في سياق الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، نعود بكم إلى ما أثاره الملك الراحل الحسن الثاني في كتابه “ذاكرة ملك” حول قرار التنحي عن العرش الذي كان مستعدا لاتخاذه لو فشلت المسيرة الخضراء. وهو يعبر عن شعوره بعد عودته من أكادير إلى الرباط، حيث وقف على شرفة القصر يتأمل البحر وملعب الغولف، ويتحدث إلى نفسه حول إمكانية عدم العودة إلا لتجهيز حقائبه للمنفى.
ويقول الراحل الحسن الثاني في “ذاكرة ملك”: “لو فشلت المسيرة، لكان من الضروري أن أستقيل، فقد كان يستحيل عليّ ترك ضحايا غير مسلحين إلا بكتاب الله وراية المغرب”، مؤكدا أنه كان سيتحمل عواقب ما قد يصفه العالم بالمغامرة، إذ لم يكن بإمكانه مواجهة الناس في ذلك الوضع.
كما يشاركه هذا الشعور الفقيه بينبين، مؤنس الملك، حيث أوضح في كتاب “نزاع الصحراء” لمؤلفه موريس باربيي أن فكرة الاستقالة كانت تراود الملك في حال عدم نجاح المسيرة في تحقيق أهدافها الخاصة باسترجاع الأقاليم الصحراوية.
فكرة التنحي كانت تمثل خطرا سياسيا ودستوريا، لكن الحسن الثاني كان قد وضع خطة مسبقة لمواجهة ذلك. حيث قال إنه كان سيشكل مجلس وصاية حتى يبلغ نجله سن الرشد، وأنه كان ينوي العيش في الخارج، إما في فرنسا أو الولايات المتحدة، حيث يمتلك عقارا في نيوجيرزي.
وعندما سُئل عن إمكانية رحيله عن المغرب، أجاب الحسن الثاني: “نعم، لكن سيكون غيابي جسديا فقط، لأن شعور المرارة لن يتركني، خاصة أنني عشت تجربة المنفى من قبل”.
ويستعد الشعب المغربي، من شمال المملكة إلى جنوبها، غدا الأربعاء 06 نونبر 2024، للاحتفال بالذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، تلك المحطة التاريخية التي تعكس قوة الترابط بين العرش والشعب، باعتبارها واحدة من أبرز الملاحم الوطنية في مسيرة استكمال الوحدة الترابية.
ويأتي هذا الاحتفال في أجواء يطبعها الحماس والاعتزاز بما حققه المغرب مؤخرا من مكتسبات لصالح القضية الوطنية، حيث تُعد هذه الذكرى فرصة لتأمل الدروس المستفادة، وتجديد الالتزام بقضية الوحدة الترابية، مع استحضار الأهميات التاريخية التي تشكل علامة فارقة في تاريخ المغرب الحديث.