أمام التحولات السياسية الكبيرة التي شهدتها مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب كخيار واقعي، والذي حظي بتأييد متزايد من قوى دولية وإقليمية، يواصل النظام الجزائري التمسك بموقفه العدائي تجاه الرباط. وذلك من خلال استقباله لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، في مطار هواري بومدين. خطوة اعتبرها بعض الخبراء قد تضع الجزائر في مواجهة تعقيدات دبلوماسية كبيرة.
عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، اعتبر أن هذا الاستقبال يعكس وجود خلل نفسي عميق لدى قادة الجزائر، متسائلا بالقول: “هل يوجد رئيس دولة، مثل تبون، يستقبل زعيم ميليشيا يطلقون عليه لقب “رئيس” في رحلة داخلية من الجزائر وإليها؟”.
وفي حديثه لموقع “الأيام24″، أشار اسليمي إلى أن هذا الحدث يعكس حالة إفلاس سياسي للجزائر وعزلة قاتلة يعيشها النظام العسكري، الذي يبدو أنه لم يعد يعرف كيف يدير ملف البوليساريو المرفوض دوليا، حتى في جوانب بروتوكول الاستقبال.
وأضاف اسليمي أن هناك ارتباكا واضحا لدى تبون وإبراهيم غالي، مشيرا إلى أن ملامح قادة دول مثل ليبيا وموريتانيا وتونس، الذين ظهروا في الصور إلى جانب تبون وغالي، تعبر عن رفض غير معلن، حيث بدا أن الجميع يبتعد عن غالي، في الوقت الذي تحاول فيه الجزائر فرضه عليهم.
وأشار أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط إلى أن غالي بات محصورا في الجزائر، ويتنقل فقط بين أراضيها، خاصة بعد فضيحته في اليابان ورفض استقباله في الصين.
ووفقا لتحليله، ليس غريبا أن ينظم تبون مثل هذا الاستقبال في ذكرى نونبر، حيث أن النظام العسكري الجزائري يعتمد ورقة العداء للمغرب منذ 1962 كركيزة لحكم البلاد، وتضاف إليها قضية البوليساريو التي أصبحت جزءا من اللعبة السياسية الجزائرية ومن تاريخ النظام العسكري الجزائري.
وأكد اسليمي أن محاولة إدراج غالي في صورة مشتركة مع ضيوف مغاربيين مثل تونس وليبيا وموريتانيا تعكس ازدواجية في التعامل، موضحا أن انهيار البوليساريو يعني انهيار النظام العسكري الجزائري.
وأضاف أن النظام الحاكم في الجزائر مستعد لارتكاب أي شيء للحفاظ على جبهة الانفصال، حتى لو كان ذلك على حساب الجزائريين.
ويرى اسليمي أن إدخال غالي وسط ضيوف مغاربيين يعكس ازدواجية في تصرفات العسكر الجزائري، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الجزائري يدعو في خطابه إلى اتحاد المغرب العربي، في الوقت الذي يسعى فيه النظام إلى هدم هذا الاتحاد بإدخال ميليشيا مثل البوليساريو في معادلة العلاقات بين الدول.