قال رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، إنه “بخصوص التقييم الذي جاء في التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2023-2024 والمنشور بالجريدة الرسمية، أعتقد أنه جاء متوازنا حيث صنف جملة من الايجابيات والتراكمات المحققة لحد الآن في مسار تفعيل الجهوية، ثم سلط الضوء على بعض النقط الأساسية التي رآى أنها مازالت تهوي بثقلها وتحول دون التفعيل الأمثل لهذا المسار”.
وأضاف لبكر، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “ما من شك أن المغرب قطع أشواطا مهمة في بناء هذا الصرح الهام منذ 1971، لا أقلها دسترة الجهة وإعطائها مكانة مرموقة في البناء المؤسساتي الترابي، ثم العمل على خلق تناغم وانسجام بين المكونات الجغرافية المكونة لكل جهة ترابية، تراعي خصوصياتها المحلية ومؤهلاتها الاقتصادية وإمكاناتها الطبيعية، فضلا عن تمتيع مجالس الجهات باختصاصات مهمة واعتمادات مالية تزداد سنة بعد أخرى، لكن هذا لم يحل دون وقوف تقرير المجالس عند بعض المعيقات، وهذا شيء جميل جدا، بل هو المظنون في تقارير هيئات الحكامة بشكل عام”.
وتابع المتحدث عينه أن “بلادنا قطعت مع مقاربة ” قولوا العام الزين” وتبنت مقاربة أخرى مبنية على مقاربات علمية بناءة وانتقاد هادف، انطلاقا من صياغة تقارير موضوعية، تكون بالفعل ملهمة للفاعل العمومي بأفكار جديدة، ومساعدة له على تجويد الآداء وتجاوز الأعطاب، لكن الأجمل الذي يجب الإشادة به، هو أن نتائج هذه التقارير متطابقة رغم اختلاف الجهات التي تصدرها، وهذا معناه أن الوعي بالقضايا الوطنية أصبح موحدا بين مختلف الهيئات، والفهم لها بات مشتركا ومتقاطعا وليس “كل واحد تيلغي بلغاه”.
وأردف الأستاذ الجامعي أنه “من هذا المنطلق، أقول أن مجمل ما جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات منسجم، بل أقول مكمل للتقرير الذي سبق أن أصدرته المفتشية العامة للمالية منذ حوالي سنة تقريبا، ويمكن تعدادها اختصارا في النقط الآتية: التحديد الدقيق لقائمة الاختصاصات التي تهم الجهات، ولا المشتركة منها والمنقولة، وإصدار المراسيم المعنية بذلك، لأن هناك العديد من رؤساء الجهات الذين عبروا في مرات عديدة عن عدم تمتع الجهات التي يراسونها بأي اختصاص في هذا الباب الشيء الذي يحد من قدرتها على المبادرة والفعل”.
وزاد: “التسريع من وتيرة تفعيل خارطة طريق الميثاق الوطني للاتمركز الإداري الذي لم ينفذ منه لحد سنة 2024 – حسب ما جاء في تقرير المجلس هذا – سوى 36 في المائة فقط من الأهداف المرسومة، وغني عن البيان القول بأن جهوية بلا سياسة حقيقية للاتمركز لا تعني في حقيقتها شيئا”.
“مواكبة الجهات في برامج التنمية ولاسيما تلك المحددة في التصاميم الجهوية للتنمية الترابية، لتدارك الخصاص المسجل في مستويات التنمية وبالتالي إعطائها دفعة أكثر إيجابية. إضافة إلى تحديد كيفية ومعايير مبادئ التدرج والتمايز بين الجهات عند نقل الاختصاصات حسب إمكانيات كل جهة وقدرتها البشرية والإنتاجية”، يضيف المتحدث.
مردفا: “وضع مخطط عمل وبرمجة زمنية لملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة باختصاصات القطاعات الوزارية وتنظيم تمثيلياتها الإدارية الجهوية، التي صادقت على إحداثها اللجنة الوزارية للاتمركز الإداري، فضلا عن تسريع وتيرة نقل الاختصاصات ذات الأولية و المتعلقة بالاستثمار الى المصالح اللاممركزة”.
وخلص لبكر حديثه قائلا: “يبدو إذن، من مجمل ما جاء في هذا التقرير، وحتى التقارير التي سبقته، أن رؤية ” تأهيل” الورش الجهوي أصبحت واضحة، وأصبح الكل على علم الآن بنقط القوة والضعف، وهذا شيء أساسي طبعا لبلورة برنامج عمل جديد، موضوعي، شجاع وطموح، يؤهل الجهة لكي تكون في مستوى الأحداث التي تتحضر لها بلادنا اليوم، وأعني بذلك على الخصوص، البداية الفعلية لتطبيق مشروع الحكم الذاتي في المنطقة الجنوبية من بلدنا العزيز، ثم حدث تنظيم كأس العالم. الموعد الرياضي العالمي الذي نعلق عليه العديد من الآمال”.