لا تزال حرب “الأرقام والتوقعات” قائمة بين حكومة عزيز أخنوش والبنك المركزي المغربي الذي يرأسه عبد اللطيف الجواهري، رغم أن الواقعية حسب خبراء اقتصاديين تميل لجهة بنك المغرب، الذي تجاوز في نظرته المستقبلية للاقتصاد الوطني المؤشرات التقليدية المبنية على المحاصيل الزراعية والقيمة المضافة الفلاحية عكس الحكومة، في الوقت الذي تعاني فيه المملكة المغربية من جفاف المياه الناتج عن التغيرات المناخية.
ورفض مراقبون في مجال الاقتصاد وصف الاختلاف الحاصل في التوقعات الموسمية بين الحكومة والبنك المركزي بـ”تضارب الفرضيات”، بعدما توقع بنك المغرب تسارع النمو إلى 3.9 في المائة خلال السنتين المقبلتين، بينما تتطلع الحكومة إلى تحقيق نمو قوي بنسبة 4.6 في المائة خلال عام 2025.
وخلال كل سنة يتجدد صراع الأرقام والفرضيات بين السياسات المالية والاقتصادية التي تتبناها الحكومة، وبين السياسة النقدية التي يرتكز عليها البنك المركزي، حيث احتدم آخر اصطدام بين الطرفين بعدما قرر بنك المغرب الرفع من قيمة الفائدة إلى 3 في المائة، الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة.
وقال عبد الخالق التهامي، أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، إن “التوقعات الصادرة إما عن البنك المركزي المغربي أو الحكومة المغربية لا يمكن تصنيفها في خانة التضارب، وإنما هذا الأمر طبيعي جدا، لأن كل مؤسسة تعبر عن دراستها للمستقبل القريب بناء على التجارب والدراسات الموقعة من طرفها”.
وأضاف التهامي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “هذا الاختلاف لا يقتصر فقط على هاته الهيئات، وإنما يمكن أن يصدر حتى عن المندوبية السامية للتخطيط أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”.
وتابع المتحدث عينه أن “التوقعات الاقتصادية يتم وضعها إما على أساس التفاؤل أو التشاؤم، وأن جميع الحكومات تبني توقعاتها على المعطى الأول، لأنها هي من تقوم بإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025، ولذلك لا يمكن اعتبار هاته التوقعات الاقتصادية مسألة تضارب في النسب أو الأرقام”.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن “بنك المغرب يضع توقعاته الاقتصادية التي تساير سياسته النقدية، وأن هذا مجرد اختلاف وليس تضارب، ويمكن في الأيام القليلة القادمة أن تضع المندوبية السامية للتخطيط أو الصندوق النقد الدولي أو البنك الدولي توقعاتهم دون أي جدل أو حرج”.
وأوضح التهامي أنه “زيادة إلى ذلك هناك استقلالية للبنك المركزي في إصدار أي قرار أو وضع أي توقعات، وهذا قد حدث سابقاً عندما حدد الجواهري سعر الفائدة في 3 في المائة، لأن بنك المغرب يحاول جاهدا خلق توازن في السياسة المالية، وأن توقعاته هدفها ليس ضرب أي جهة وإنما الحفاظ على التوازنات النقدية”.