حذرت فعاليات من مختلف المشارب من تكرار سيناريوهات 15 شتنبر، وإعادة الأحداث المأساوية التي خلفت مواجهات عنيفة بين السلطات الأمنية والمهاجرين غير الشرعيين على حدود المنطقة الفاصلة بين المغرب ومليلية المحتلة، بعد انتشار دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تُحرض الشباب واليافعين على تنظيم هجرة جماعية خلال يوم 30 شتنبر الجاري.
وعاشت مدينة الفنيدق والمدن المجاورة لها في الأيام القليلة الماضية على وقع مطاردات أمنية واعتقالات في صفوف القاصرين والشباب الحالمين بالاغتراب، بعد هجوم تم تنفيذه للوصول إلى الجارة الايبيرية، وهو الأمر الذي دفع الأجهزة الأمنية إلى شن حملة تمشيطية في مختلف المناطق التي تعد حسبهم نقط سوداء تهدد الأمن العام.
وعددت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بعد أيام من وقوع هذه الأحداث، الأسباب الرئيسية وراء تجمهر القاصرين والشباب بمدينة الفنيدق من أجل تنفيذ مخطط الهجرة نحو الديار الإسبانية، حيث طغى على هذه العوامل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التي اعتبرتها الهيئة الحقوقية دافعا جوهريا في القضية.
وقال عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إنه “من الناحية الواقعية هناك أزمة اجتماعية تعاني منها الأسر المغربية وخاصة الطبقة الفقيرة، التي شجعت الشباب على المغادرة نحو إسبانيا سباحة أو عن طريق البر”، مضيفا أن “القدرة الشرائية للمواطنين تدهورت إضافة إلى تفاقم أزمة البطالة وقلة فرص الشغل هذه كلها عوامل حقيقية أدت إلى تصنيع المشهد الأخير بمدينة الفنيدق”.
وأضاف تشيكيطو، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “هناك إشكاليات عدة يعاني منها المجتمع المغربي متعلقة بالصحة والتعليم، وهذا كاف لحدوث مثل هذه التصرفات التي شهدتها المناطق الشمالية وأفرزت مواجهات متشنجة بين السلطات الأمنية والراغبين في الهجرة”، مؤكدا على أن “هناك عدد من القضايا التي كانت من اختصاص الحكومة وقع فيها تراجعا كبيرا مما أدى سابقا إلى خروج الشغيلة والنقابات للاحتجاج في مختلف المدن المغربية”.
وتابع المتحدث عينه أن “هناك عدة أسباب دفعت شباب المغرب إلى الهجرة من أجل تحسين المستوى المعيشي وإنقاذ عائلتهم من الفقر، غير أن هذه الحملة التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد على عدم ثقة الشباب في مستقلبهم الذي بات مهددا حسب وجهة نظرهم”، مسجلا أن “هناك شباب من أسر ميسورة رموا بأنفسهم في مياه البحر الأبيض المتوسط من أجل معانقة الحلم الأوروبي”.
وأوضح رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أن “شباب المغرب أصبح يرى أن مستقبلهم في بلادهم مبهوم وغير واضح، وأن الهروب نحو البلدان الأوروبية هدفه تحسين المستوى المعيشي لأسرهم، وحتى المشاكل القطاعية التي طفت على السطح في الآونة الأخيرة أعطت صورة مسيئة للبلاد”.
وبعد أن أكد الفاعل الحقوقي أن “الدولة المغربية باتت تعامل الصيادلة والمحامين والأطباء والأساتذة وغيرهم من الموظفين بنفس المنطق”، أشار إلى أن “هذه المهن التي هي حلم لكل طفل مغربي لذلك ترسخت في أذهان اليافعين والشباب صورة مسيئة على الوطن”، مسجلا أن “هناك فئة وسط المهاجرين هدفها فقط الهجرة بدون أي دافع اقتصادي أو اجتماعي، وهذه مسؤولية تتحملها الأسرة وليس الدولة المغربية”.