بوريطة ولقجع يكشفان إجراءات تفعيل الأمازيغية

 

 

“إن النهوض بالأمازيغية مسؤولية وطنية، لأنه لا يمكن لأي ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية. كما أنّ عليها، انطلاقا من تلك الجذور، أن تنفتح وترفض الانغلاق، من أجل تحقيق التطور الذي هو شرط بقاء وازدهار أيّ حضارة”.

 

هكذا أسس الملك محمد السادس في خطاب أجدير يوم 17 أكتوبر 2001 آليات النهوض بالثقافة الأمازيغية وترسيخها، من خلال بلورة سياسة تهدف إلى إعادة الاعتبار للهوية والمكون الثقافي الأمازيغي، باعتباره مكونا أساسيا من مكونات الثقافة المغربية.

 

 

إلا أن التنزيل الرسمي للغة الأمازيغية في وزارتي المالية والخارجية يبدو أنه لا يسير بالشكل الصحيح، بل تطبعه شوائب وتقصيرات، دفعت رئيس الفريق الحركي، إدريس السنتيسي، إلى الاستفسار عن ” تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية على مستوى قطاع الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج”، في سؤال كتابي تقدم به المسؤول البرلماني إلى قائدي الوزارتين المذكورتين.

 

 

وتفاعلا مع الموضوع، قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، والوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، إن وزارتيهما ملتزمتان بالتنزيل التدريجي للطابع الرسمي للغة الأمازيغية.

 

 

وفي هذا الصدد، أوضح بوريطة أن وزارته ملتزمة بالمضي قدما في التنزيل التدريجي للطابع الرسمي للغة الأمازيغية، تنفيذا للمخطط الحكومي المضمن في القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية.

 

 

ومن هذا المنطلق، قال بوريطة إن الوزارة وضعت برنامج عمل متكامل ومرحلي يهدف إلى التنزيل الكامل للغة الأمازيغية في مجالات اشتغالها، مؤكدا أن البرنامج المذكور يعتمد على مجموعة من الإجراءات والتدابير التي تروم إدماج اسم الوزارة باللغة الأمازيغية في الترويسة على مستوى مراسلات الوزارة.

 

 

وأبرز بوريطة أنه تم إدراج اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية في آليات التشوير المخصصة للقطاع، مثل واجهات مكاتب التصديق التابعة للوزارة وواجهات مكاتب القرب القنصلية التي يتم فتحها بمناسبة عملية مرحبا” على مستوى موانئ العبور، وينتظر أن يعمم قريبا على البعتات الدبلوماسية والمراكز القنصلية.

 

 

وأضاف وزير الخارجية في معرض جوابه ان الوزارة تتيح خدمة الإرشاد بالأمازيغية على مستوى الرقم الأخضر المخصص للمراكز القنصلية، إضافة إلى الترجمة إلى الأمازيغية للموقع الإلكتروني المخصص للمساطر والإجراءات القنصلية “Consulat.ma”، وتلتزم بتعيين موظفين يتقنون اللغة الأمازيغية على مستوى القنصليات التي تشهد توافدا كبيرا للجالية المغربية التي تتحدث اللغة الأمازيغية، بهدف إرشادهم وتوجيههم، وتيسير تواصلهم للاستفادة من الخدمات القنصلية والإدارية.

 

 

ومن جهته، أكد فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، في إجابته على السؤال ذاته، أن الوزارة بادرت منذ أكتوبر 2014 إلى تكريس الجهود والإمكانيات لإدراج اللغة الأمازيغية في مجالات تدخلها، بتعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، عبر توقيع اتفاقية شراكة لتبادل الخبرات بين الطرفين، وتسريع عملية إدماج اللغة الأمازيغية.

 

وفي سياق دفاعه عن جهود الوزارة لتفعيل طابع اللغة الأمازيغية، قال إنه تم اعتماد شعار الوزارة باللغة الأمازيغية في جميع المراسلات، وإنجاز التشوير باللغة الأمازيغية على مستوى المصالح المركزية، فضلا عن إطلاق النسخة الأولى للموقع الإلكتروني للوزارة باللغة الأمازيغية، تقدم من خلاله المعلومات الضرورية للمواطنين، خاصة فيما يتعلق بالهيكل التنظيمي واختصاصات الوزارة وقيمها.

 

 

وارتباطا بالموضوع، أشار لقجع إلى الإجراءات التي قامت بها الوزارة، والتي تتعلق بإنشاء خلية مركزية على مستوى مديرية الشؤون الإدارية والعامة، تهدف إلى تنسيق وتتبع مراحل إدراج اللغة الأمازيغية داخل الوزارة.

 

وتابع لقجع، ثم “متابعة عملية التشوير بالأمازيغية خاصة بالمصالح اللامركزية، وإطلاق نسخة جديدة من الموقع الإلكتروني للوزارة باللغة الأمازيغية معززة بمحتويات إضافية باللغة الأمازيغية على غرار ميزانية المواطن وقانون المالية والتقارير المصاحبة له”.

 

وفي السياق ذاته، أبرز المتحدث نفسه أنه تم اعتماد اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية في الحملات التحسيسية والتواصلية الموجهة للعموم، لافتا إلى الكبسولات الناطقة بالأمازيغية بلهجاتها الثلاث التي قامت الوزارة بإنجازها ونشرها خلال جائحة “كوفيد19″، بالإضافة إلى إنجاز كبسولة لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج للتعريف بإدارة الجمارك وخدماتها.

 

 

 

وشكل خطاب أجدير منعطفا تاريخيا لمسار حافل بالانجازات، انطلق من ترسيم اللغة والهوية الأمازيغية في دستور فاتح يوليوز عام 2011، مرورا بتعيين لجنة ملكية تولت مهمة صياغة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية والذي يهدف إلى حماية وتطوير اللغتين العربية والأمازيغية ومختلف أشكال التعبير الثقافي المغربي يوم 12 أكتوبر 2015، وصولا إلى صدور القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، في الجريدة الرسمية يوم 26 شتنبر 2019.

 

 

وعملت الحكومة على تنزيل مجموعة من المشاريع المتعلقة بتعزيز استعمال اللغة الأمازيغية في الإدارات العمومية وإدماجها بمختلف مجالات الحياة العامة، بغلاف مالي يناهِز 200 مليون درهم برسم سنة 2022، وبرمَجَتْ 300 مليون درهم برسم قانون المالية لسنة 2023، ليتم رفعه بنحو تدريجي خلال السنوات المقبلة ليبلغ 1 مليار درهم في أفق سنة 2025.

 

 

وفي حدث تاريخي يحمل دلالات عميقة، أقر الملك محمد السادس في الـ3 من ماي 2023، رأس السنة الأمازيغية، عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، مصدرا توجيهاته الملكية إلى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بإلزامية التفعيل السليم للإجراءات اللازمة تجسيدا للرؤية الملكية الرامية إلى الارتقاء بالمكون الثقافي الأمازيغي.

 

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق