أصبحت في الآونة الأخيرة مسطرة “نزع الملكية من أجل المنفعة العامة” من المسائل الشائكة والمعقدة، التي حولت حياة العديد من الأسر المغربية إلى مآس حقيقية تتطلب مراجعة ضرورية لهذا القانون المثير للجدل، وهو الأمر الذي دفع أغلب الفعاليات السياسية والحقوقية إلى مطالبة الجهات المسؤولة بمراقبة خرائط “نزع الملكية” والتحقق من هدفها، ومدى ملائمتها مع الشروط والأحكام المنصوص عليها طبقا للقانون رقم 7.81.
ويعتبر مجموعة من المراقبين أن قانون “نزع الملكية من أجل المنفعة العامة” يعد من بين المساطر التي تشوبها نواقص مفضوحة، نظراً للتناقض الحاصل بين شقه النظري والتطبيق العملي، مما قد يمس بالأمن القانوني والتعاقدي والعقاري، حيث باتت مراجعته تحظى بالإجماع.
وكشفت عويشة زلفي، عضو الفريق الاشتراكي (المعارضة الاتحادية) بمجلس النواب والمنتخبة عن جهة كلميم واد نون في سؤال كتابي، عن الاختلالات التي ترافق قانون 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، بعدما أكدت أن “العديد من الطلاب والأسر تفاجؤوا بالحديث أخيرا، عن مقترح تحويل مؤسسات جامعية بمدينة كلميم من موقعها الحالي إلى موقع آخر خارج المدار الحضري دون مراعاة لمصلحة الطلبة، خصوصا في ظل الحديث عن غياب النقل الحضري من وإلى المدينة، وبعد هذا الموقع عن مختلف الخدمات الحضرية”.
وتعود تفاصيل هذا الموضوع إلى عهد الوزير السابق أمزازي، عندما اشترطت الوزارة الوصية توفير عقار من أجل بناء مؤسسات جامعية بكلميم، حيث تدخل رجل أعمال بالمنطقة، وقام بمنح عقار لبناء مؤسسات جامعية بالمدخل الشمالي لمدينة كلميم، على مقربة من مدينة المهن والكفاءات، وبعد تعيين ميراوي وزيرا جديدا في حكومة أخنوش غير مكان إقامة المؤسستين الجامعيتين بكلميم من المكان الذي حصلت فيه على العقار الموهوب، إلى مكان آخر بمنطقة “الرك الأصفر”، وذلك في ظروف غامضة.
وفي هذا الإطار، قال صافي الدين البودالي، رئيس الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام لجهة مراكش الجنوب، إن “الموضوع المطروح الآن بقوة في الساحة الوطنية هو نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وهذه القضية المثارة ليست جديدة، لأنه كانت تتحكم فيها لوبيات منذ زمن بعيد، وكلما كانت أراضي سلالية موجودة بمنطقة معينة يتم تفويتها تحت ذريعة الاستثمار”.
وأضاف البودالي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “ذوي الحقوق لهم الحق والأسبقية في الاستثمار في الأراضي المنزوعة من أجل المنفعة العامة، ونحن في الجمعية المغربية لحماية المال العام سبق وأن نبهنا في أكثر من مرة ورفعنا شكايات تخص جرائم استغلال النفوذ والاستلاء على الأملاك والعقارات تحت غطاء الاستثمار خاصة بمنطقة مراكش”.
وتابع المتحدث عينه أن “المستثمرون لا يفكرون في المصلحة العامة وإنما في مصلحتهم الخاصة، وأن الموجة الأخيرة لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة تثير نقاشا شعبيا كبيرا، حيث كان في فترة سابقة نزع الملكية بهدف بناء مستشفى أو كلية أو مدرسة، لكن اليوم أصبحت هذه المسطرة توظف في الاستثمارات الضخمة”.
وأشار الفاعل الحقوقي إلى أن “محاكم المملكة المغربية أصبحت تنهال تعرضات المواطنين ذوي الملكية، لأنه من حق الجميع الطعن في هذا القرار والمطالبة بالتعويض المادي” مشددا على أن “شروط هاته المسطرة لم تعد كالشروط السابقة، لأن هذا الإجراء أصبح يستفيدوا منه فقط المنعيشين العقاريين”.
وأردف أيضا أن “مجموعة من العقارات في مدينة الدار البيضاء يجب أن تكون محسوبة على قطاع عمومي، تحولت إلى عمارات سكنية تحت طائلة المصلحة العامة، حيث تم تفويت هاته الأراضي بواسطة قانون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وهذا يسري حتى على المجال القروي”.