هيومن رايتس ووتش: استهداف إسرائيل للصحفيين “جريمة حرب”

امرأة تحمل صورة وشمعة
Reuters
عمّة الصحفي اللبناني عصام عبد الله تحمل صورته بعد أيام من مقتله

سلطت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، الضوء مجددا على حادثة مقتل صحفي لبناني وإصابة ستة آخرين في هجوم إسرائيلي بجنوب لبنان قبل نحو عام.

ونشرت المنظمة الحقوقية على موقعها الإلكتروني، تقريرا نوّهت فيه عن بيان لإحدى عشرة منظمة غير حكومية منها "هيومن رايتس ووتش" يطالب بإجراء تحقيق في تلك الحادثة من قِبل لجنة مكلّفة من الأمم المتحدة.

تأتي هذه الخطوات مع اقتراب الذكرى السنوية لمقتل الصحفي اللبناني عصام عبد الله (37 عاما)، الذي كان يعمل "مصور فيديو" بوكالة رويترز للأنباء، وقُتل في منطقة "علما الشعب" جنوبي لبنان في 13 أكتوبر/تشرين أول 2023، وفقاً لعدد من التحقيقات المستقلة.

"جريمة حرب"

استهدفت دبابة إسرائيلية عددا من الصحفيين بينما كانوا يقومون بتغطية أخبار قصف حدوديّ جنوبي لبنان.

وفي أعقاب الحادثة، قالت إسرائيل إنها "في غاية الأسف لمقتل أيّ مدني، سواء كان صحفيا أو غير ذلك من المدنيين"، لكن من دون أن تعلن المسؤولية عن الهجوم.

لكن تحقيقات قادتها مؤسسات صحفية ومنظمات حقوقية خلصتْ إلى نتيجة واضحة هي أن إسرائيل مسؤولة عن الهجوم، الذي صنّفته منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش "جريمة حرب".

وبرغم نتائج التحقيقات التي خلصت إليها منظمات مختلفة، لم تتحقق العدالة في مقتل الصحفي عصام عبد الله، حسبما تقول هيومن رايتس ووتش.

البيان الذي نوّهت عنه هيومن رايتس ووتش مؤرّخ في 13 سبتمبر/أيلول 2024، وموجّه إلى "لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنيّة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية".

رمزي قيس، باحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـهيومن رايتس ووتش، ويحقق في الانتهاكات الحقوقية في لبنان، طالب بدوره اللجنة الدولية بالتحقيق في هذا الهجوم بشكل عاجل وبنشر نتائجه.

وقال قيس إن "على اللجنة تحديد المسؤولين لتعزيز الجهود الرامية إلى ضمان تحقّق العدالة في هذا الهجوم".

وأنشئت لجنة التحقيق الدولية هذه في عام 2021، وهي مفوّضة للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الإنساني الدولي وانتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي إسرائيل.

وكانت هذه اللجنة أعلنت أنها تجمع وتحفظ الأدلة على جرائم الحرب التي ترتكبها جميع الأطراف منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023.

"الأكثر دموية للصحفيين منذ عقود"

المنظمات الإحدى عشرة المشاركة في البيان، تراوحت بين مؤسسات معنية بحرية الصحافة وأخرى معنية بحقوق الإنسان.

ودعت هذه المنظمات، اللجنة ذاتها إلى مراجعة النتائج التي توصلت إليها تحقيقات مستقلة أجريت بشأن الهجوم في كل من هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية والوكالة الفرنسية للأنباء، فضلا عن وكالة رويترز.

وطالبت المنظمات الإحدى عشر، اللجنة المعنية بالإفصاح عن الوحدة العسكرية المتورطة في الهجوم على الصحفيين، وبإرسال طلبات رسمية للحصول على معلومات من حكومات كل من إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة (نظراً لأن مواطنا أمريكيا يُدعى ديلان كولينز كان من بين الناجين من الهجوم).

ويرى رمزي قيس أن "تحقيقاً أمميا في مقتل عصام عبد الله من شأنه أن يكون حاسما للحفاظ على الأدلة لأي عملية مساءلة مستقبلية".

وتتهم هيومن رايتس ووتش القوات الإسرائيلية بقتل أكثر من مئة إعلامي في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023.

وبحسب بيان للجنة حماية الصحفيين، شهدت الأسابيع العشرة الأولى فقط من حرب غزة، والتي شهدت أيضا هجمات في لبنان، مقتل صحفيين يفوق عددُهم عددَ قتلى الصحفيين في أي بلد على مدى عام كامل.

وفي أغسطس/آب الماضي، حثت نحو 60 منظمة إعلامية وحقوقية الاتحاد الأوروبي على تعليق اتفاقية التعاون مع إسرائيل وفرض عقوبات عليها، متهمة إياها بـ "قتل الصحفيين" في غزة.

وفي بيان لها، وصف هذه المنظمات، الفترة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بأنها "الأكثر دموية للصحفيين منذ عقود".

وتنفي إسرائيل تعمُّد استهداف مدنيين أو إعلاميين في أيّ من هجماتها التي تقول إنها تأتي رداً على هجمات تقوم بها "منظمات إرهابية".

المحكمة الجنائية الدولية

في أبريل/نيسان 2024، رأت السلطات اللبنانية التقدّم إلى "المحكمة الجنائية الدولية" بما يفيد قبول اختصاص المحكمة في الجرائم الخطيرة المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023، لكن السلطات اللبنانية تراجعت في نهاية الأمر عن هذه الخطوة.

وبحسب هيومن رايتس ووتش، فإن "قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية كان من شأنه أن يمنح المدعي العام للمحكمة تفويضا للتحقيق في الهجمات المتعمدة على المدنيين والصحفيين بغضّ النظر عن جنسية المشتبه فيهم".

وفي مايو/أيار الماضي، أعلن المدعي العام للجنائية الدولة كريم خان أنه يسعى لإصدار أوامر اعتقال بشأن مسؤولين كبار من إسرائيل وحركة حماس على السواء.

وتنطوي مذكرات توقيف الجنائية الدولية على تبعات قوية، لعل أبرزها تقييد حركة الأشخاص الصادرة بحقهم؛ إذ ستتردد في استقبالهم الدول الموقعة على الاتفاقية الخاصة بالمحكمة (فيما يعرف قانونيا بأطراف نظام روما الأساسي) والبالغ عددها 124 دولة.

ويمكن للدول الموقّعة على هذه الاتفاقية أن "تعتقل أياً من الأشخاص الذين يصدر بحقهم مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية وأن ترسله بدورها إلى المحكمة ذاتها لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقّه وفقا للائحة المحكمة".


شاهد أيضا

التعليقات مغلقة.