فشل التحالف السياسي الذي جمع بين رفاق حزبي التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والذي تم تأسيسه أواخر سنة 2023، بهدف توحيد الرؤى وإعطاء إنطلاقة جديدة للعمل اليساري المشترك بين الحزبين داخل المعارضة، بعد الجمود الذي يعيشه التيار اليساري بالمغرب منذ سنوات مما جعل مستقبله على المحك، في الوقت الذي كان فيه هذا التوجه الحزبي قوة سياسية ثقيلة في البلاد.
وحسب مصادر موثوقة تحدثت لـ”الأيام 24″، فإن الأسباب الحقيقية وراء تعثر هذه المبادرة السياسية بين حزبي “الكتاب” و”الوردة”، هو الانسحاب غير المعلن لزعيم الاشتراكيين إدريس لشكر من هذا التكتل، خاصة بعد الكشف عن سيناريو التعديل الحكومي، والذي كان يراهن عليه هذا الأخير للدخول إلى مضمار الأغلبية الحكومية.
وأضافت المصادر نفسها، أن رغبة إدريس لشكر في تشكيل تكتل يجمع بين الأحزاب السياسية اليسارية وأيضا أحزاب المعارضة، جاء نتيجة بعض الضغوطات التي كان يعيشها “الزعيم” داخل المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو ما دفعه إلى تقديم مشروع عمل مشترك على طاولة الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله الذي قبل العرض دون تردد.
وأكدت المصادر ذاتها، أن “حزب التقدم والاشتراكية دخل إلى المبادرة التي طرحها إدريس لشكر دون مزايدات سياسية، عكس هذا الأخير الذي كان يريد استخدام هذا التحالف كورقة ضغط على عزيز أخنوش لدخول الحكومة، خاصة وأن رئيس الحكومة كان يلمح في الكواليس إمكانية استقطاب حزب “الوردة” إلى الحكومة خلال التعديل الحكومي، بشرط الاستمرار في معاداة حزب العدالة والتنمية سياسيا”.
وأضافت المصادر ذاتها، أنه بعد انقطاع الإشارات من رئيس الحكومة بخصوص احتمالية دخول “زعيم” الاشتراكيين إلى التشكيلة الحكومية، أعطى لشكر مهمة مستحيلة لبنعبد الله من أجل إقناع كل من حزب الحركة الشعبية والعدالة والتنمية للانضمام إلى هذا التحالف.
وتابعت أن مهمة إقناع حزبي “السنبلة” و”المصباح” كانت صعبة خاصة مع عبد الإله بنكيران الذي كان يرفض رفضا قاطعا مشاركة حزب “الوردة” في أي عمل سياسي، “علما أن الإسلاميين كانوا يعتبرون لشكر “الآلة البشرية” التي وقفت ضد الحزب في محطات سياسية عدة”، على حد تعبير المصادر نفسها.
وزادت أنه بعدما خرج لشكر للعلن ليؤكد أن أحزاب المعارضة تدرس إمكانية تقديم ملتمس رقابة لإسقاط الحكومة، وهو الأمر الذي صدم هاته الأحزاب السياسية بدورها، اتصل الأمين العام لحزب الحركة الشعبية محمد أوزين بالوسيط السياسي بنعبد الله، ليستفسر عن حقيقة هذا الادعاء، مشددا على أن حزب “السنبلة” لن يشارك في هذه المسرحية السياسية التي تخفي أهدافا معينة، حسب نفس المصادر.
واعتبرت أن “إدريس لشكر حاول الانتقام من حركة الشعبية خلال عملية تشكيل اللجن داخل المجلس النواب، بعدما حدث اصطدام قوي بين الطرفين حول رئاسة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، والتي كان زعيم الاشتراكيين مصرا على الفوز بها لترضية بعض الأصوات المزعجة داخل الحزب، من بينها القيادي سعيد بعزيز الذي كان يتعارض في أكثر من مرة مع توجهات الأمين العام لحزبه”.
وشددت المصادر على أن حزب التقدم والاشتراكية قام بإنجاز ورقة سياسية وهي مازالت محفوظة بالسرية، حول التصور العام لهذا التكثل والبرامج التي كان من المنتظر أن ينزلها لتقوية عمل الأحزاب اليسارية وأيضا المعارضة، حيث تتضمن الوثيقة أيضا قراءة مفصلة للمشهد السياسي الحالي، مبينة أن “إدريس لشكر لا رغبة في احياء هذا الائتلاف الذي أصبح في حكم الميت”.
عوض الاستقالة من مناصبهم وترك الفرصة للشباب، يقوم أمناء أحزاب آخر الزمان بالتشبت بالكراسي والمناورة للحصول على منصب وزير ولو بدون حقيبة. وبعد ذلك يشتكون من عزوف المواطنين عن المشاركة في الإنتخابات.
أحزاب تستغل المواطن في فترة الانتخابات لأنهم يبحثون عن مصالحهم ومصالح أبنائهم