يستعد المخرج المسرحي المغربي الشاب أسامة منصف لتقديم عمله الجديد “قفطان لالة”، يوم الخميس 10 أكتوبر 2024، بقاعة العروض ميغاراما بالدار البيضاء، في تجربة تهدف إلى إبراز التراث المغربي بلمسة حديثة من خلال أسلوب كوميدي ساخر.
وسيشهد “قفطان لالة” مشاركة نخبة من الكوميديين والفنانين وصناع المحتوى، من بينهم الكوميدي صويلح، والممثلة غيثة الكزولي، إضافة إلى الممثل مهدي تيكيطو.
كما تشارك في العرض الفنانة وهيبة بويا، إلى جانب سلمى فيدا وغيثة عصفور ورباب أسعيد، كواحدات من صانعات المحتوى البارزات على منصات العرض الرقمي.
في هذا الحوار، يكشف المخرج أسامة منصف، لـ”الأيام24″، كواليس التحضير لهذا العمل الفني الجديد، وأبرز القضايا التي تم التطرق إليها، والصعوبات التي واجهته خلال رحلة الإعداد، وعن نظرته لمستقبل “أبي الفنون” بالمغرب ومواضيع أخرى متنوعة.
إليكم نص الحوار كاملا:
1. باعتباركم مخرجا شابا.. هل يشكل “قفطان لالة” أولى تجاربكم في الإخراج المسرحي؟
لا، هذه ليست تجربتي الأولى في الإخراج المسرحي، حيث اشتغلت على عدة مشاريع مختلفة، بدأت من المسرح المدرسي، وأنشطة دور الشباب والثقافة، وصولا إلى المسرح الجامعي وتجربة الاشتغال مع بعض الفرق المسرحية. ولكن “قفطان لالة” يمثل أول تجربة احترافية تلتزم بجميع قوانين وأعراف العرض المسرحي.
هذه التجربة متميزة لأنها تجمع بين الكوميديا والميديا، وطرحت علينا تحديات كبيرة على مستوى طرح الفكرة كرهان ثقافي صعب تقبله. كما واجهنا تحديات في تأطير وتكوين الممثلين، إضافة إلى رهان المضمون الذي يعتمد على جذب جمهور الشباك.
2. ما هو الموضوع الرئيس للمسرحية؟
الموضوع الرئيسي لمسرحية “قفطان لالة” هو إتاحة فضاء ثقافي لمناقشة التعارض الذي يحدثه التحول القيمي والثقافي والاجتماعي في حياة المغاربة.
ناقشنا هذه التحولات من خلال تسليط الضوء على حياة أسرة مغربية محافظة قادمة من عمق أحد قصور تافيلالت للعيش في مدينة الدار البيضاء.
هذا الانتقال خلف صدمة ثقافية لها، وكان ذلك فرصة لمساءلة التحولات في العلاقات الاجتماعية مثل أشكال القرابة، علاقات الجوار، أشكال الاحتفال، الذوق الموسيقي، احترام العادات، والزواج والمصاهرة، وذلك في قالب كوميدي ساخر يهدف إلى الترفيه وفتح نقاش ودي.
3. ما الصعوبات التي واجهتَها وواجهتموها كفريق؟
من أبرز الصعوبات التي واجهناها كانت تقبل الجمهور المتخصص لفكرة صناع المحتوى فوق خشبة المسرح، إلى جانب تحدي تأطير هذا النوع من المشاركين الذين اعتادوا التحدث خلف الشاشات.
كان من الصعب إيجاد أشخاص لديهم كفاءات مسرحية واعتادوا على منصات العرض الرقمي، وكان العمل معهم في إطار برنامج تأطيري وتكويني مرهق، إلى جانب البحث عن العناصر المجربة المناسبة.
على مستوى المحتوى، كان التحدي في صياغة حبكة درامية تناقش قضايا مجتمعية وراهنة في قالب كوميدي، لأن الكوميديا تُعتبر رهان الشباك والمشروع يعتمد على إقبال الجمهور.
4. كم أخذ منكم الإعداد والتدريب من الوقت والجهد؟
بدأت فكرة “قفطان لالة” منذ فبراير الماضي خلال حديث عفوي مع صديق. تطورت الفكرة تدريجيا، وبدأنا الاشتغال على النص، وبعدها بدأنا في انتقاء الممثلين، وهي مرحلة كانت صعبة في البداية، بدأنا ورشة التكوين في يونيو. التدريبات الفعلية بدأت في أواخر شهر يوليوز، حيث تكثفت تدريجيا لتصل إلى المرحلة النهائية استعدادا للعرض الأول يوم 10 أكتوبر 2024.
5. ما المنتوج المسرحي الذي يعتبر “قفطان لالة” عنوانًا له؟
ندرك جمعيا التحديات التي تواجه المسرح الجاد، حيث حلت المنصات الرقمية محل العديد من أشكال الفن التقليدي من خلال الاستهلاك اللحظي والفردي. من هنا جاء التفكير في كيفية الاستفادة من هذه الطاقة الرقمية التي تظل محبوسة داخل الشاشات ولا تجد مكانا لها على خشبة المسرح. “قفطان لالة” هو محاولة لإبداع متنفس جديد للمسرح المغربي، حيث ساهم في هذا العمل ممثلون، كوميديون، وصناع محتوى، في محاولة لخلق تجربة مسرحية تدمج بين التراث والحداثة، وتخلق بدائل فرجوية أمام الجمهور المغربي.
6. كيف تنظر إلى مستقبل المسرح بالمغرب، خاصة مع الجيل الشاب وفي ظل سطوة مواقع التواصل الاجتماعي واستسهال التشخيص؟
أعتقد أن تطوير المسرح المغربي لا يمكن أن يتم إلا بحضور عوامل رئيسية: أولا، موهبة التشخيص، والتي لا تُشترط بالضرورة بالانتماء إلى معاهد أو مدارس معينة. هناك العديد من المواهب الشابة المحبوسة داخل شاشات “إنستغرام” مثلا ولم تجد بعد طريقها إلى المسرح، وهذا هو هدف المشروع.
ثانيا، يجب أن يكون هناك التزام حقيقي بالتشخيص، والتضحية من أجل الفن المسرحي، والنضال من أجل قيمه وقضاياه، وهذا الالتزام لا يأتي إلا من الصادقين.
ثالثا، لا بد من الانفتاح على التقنيات الحديثة في العرض، سواء على مستوى التشخيص أو الكتابة أو السينوغرافيا، وكذلك استثمار التطورات التقنية مثل الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى ضرورة استخدام أدوات الدعاية والتسويق الحديثة عبر منصات العرض الرقمي لتحفيز الجمهور. فلا يمكن تجاهل هذه الأدوات بدعوى المحافظة على الأعراف التقليدية التي لم تعد ملائمة للواقع الراهن.
أخيرا، لا يمكن الحديث عن أداء مهني سليم قبل التطوير دون تكوين أصيل وعميق، يشمل أساسيات العرض المسرحي وتقنياته، وتاريخه وقضاياه وأسسه النظرية.
كل التوفيق سي أسامة، متشوقون لحضور العرض الأول 🙏🏻