بعد مضي شهر واحد على تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الذي أظهر تزايد مظاهر الفساد في عهد حكومة أخنوش، جرى تقليص الميزانية السنوية لهذه المؤسسة الدستورية بما يقارب 60 مليون درهم، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل حول ما إذا كانت الحكومة لا تحسب خطواتها أثناء إصدار هكذا قرارات، لاسيما وأنها تدرك مسبقا أن ذلك لن يجر إلا مزيدا من الانتقاد والمساءلة.
وفي نفس السياق، أطلع رئيس الهيئة، محمد البشير الراشدي، مجلس النواب على أن الميزانية المقترحة لعام 2025 بلغت 210,17 مليون درهم بالمقارنة بـ269,38 مليون درهم في السنة المالية 2024، التخفيض الذي اعتبره البعض مجازاة على قيام الهيئة بأدوارها المنوطة بها، والمؤطرة بقوة القانون.
وتضمن التقرير السنوي للهيئة معطيات تكشف مظاهر القلق الواسع بين المغاربة بشأن تزايد الفساد، حيث يجد 79% من المواطنين أن جهود الحكومة في محاربة الفساد داخل الإدارات العمومية “سيئة أو سيئة جدًا”، وأن ترتيب المغرب تراجع في مؤشر مدركات الفساد منذ عام 2018، حيث حصل على درجة 38 من 100 لعام 2023، ما يعكس انخفاضًا قدره 5 نقاط خلال السنوات الخمس الماضية.
وعلى مستوى الأعمال، أوضح التقرير نفسه أن 68% من الشركات تعتبر الفساد منتشرًا في المغرب، خاصة في قطاعات مثل منح التراخيص، الصفقات العمومية، والتوظيف. مضيفا أن 23% من مسؤولي الشركات واجهوا نوعًا من الفساد خلال العام الماضي، أغلبها عبر طلبات مباشرة من الموظفين.
ومن الواضح أن هذه المعطيات أغضبت حكومة عزيز أخنوش، ليأتي ردها في تصريحات مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الذي انتقد الهيئة بشكل علني، معبرا عن “دهشته” إزاء تقييم الهيئة لجهود الحكومة في مكافحة الفساد.
وأشار بايتاس، خلال ندوة صحفية تلت اجتماع المجلس الحكومي المنعقد يوم 10 أكتوبر 2024 إلى أن محاربة الفساد مسؤولية مشتركة، داعيا المؤسسات التي تكشف ملفات الفساد التوجه للقضاء، باعتباره الجهة المسؤولة عن محاسبة المتورطين، في خطوة أثارت الجدل، لتتصاعد الدعوات إلى تعزيز المساءلة والشفافية في الإدارة العامة، وسط تحذيرات من تأثيرات الفساد على ثقة المواطنين، والشركات بالمؤسسات الحكومية.
وجدير بالذكر، أنه واستناداً إلى المقتضيات الدستورية، فقد نص القانون 46.19 المنظم للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، على مهام الوقاية من الفساد ومكافحته، خاصة ما يتعلق بالتوجيه والإشراف والتنسيق، وضمان تتبع تنفيذ وتقييم السياسات العمومية، وجمع ونشر المعلومات في هذا المجال، والمساهمة في تخليق الحياة العامة، وتعزيز مبادئ الحكامة الجيدة، وثقافة المرفق العام، وقيم المواطنة المسؤولة، كما أناط بالهيئة أيضا مهام الكشف والتحري والتحقيق في الملفات المتعلقة بأفعال الفساد.
ميزانية هيئة 210 مليون درهم؟؟!!!! هذا هو الفساد بعينه! اللهم إن هذا منكر!