يحدث مثل هذا القرار على الصعيد الأوروبي”.
وأضاف شباط، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “هذا القرار يأتي في سياق عام يتجه نحو الدعم الجماعي لمخطط الحكم الذاتي من طرف دول أعضاء الاتحاد الأوروبي”، مؤكدا أن “البرلمان الأوروبي غيّر من أولوياته الإستراتيجية مما يعزز النهج البراغماتي الذي يتماشى مع مصالح الاستقرار والتنمية بالمغرب، على اعتبار أن الرباط تعد معادلة مهمة في المنطقة”.
وتابع المتحدث عينه، أن “قرار عدم تجديد ولاية المجموعة البرلمانية المشتركة بالاتحاد الأوروبي راجع إلى سحب الاشتراكيين الإسبان دعمهم للطرح الانفصالي، وهذا ما أثار حفيظة جبهة البوليساريو التي انتقدت هذا الخيار الاستراتيجي، والذي يخدم مصلحة المملكة في نزاعها حول الصحراء المغربية”.
واعتبر القيادي الحزبي، أن “هذه الخطوة جاءت كنتيجة حتمية لتغيير المملكة الإسبانية موقفها من قضية الصحراء المغربية، حيث تعتبر ضربة موجعة للكيان الانفصالي وأيضا لمسانديهم في اليسار الراديكالي، بالمقابل فهو يعتبر نجاح للدبلوماسية المغربية في حصد عشرات الأصوات المؤيدة لملف الصحراء على المستوى العالمي”.
وأردف أنه “بعد المفوضية الأوروبية فإن البرلمان الأوروبي يعطي ظهره لجبهة البوليساريو الانفصالية، وهذا ما يسهم في تراجع نفوذ هذه الأخيرة التي كانت تقوي أطروحتها عن طريق المجموعة البرلمانية المشتركة”.
ولفت شباط، إلى أن “القانون يشير إلى ضرورة اتفاق 3 أقطاب سياسية على الأقل لإنشاء هذه المجموعة البرلمانية المشتركة، وهذا يبين مرة أخرى أن حزب العمال الاشتراكي الإسباني قدم ما بوسعه من أجل تقوية حظوظ الرباط داخل الاتحاد الأوروبي وتبديد أطروحة البوليساريو الانفصالية داخل ردهات البرلمان”.
وفي نفس السياق، قال رئيس الحكومة والأمين العام للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، بيدرو سانشيز، أول أمس السبت بالرباط، إن إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل تقدم المغرب والاستقرار الإقليمي.
وعبر سانشيز، في تصريح للصحافة على هامش مؤتمر الأممية الاشتراكية، عن ارتياحه للعلاقات الممتازة التي تجمع المغرب وإسبانيا “البلدين الشقيقين والجارين اللذين يتقاسمان مشاريع ورؤية متماثلة بخصوص الملفات والتحديات التي يواجهها العالم ومجتمعانا”، مبرزا أن روابط التعاون والأخوة والصداقة هاته تعد “حيوية لتمكين مجتمعينا من تحقيق تطلعاتهما بشكل فعال وعادل”.
وبخصوص العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أكد رئيس الحكومة الإسبانية، أن بلاده تظل بوابة دخول بالنسبة للمملكة بوصفها شريكا استراتيجيا في المشروع السياسي الأوروبي، مشيرا إلى أن مدريد “دعمت دائما شراكة استراتيجية بين الرباط وبروكسيل بروح رابح-رابح”.
وشدد، من جهة أخرى، على أهمية الأدوار التي يمكن أن يضطلع بها الاشتراكيون بخصوص التحديات الراهنة، مشيرا إلى ضرورة أن تعمل القوى السياسية التقدمية من أجل رؤية مجتمعية دامجة ومتسامحة.
وأضاف سانشيز، الذي يتولى رئاسة مؤتمر الأممية الاشتراكية بوصفه رئيسا للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، “نلاحظ، للأسف، أن الخطابات الرجعية باتت أكثر حضورا في مجتمعاتنا، وبالتالي من المهم بلورة استراتيجيات عابرة للحدود وتثمين روابط الأخوة بين الحكومات والأحزاب”.