“الاشتراكي الموحد” يحذر من تداعيات المديونية على الاقتصاد الوطني

أعلن البنك الدولي للإنشاء والتعمير، في تقريره الأخير، عن موافقته على منح تمويل للمغرب بقيمة 1.75 مليار دولار للمغرب، خلال السنة المالية 2024، بهدف دعم الدول الشريكة في مواجهة التحديات التنموية المتزايدة، ليضع المملكة في المركز السابع عالميا ضمن قائمة أكبر المستفيدين.

 

 

ويجد خبراء أن سياسة المديونية التي يعتمدها المغرب من مؤسسات مالية دولية، تطرح إشكالية عميقة، حول الانعكاسات المحتملة للاقتراض على الاختيارات السيادية للدولة، وتأثير ذلك على مستقبل التنمية بالبلاد، في ظل استنزاف الثروات الوطنية، مما يجعل المغرب أمام رهانات كبرى تستوجب اعتماد حلول بديلة لتفادي الاملاءات الخارجية المفروضة، في إطار سياسة التنازلات، بين بلد صاعد وقوى مالية عالمية.

 

 

جمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، قال في تصريح لـ”الأيام24″، إن المغرب يعيش واحدة من أخطر أزماته الاقتصادية، مع استمرار التضخم، وعدم استقرار أسعار سوق البترول، وتوالي سنوات الجفاف، ثم المشاريع الضخمة المرتبطة بتنظيم كأس العالم 2030، والاتفاقات المالية مع النقابات الممثلة للمأجورات والمأجورين، والموظفات والموظفين دون نسيان آثار زلزال الحوز، ومخلفات أزمة كورونا الاقتصادية.

 

 

وفي غياب حلول مالية مبتكرة، أوضح العسري أن “حكومة “الپاطرونا”، التي تغلق آذانها عن كل الاقتراحات التي تأتي من اليسار وتنظيماته، وعلى رأسها الحزب الإشتراكي الموحد، تلجأ كأي تلميذ كسول إلى أسهل الحلول، ألا وهو الاستدانة من الصناديق الدولية، ناسية أو متناسية المنطق الذي يقول أنه كلما ارتفعت مديونة دولة ما، إلا وتقلص هامش حريتها، ويقلص هامش استقلالية قرارها السياسي”.

 

 

وأكد المتحدث نفسه أن “الدولة المستدينة تفقد حريتها واستقلاليتها في اتخاذ القرارات السياسية الكبيرة، وتبقى تحت إملاءات وتوجيهات الصناديق المالية الكبرى، والدول المتحكمة فيها، ومن هنا يمكن فهم الجانب الآخر المظلم من إصرار الدولة على المضي قدما في سياسة التطبيع، رغم الرفض الشعبي الواسع له، بل المناهض له”.

 

ويرى الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد أن “هذه ليست الآثار الوحيدة للاستدانة، بل إن المواطن البسيط يكون أول المتضررين من ارتفاع الدين، حيث أنه كلما ارتفع الدين، إلا وارتفعت تكاليف سداده ،ومع ارتفاع تكاليف السداد ارتفعت أسعار المواد، وعلى رأسها المواد الأساسية، وارتفعت الضرائب المباشرة وغير المباشرة، لأجل تسديد هذا الدين من جيوب المواطنين، وجميعنا نتذكر وبألم سنوات التقويم الهيكلي، وما عاناه المواطن”.

 

 

وارتباطا بالموضوع، أشار العسري في معرض حديثه إلى ضرورة تذكر انتفاضة الدار البيضاء في بداية ثمانينيات القرن الماضي، والقمع الكبير الذي واجهه المواطن وهو يدافع عن لقمة عيشه، لدرجة أن وزير الداخلية الأسبق سمى تلك الانتفاضة الشعبية بانتفاضة “الكوميرة”.

 

 

وفي نفس السياق، أوضح العسري أنه على الحكومة أن تعي جيدا أن دين اليوم هو ضريبة الغد، وبعد غد، وبعد بعد الغد، فهي ضريبة تؤديها الأجيال القادمة، وضريبة تكبل حرية واستقلالية الوطن، وترهن السيادة الوطنية.

 

 

وبتأسف، اعتبر العسري أن الحكومة استسهلت مسألة اللجوء للاستدانة للتغطية عن عجزها، وعن عدم قدرتها حلحلة قوانين المالية، والميزانية المستنسخة على الدوام، والمفتقدة لأي حلول مبتكرة لأزمات مألوفة، مستطردا، “حكومتنا تدخلنا مرة أخرى إلى مغارة الديون، متناسية أن الاستدانة بمثابة كرة ثلج متدحرجة يزداد حجمها، وحينما تتدحرج تزداد مخاطرها، وهي تقترب من القاع، وواقع الوطن ينبئ بقرب حصول الاصطدام الذي يتوقع الجميع حدوثه، ولا أحد يدري متى سيحدث، و إن كان الجميع متيقن من وقوعه”.

 

 

ويرى المتحدث نفسه أن “الهم الوحيد لحكومة الباطرونا هو مصالح الطبقة البورجوازية، باعتبارها الطبقة الوحيدة المستفيدة من نظام الاستدانة، مادامت هي المتحكمة في اقتصاد الوطن، ووكيلة الشركات التجارية الكبرى، لتصبح لها سلطتان، سلطة قهر المواطن بما تفرضه من أسعار، وسلطة فرض سياساتها ومطالبها على الحكومة، التي تدرك جيدا أنه كلما ارتفعت مديونة الدولة إلا و يتم إعادة توزيع المداخيل لفائدة هذه الطبقة التي تزداد استفادتها من الاستغلال الطبقي، وخاصة استغلال الطبقة العاملة، واستنزاف الموارد الطبيعية”.

 

وتابع، “ويظهر ذلك بشكل واضح حين تستجيب حكومة أخنوش دوما لمقترحات كونفدرالية أصحاب المال، والشركات التي يتقدمون بها، سواء في البرلمان، أو عبر ممثلي نقابتهم في مجلس المستشارين”.

 

وخلص العسري إلى أن “الحزب الإشتراكي الموحد يرفض سياسة الاقتراض”، منبها “لمخاطرها على السيادة الوطنية، واستقلال القرار الوطني، وعلى المواطن والسيادة الشعبية، التي ما فتئنا نطالب و نناضل من أجلها، ومن أجل تحقيقها، لبناء مغرب الغد، مغرب الحرية، والكرامة، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والمساواة الفعلية”.

 

 

وجدير بالذكر، أن وزارة المالية تؤكد من خلال تقريرها المرفق لمشروع مالية 2025، أن حجم الديون للإدارات العمومية انتقل من 880,5 إلى 964 مليار درهم بين سنتيْ 2022 و 2023، وأن “هذه الديون تشكل 66,2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، وأن حجم الدين بالمغرب في تطور ليصل عند متم سنة 2023 إلى 1016,7 مليار درهم، مسجلا ارتفاعا قدره  6,8% مقارنة بنهاية سنة 2022، ونفس المنحى من الإرتفاع يعرفه الدين الخارجي، لتبلغ نسبته 24,99% نهاية سنة 2023، مقابل 24,0% نهاية سنة 2022.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق