طبيبة أمراض نساء تثير جدلا في مصر حول انتشار حالات حمل غير شرعي

القاهرة
BBC

أثار مقطع فيديو نشرته طبيبة أمراض نساء مصرية حول ما وصفته بحالات حمل غير شرعي، حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتقادات حقوقية في مصر، ما استدعى تحقيقا جنائيا انتهى بقرار النيابة العامة بحبسها احتياطيا على ذمة اتهامات بتكدير السلم وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فيما أحالتها نقابة الأطباء للتحقيق.

بدأت القصة عندما نشرت طبيبة تدعى وسام شعيب، التي تعمل في أحد مشافي محافظة البحيرة، شمالي البلاد، مقطعا مصورا تتحدث فيه عما وصفته بحالات الحمل غير الشرعي التي استقبلتها في عيادتها الخاصة أو المستشفى الحكومي الذي تعمل به مؤخرا، حيث تحدثت الطبيبة عن حالة قاصر تبلغ 14 عاما، وتحمل جنينا في شهره الثامن، متهمة عائلتها بالتقصير في تربيتها ورعايتها.

وأضافت وسام أنها لم تتعاطف مع والدة الطفلة الحامل، عندما سقطت السيدة أمام باب العيادة وحاول الناس مساعدتها وسمعت أحدهم يقول إنها ربما توفيت، وترى أن ما حدث لابنتها "نتاج تربية والدتها" على حد وصفها.

وأشارت الطبيبة في الفيديو المتداول إلى واقعة أخرى حول سيدة جاءت إلى المستشفى للولادة، وقد لجأت لاستئجار شاب يحمل عقد زواج عرفي غير مؤرخ لتسجيل الجنين باسمه، ودعت في نهاية المقطع كل أب إلى إجراء تحليل "DNA" لأبنائه للتأكد من صحة نسبهم على حد قولها.

غضب على مواقع التواصل الاجتماعي

توالت الانتقادات للطبيبة وسام التي آثرت في بادئ الأمر ألا تحذف المقطع المتداول، ثمّ قامت بحذفه بعد ساعات، ونشرت فيديو آخر تبرر فيه حديثها المثير للجدل.

وحاولت الطبيبة وسام الرد على الاتهامات الموجهة إليها من خلال الفيديو الجديد تقول فيه إنها لم تذكر اسم مريض أو رقم هاتف أو عنوان أو أي صفات تشير إلى هوية أي شخص على حد قولها، وأضافت أنها كانت تتحدث بصفة عامة مثل أي طبيب يتحدث في برنامج تلفزيوني عن الحالات التي استقبلتها وكيفية علاجها، أو مثل أي محامي يتحدث على منصات التواصل الاجتماعي عن القضايا التي تولاها والأحكام التي صدرت فيها على حد وصفها.

من جانبها نشرت المحامية والحقوقية نهاد أبو القمصان عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان فيديو تستنكر فيه تعميم حالة قد تكون "ارتكبت خطأ" على جميع الفتيات، موضحة أن ما حدث يمثل إهانة لكل الفتيات وتعميم سلوك "إجرامي" على أنه سلوك طبيعي، ويمثل جريمة مرتبطة بهدم الثقة في الأسرة المصرية، وفقا للمادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، التي تختص المحاكم الاقتصادية بالنظر فيها.

وتقول أبو القمصان إن "الإنسان المتعلم المثقف لا يعطي آراء انطباعية"، وترى أبو القمصان أنه إذا أرادت طبيبة أن تقدم فيديو يخاطب جموع الناس لتتحدث عن قضية وكأنها قضية عامة، فكان عليها أن ترجع لإحصائيات وزارة الصحة لمعرفة نسبة الأطفال الناتجة عن علاقة غير شرعية.

وأكدت النقابة العامة للأطباء في مصر إحالة الشكاوى المقدمة ضد الطبيبة إلى لجنة آداب المهنة للتحقيق فيها، وشددت على استنكارها لأي أفعال فردية، من شأنها الإساءة للمريض والمهنة معا.

وقال الدكتور أسامة عبد الحي نقيب الأطباء في مصر خلال حديثه مع بي بي سي إن "الأطباء لا يحاكمون الناس أخلاقيا، فهذه ليست وظيفتنا كأطباء".

ويقول عبد الحي إن الطبيبة كان يتعين عليها إبلاغ السلطات المختصة في حالة حمل الطفلة ذات الـ14 عاما لأن ما حدث جريمة ضد طفلة تعرضت للاعتداء، وليست امرأة بالغة "منحرفة أخلاقيا".

وأوضح أنه يجب على الدكتورة وسام أن لا تتهم الطفلة التي تعرضت لاعتداء بأن أهلها لم يقوموا بتربيتها، فليس من حقها أن تصدر أحكاما أخلاقية على الناس، كما أنه من الممكن أن تكون الطفلة قد تعرضت للاعتداء على حد قوله.

ويرى نقيب الأطباء في مصر أنه "يسهل الاستدلال على المرضى الذين تحدثت عنهم الطبيبة لأنها تعمل في مكان ريفي والناس على دراية ببعضهم"، مضيفاً أن الطبيبة ذكرت تفاصيل لا يجب ذكرها أو نشرها للعامة، لأنها تتعلق بمشاكل المرضى.

ويرى الدكتور عبد الحي أن الطبيبة أطلقت أحكاما كثيرة عن "وجود حالات زنا وحمل غير شرعي بدون أي تحقيقات"، موضحاً: "إننا كأطباء وظيفتنا أن نعالج المرضى ونساعدهم، ولدينا نصوص في قسم الطبيب وفي لائحة أداب المهنة بأن نستر عورات المرضى ونكتم أسرارهم ولا يحق لها ذكر ما قالته".

وأوضح عبد الحي أنه يتعين محاسبة الطبيبة عن والدة الطفلة التي سقطت منهارة أمام العيادة ولم تتعاطف معها وتركتها، فوفقا لآداب المهنة، يتعين على الطبيب إنقاذ المريض حتى لو كان عدوه وأثناء الحرب، فالطبيبة جانبها الصواب في كل ما ذكرته على حد تعبيره.

وأضاف الدكتور عبد الحي أن لجنة آداب المهنة تجري تحقيقا لتحديد حجم التجاوز الذي حدث وعدم الالتزام بآداب المهنة، موضحا أن العقوبات تبدأ من إنذار بالفصل أو وقف عن العمل لفترات تتراوح من شهر وحتى سنة أو شطب كامل من النقابة وفق نوع المخالفة المرتكبة.


شاهد أيضا

التعليقات مغلقة.