بعد أسابيع قليلة من فوز عبد المجيد تبون، بالرئاسة الجزائرية لولاية ثانية، بدأ الجيش العسكري للجارة الشرقية يتحرك نحو المنطقة المجاورة للحدود المغربية، وفق ما أعلنت عنه المجلة الناطقة باسمه، وهو الأمر الذي أثار انتباه المراقبين الذين نبهوا في الوقت ذاته إلى خطورة وجود “تصعيد” عسكري ضد المغرب.
وتأتي هذه التحركات العسكرية بالمنطقة المحادية للحدود الفاصلة بين المغرب والجزائر، بعد أيام من قرار فرض التأشيرة على المغاربة، حيث أكدت مجلة الجيش في عددها الأخير لشهر أكتوبر الجاري، على أن “المنطقة العملياتية الجنوبية الغربية تحظى باهتمام كبير من طرف القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي”، وفق قولهم.
وحسب القيادة العسكرية الجزائرية فإنه يجب “دعم هذه التشكيلات والوحدات، بتأمينات لوجستية فعّالة، قادرة على تنفيذ مهامها بالحجم والنوع المحدد في جميع مراحل وظروف المعركة، بما يكفل الجاهزية العملياتية العالية والمستمرة للوحدات القتالية”، مشيرة إلى أن “القيادة الجهوية اللوجستية بالناحية العسكرية الثالثة ببشار، تعمل على تحقيق كل هذا، بالتنسيق مع المديريات الجهوية للإسناد”.
وفي تعليقه على خطوة الجيش الجزائري، قال محمد الطيار، الخبير الأمني والاستراتيجي، إن “جميع خطط الجيش الجزائري المعلن عنها منذ النصف الاول من عقد الستينات تتعامل مع المنطقة المجاورة للحدود المغربية بمنطق كونها ساحة مواجهة، قابلة للاشتعال في أي وقت، والتحول إلى حرب مباشرة وقتال”.
وأضاف الطيار، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الإعلان عن رزمة خطط وإجراءات تُغطي جميع جوانب الدعم اللوجستي والتقني للقوات المسلحة الجزائرية كما جاء في مجلة الجيش، وكذا الإعلان عن خطط لإخلاء السلاح والعتاد المعطل وإصلاحه وتقديم العون الطبي في الميدان، وإجلاء الجرحى والمرضى، فضلا عن وضع برنامج لإنشاء طرق المواصلات ومهابط الطائرات، وكل ما يتعلق بالتكفل بالقوات وتموينها وفق الخطط المرسومة”.
وتابع المتحدث عينه أن “الحديث عن هذه الخطط والبرامج المتعلقة بوضعية الجيش الجزائري خاصة في المناطق المحادية للحدود مع المغرب، مرتبط بشكل كبير بكون النظام العسكري الجزائري قد أسس عقيدته القتالية ومبررات وجوده على الاستعداد الدائم للدخول في حرب وشيكة مع المغرب لخلق حالة من الاستنفار داخل الشعب الجزائري، وصرف نظره عن الأزمات الواسعة التي يعيش فيها”.
وحسب الخبير الأمني والاستراتيجي المغربي، فإن “الجزائر تعيش حاليا في وضعية المعزول إقليما ودوليا فالمعارك على أشدها عند حدودها المشتركة مع مالي، كما أن الجنرال الليبي حفتر قدم عدة إشارات وقام بعدة إجراءات تعكس استعداده للدخول في حرب عسكرية مع الجزائر”.
وأشار أيضا إلى أن “مرض الملاريا انتشر بشكل خطير في مدن الجنوب الجزائري، وارتفعت أعداد الوفيات والمرضى، ومع ذلك يستمر النظام العسكرى الجزائري في استعمال ورقة المغرب واعتباره الخطر الوحيد المحدق بالجزائر”.
واعتبر الطيار، أن “الحديث عن خطط لإخلاء السلاح والعتاد المعطل وإصلاحه، يقدم في الحقيقة صورة واضحة عن وضعية الترسانة العسكرية للجيش الجزائري، الذي دخل في أزمة خطيرة بسبب الحرب الروسية الأكرانية، بحكم أن الجزائر تعتمد بشكل كبير على روسيا”، لافتا إلى أن “الجزائر أصبحت تعيش خصاصا كبيرا في قطع الغيار وتدهور حالة الأسلحة والمعدات، بحكم أن المصانع والتقنيين الروس يخصصون كل مجهودهم الحربي لتزويد الجيش الروسي”.
واختتم الطيار حديثه قائلا: “ما جاء في مجلة الجيش الجزائري يعكس في الحقيقة الأزمة الخانقة التي يعيشها الجيش من قلة العتاد والدخيرة، وانعدام صيانة المعدات وهشاشة الخريطة اللوجستية، وتراجع المعنويات وتعدد جبهات التهديدات والمخاطر على طول الحدود الإقليمية للجزائر”.