حافظت روسيا على “حيادها الإيجابي” خلال جلسة التصويت على مشروع قرار مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، التي انعقدت مساء أمس الخميس، وانتهت بالتصويت على قرار تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء “المينورسو” لمدة عام إضافي، مع دعوة الأطراف، بمن فيهم الجزائر، إلى استئناف المفاوضات للتوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول للطرفين في المنطقة.
القرار الذي يحمل رقم 2756، اعتمده مجلس الأمن بأغلبية ساحقة؛ فمقابل امتناع روسيا والموزمبيق، حظي النص بتأييد 12 دولة هي: الولايات المتحدة، فرنسا، المملكة المتحدة، الصين، كوريا، غينيا، اليابان، مالطا، سيراليون، سلوفينيا، سويسرا ولإكوادور، بينما تم تسجيل مغادرة مندوب الجزائر لقاعة التصويت بعد رفض تعديلين تقدم بهما.
وبالرغم من التقارب المسجل بين روسيا والمعسكر الداعم للطرح الانفصالي، خاصة الجزائر، إلا أن موسكو تحفظت عن التصويت لصالح المقترحين اللذين تقدمت بهما الجارة الشرقية، والمتعلقين بإضافة فقرة تقضي بتوسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة في الصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، ثم الدعوة إلى استثنائها من لائحة الأطراف المعنية بهذا الملف.
مفسرا الخطوة، أوضح مندوب روسيا أن امتناع بلاده عن التصويت على تعديلات الجزائر يكمن في “موقف موسكو الراسخ الرافض لإضافة حقوق الإنسان في عمل بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء”، مشددا على أن ذلك “لا يتماشى مع هدف البعثة الأممية”.
لكن، إذا كانت موسكو لم تـُساير الجزائر في مناورتها من داخل مجلس الأمن، فلماذا لم تصطف إلى جانب باقي الدول الـ12 التي كان تصويتها لصالح المغرب؟
موضحا المعادلة، يقول الخبير في العلاقات الدولية وفي ملف الصحراء أحمد نور الدين، إن امتناع روسيا عن التصويت في مجلس الأمن، هو تحفظ على مصدر القرار، أي الولايات المتحدة الأمريكية كونها هي من تقدمت بمسودته، ومرد ذلك، يضيف المتحدث في تصريح لـ”الأيام 24″ إلى طبيعة علاقة الصراع التي تربط موسكو وواشنطن.
وأشار نور الدين إلى أن المستهدف من موقف روسيا ليس المغرب، بل حاملة القلم، أمريكا، وهو يندرج في إطار “المناكفات والخلافات العميقة بين البلدين”، مضيفا: “ما ينبغي تسجيله هو أنه رغم كون روسيا هي المزود الرئيسي للجزائر بالأسلحة وحجم المصالح بينهما، إلا أن موقفها يبقى إيجابيا، ولا يقف حائلا أمام اعتماد القرارات الأممية حول الصحراء المغربية، بالرغم من أن وزن الدولة الاتحادية داخل مجلس الأمن يجعلها قادرة على استعمال “الفيتو” لإسقاط المشروع برمته”.
وأبرز الخبير في العلاقات الدولية أن امتناع روسيا عن التصويت يفسر لصالح المغرب، من منطلق حرصها على عدم إثارة المناقشات حول القضية التي تشكل البوصلة السياسية التي تحدد على أساسها المملكة علاقاتها مع الدول ضمن مساعيها لحماية مصالحها في القارة الإفريقية، مستحضرا في هذا السياق التعاون الاقتصادي والاتفاقيات التي تربط موسكو والرباط، بما فيها تلك المتعلقة بالصيد البحرب والتي تشمل كامل السواحل الأطلسية للمملكة، متضمنة مياه الأقاليم الصحراوية.