نزوح نصف مليون لبناني نتيجة الضربات الإسرائيلية “الموسعة”، وإسرائيل تؤكد اختراق مسيرة لأجوائها “مصدرها الشرق”
تواصلت الغارات الإسرائيلية على مناطق مختلفة في لبنان، وتسببت في مقتل 19 شخصاً على الأقل اليوم، بحسب ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية، في وقت يقترب فيه عدد النازحين اللبنانيين من "نصف مليون".
وقالت الوزارة في حصيلة أولية إن "غارة العدو الإسرائيلي اليوم على بلدة المعيصرة في كسروان"، التي تقع على بعد نحو 30 كم شمال بيروت، أدت إلى "استشهاد ثلاثة أشخاص وإصابة تسعة بجروح".
وأعلنت الوزارة في بيان آخر أن الغارة الإسرائيلية على بلدة جون قضاء الشوف جنوب بيروت، أدت في حصيلة أولية إلى "استشهاد أربعة أشخاص وإصابة سبعة بجروح".
وعلى الجانب الآخر، أعلن مدير الإسعاف الإسرائيلي إصابة 3 إسرائيليين، أحدهم في حالة خطيرة، جراء سقوط شظايا صواريخ في كيبوتس ساعر قرب نهاريا شمالي إسرائيل.
وبحسب مراسل بي بي سي، سُمع دوي 10 اعتراضات على الأقل من منظومة القبة الحديدية بين مدينة حيفا والناصرة.
- كيف غيّرت هجمات لبنان الموقف في الشرق الأوسط خلال أسبوع واحد؟
- حزب الله اللبناني: الجذور ومنابع النفوذ
غارات "موسعة"
أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يشنّ غارات "موسعة" على مناطق في جنوب لبنان وشرقه.
وأدّت غارات على بلدات عين قانا وبنت جبيل وتبنين في جنوب لبنان إلى مقتل 8 أشخاص وإصابة العشرات، وفق وزارة الصحة.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر أمني لبناني تأكيده أن الغارة في المعيصرة استهدفت منزلاً.
وأفاد سكان من القرية الواقعة في كسروان ذات الغالبية المسيحية، عن سماع صوت انفجارين.
ورأت شاهدة عيان منزلاً ومقهى مدمّرين بالكامل في مكان القصف.
وتحدثت الوكالة الرسمية اللبنانية عن "سقوط صاروخين" في الغارة غير المسبوقة بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء أنه "يشنّ هجمات واسعة في جنوب لبنان وفي منطقة البقاع" الواقعة عند الحدود الشرقية مع سوريا.
وفجر الأربعاء، أعلن حزب الله إطلاق صاروخ بالستي نحو تل أبيب للمرة الأولى منذ بدء التصعيد قبل نحو عام، مستهدفاً مقراً لجهاز الموساد، لكن الجيش الإسرائيلي اعترضه.
وفي وقت سابق أعلنت ما تسمي نفسها "المقاومة الإسلامية في العراق "- الحليف لحزب الله والمدعومة من إيران- أنها هاجمت بواسطة صاروخ الأرقب "كروز مطور" هدفاً حيوياً في إسرائيل. وأكدت استمرار عملياتها ضد إسرائيل.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أن سلاح الجو "اعترض مسيرة جنوب منطقة بحيرة طبريا أطلقت من جهة الشرق واخترقت الاجواء الاسرائيلية عبر سوريا، ولم تقع إصابات أو أضرار".
وتستهدف غارات إسرائيلية عنيفة منذ الإثنين جنوب لبنان وشرقه، في تصعيد حاد للنزاع المتواصل بين إسرائيل وحزب الله منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، على خلفية حرب غزة.
وأعلنت إسرائيل في منتصف سبتمبر/أيلول، توسيع أهداف الحرب في غزة لتشمل إعادة سكان شمال إسرائيل الذين نزحوا بسبب تبادل القصف مع حزب الله منذ بدء الحرب في غزة، إلى منازلهم، مدشنة بذلك سلسلة عمليات عسكرية عنيفة ضد حزب الله.
ويؤكّد حزب الله من جانبه أنه سيواصل مهاجمة إسرائيل "حتى ينتهي العدوان على غزة".
نزوح مئات الآلاف
دفع القصف والغارات العنيفة مئات الآلاف من اللبنانيين إلى النزوح من منازلهم.
وقالت نور حمد (22 عاماً)، وهي طالبة جامعية من مدينة بعلبك، "نعيش حالة من الرعب منذ أربعة أيام، ننام ولا نعرف إذا كنا سنستيقظ أم لا... صوت القصف مخيف جدا يخيف الأطفال والكبار... لم أعد قادرة على سماع أي صوت"، وفق ما أوردت فرانس برس.
وأضافت: "لا يمكن أن نصف مرارة ما يحصل معنا ولا يستطيع أي إنسان أن يتحمله. لا نريد أن نبقى هكذا... نريد أن تُحلّ الأمور ونعود إلى حياتنا الطبيعية".
وكان وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب قد أعلن أنّ عدد النازحين اللبنانيين بسبب التصعيد الحالي بين إسرائيل وحزب الله "يقترب من نصف مليون" نازح.
وبدأ التصعيد الأخير إثر موجة تفجير أجهزة الإرسال التي نسبها حزب الله لإسرائيل في 17 و18 سبتمبر/أيلول، وأسفرت عن مقتل أكثر من ثمانين شخصاً وإصابة نحو ثلاثة آلاف آخرين. وتلتها غارة إسرائيلية في 20 أيلول/سبتمبر على الضاحية الجنوبية لبيروت قتل فيها 16 من قادة قوة الرضوان التابعة للحزب، والتي تعد وحدة النخبة فيه، بينهم قائدها.
وأعلن حزب الله الثلاثاء مقتل إبراهيم محمد قبيسي، أحد قادته العسكريين، في غارة إسرائيلية في الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت أسفرت، وفق وزارة الصحة، عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 15 آخرين.
وتقرّر إبقاء المدارس والجامعات مغلقة حتى نهاية الأسبوع في لبنان، وأوقفت العديد من شركات الطيران رحلاتها إلى بيروت.
ردود فعل
أرجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رحلته إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب التصعيد.
وقال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الأربعاء في لقاء مع عسكريين قدامى إن "بعض القوى الفاعلة والقيّمة في حزب الله استشهدت، وهذا بلا شك ألحق ضربات بحزب الله، لكن قوة حزب الله أكبر من أن تنهزم أمام العدو، والاغتيالات لن تهزّ حزب الله".
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن لبنان يقف "على حافة الهاوية".
وحذّر الرئيس الأميركي جو بايدن من "حرب شاملة" في لبنان، مؤكدا على ضرورة "وضع اللمسات الأخيرة" على اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً الأربعاء، بناءً على طلب فرنسا. وهيمنت المخاوف من التصعيد في المنطقة على اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وحذّر وزراء خارجية مصر والعراق والأردن من أن "إسرائيل تدفع المنطقة نحو حرب شاملة"، منددين بـ"العدوان الإسرائيلي على لبنان".
وعبّر مفوض وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني عن خشيته من "حرب شاملة" ومن أن يتحوّل لبنان إلى غزة ثانية، التي دمرتها الحرب الدائرة فيها منذ نحو عام.
التعليقات مغلقة.