تحوّل المغرب إلى ورش مفتوح أمام رؤوس الأموال وتدفق الاستثمارات الأجنبية، خاصة منها الإسبانية والفرنسية، مع انتقال موقف مدريد وباريس بشأن نزاع الصحراء من الضبابية إلى الوضوح، أي دعم سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية باعتبار مخطط الحكم الذاتي الذي تقترحه الرباط منذ 2007 الأساس الوحيد والأكثر مصداقية للتوصل إلى حل سياسي عادل، مستدام ومتفاوض بشأنه طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
توقيع اتفاقيات اقتصادية ضحمة بين المغرب ودول أجنبية، آخرها فرنسا، الراغبة في رفع حجم استثماراتها في المغرب بما يشمل الأقاليم الصحراوية، والدخول إلى قطاعات جديدة في سياق خطط توسعها الاقتصادي في الأسواق الإفريقية؛ يفتح الباب نحو التساؤل: هل يعكس ذلك تنازلات قدمتها الرباط مقابل كسب المزيد من التأييد للطرح الذي تقدمه كحل للملف؟
في رده على هذا السؤال، قال الخبير الاقتصادي خالد بنعلي إن “العلاقات الخارجية بين الدول يحكمها منطق المصالح، وهو معيار حاضر في الجيوبوليتيك عند صنع وإنتاج قرارات الدول وسياساتها”، مؤكدا أن “المغرب في معركته الأخيرة مع فرنسا خرج منتصرا، بانتزاع اعتراف رسمي منها بسيادته على الصحراء، كيفما كان المقابل الاقتصادي الذي قدمه”.
وأوضح بنعلي، في حديث مع “الأيام 24″، أنه “لا أحد يمكن أن يجادل في مدى أهمية أن تكون فرنسا إلى صف المغرب في قضية الصحراء، يكفي فقط أن نذكر أنها عضو دائم بمجلس الأمن وتأثيرها في القرار الدولي حاضر بقوة”، مضيفا: “المغرب أصبح اليوم رقما صعبا في معادلة النظام العالمي الجديد، فهو رافعة اقتصادية في إطار علاقاته مع إفريقيا “جنوب جنوب”، وفرنسا أدركت أنها إزاء دولة مؤثرة لا يستهان بها في جميع القضايا الجيوسياسية، كما أن الكل سيمر عبرها نحو إفريقيا”.
ومع احتضان المغرب لكأس العالم 2030، يشير بنعلي، استأثرت المشاريع الضخمة التي يُنجزها المغرب في الصحراء، باهتمام دولي واسع، في ظل تداعياتها وعائدتها الكبيرة المرتقبة على مستوى الرفع من الدينامية الاقتصادية ليس في منطقة الصحراء فحسب، بل حتى بالنسبة لدول الجوار، وبالأخص دول الساحل.