تقرير مجلس الحسابات.. ماذا بعد فضح الاختلالات؟

 

 

فور صدور التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات 2023/2024، بدأت مطالب “حماة المال العام” تتجه نحو إحالة الملفات المشبوهة إلى القضاء من أجل البت فيها، والانسلاخ من الواقع القديم الذي كان يقتصر فقط على إعداد عشرات التقارير دون تفعيل المتابعات، وهو ما أثار سابقا كثير من النقاشات حول الفائدة من إنجاز هاته المحاضر دون ربطها بالمحاسبة، وفق الفصل الأول من دستور المملكة المغربية لسنة 2011، الذي ينص على “(…) أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة (…)”.

 

وتجدد النقاش حول الجدوى من التقارير الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات باعتباره هيئة دستورية دون الاعتماد على المقاربة القضائية، علما أن التقرير الأخير لمجلس “العدوي” كشف عن معطيات صادمة حول الاختلالات التي شابت الصفقات العمومية داخل مجموعة من القطاعات الحكومية، وهو ما قد يساهم في تأخر تعميم التنمية على الصعيد الوطني.

 

وسبق وأن أشار إدريس جطو، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للحسابات إلى هذا الأمر، بعدما أكد أن “المجلس ينجز سنويا ما بين 40 و50 تقريرا، كلها جد مهمة لكن لا أحد يكترث لها”، مشيراً إلى أن “التقارير مهمة وأساسية بالنسبة للمغرب واقتصاده، لكن أحدا لا يكترث بها أو يشتغل عليها بما في ذلك مجلس النواب ولجانه”، مضيفا في الوقت ذاته أن “التقارير مهمة لكنها مرت مرور الكرام دون أن يبالي بها أحد”.

 

 

وقال صافي الدين البودالي، رئيس الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام لجهة مراكش الجنوب، إن “التقارير التي ينجزها المجلس الأعلى للحسابات بتنسيق مع المجالس الجهوية والتي تهم مجموعة من القطاعات الحكومية والمؤسسات لا يجب أن تمر مرور الكرام، وعلى الجهات الحكومية والقضائية الوقوف على جميع الاختلالات المشار إليها، من أجل تفعيل المبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة”.

 

 

وتابع البودالي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “مجموعة من التقارير الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات لا يتم أخذها بعين الاعتبار، علما أنها تضع مجموعة من القطاعات الحكومية وغير الحكومية في خانة المحاسبة، نظراً للخروقات التي يتم ضبطها أثناء مراجعة الملفات والصفقات المشبوهة”.

 

 

وأكد المتحدث عينه أن “رئاسة الحكومة عليها تفعيل جميع المبادئ الدستورية الرامية إلى محاسبة الفاسدين، وذلك على ضوء التقارير السنوية النهائية التي ينجزها المجلس الأعلى للحسابات، من أجل تحفيز حتى المجالس التي لها صفة الرقابة بناء على دستور 2011 لتقوية العمل والمجهودات الرقابية”.

 

 

وأشار رئيس الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام لجهة مراكش الجنوب إلى أن “التقارير التي يصدرها المجلس الأعلى للحسابات تصرف عليها ملايير السنتيمات، بهدف كشف الاختلالات والعيوب القطاعية، وأن عدم تنفيذ توصيات المجلس يعد مساهمة في تبديد المال العام واستفحال مظاهر الفساد المالي والإداري”.

 

 

وزاد: “البرلمان بدوره لم يقدم الخدمة المنتظرة عند صدور التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، علما أن موجة الاعتقالات الأخيرة التي صدرت في حق مجموعة من البرلمانيين كانت بناء على شكايات تقدمت بها جمعيات حماة المال العام”.

 

 

وأوضح البودالي أن “المتابعات القضائية الحالية فهي فقط عبارة عن موجة خفيفة عصفت ببعض المنتخبين، غير أنه في حقيقة الأمر أنه هناك أعداد كبيرة من المسؤولين نهبوا المالية العمومية، وقاموا بخروقات في الصفقات التي انعكست سلبا على التنمية المحلية”.

 

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق