بينما يرتقب أن يدشن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشاوراته غدا الجمعة لتعيين رئيس جديد للحكومة؛ برز مرشح فرنسي من أصل مغربي بشكل لافت في السباق المحموم نحو “ماتينيون”، لم يكن اسمه معروفا لدى عامة الفرنسيين، لكنه بات اليوم الأكثر تداولا في وسائل الإعلام بعد تزكيته من طرف اليسار ليكون رئيس الوزراء الفرنسي القادم.
ينحدر كريم بوعمران، من أسرة مغربية بسيطة لأبوين هاجرا إلى فرنسا حيث عانا من ظروف اجتماعية صعبة. هو آخر عنقود أسرته الذي أطلق صرخته الأولى عام 1973، ونشأ في سانت أوين البلدة الفرنسية التي تقطنها الطبقة الكادحة واستقر فيها والديه قبل أن يتولى عموديتها وعمره 47 سنة.
اليوم، يطفو اسم بوعمران كواحد من الشخصيات الصاعدة بقوة على الساحة السياسية الفرنسية، بمسار حافل وسيرة ذاتية قد يشكلان خيارا مناسبا ومثاليا بالنسبة لـ”الإليزيه” ليصبح رئيس وزراء فرنسا.
بدأ كريم رحلته الطموحة بالحصول على درجة الماجستير في الاقتصاد والقانون الأوروبي، قبل أن يقتحم مجال الأمن السيبراني الناشئ، الذي فتح أعينه على تجارب غنية طوَّر فيها قدراته، خاصة عندما سافر إلى الولايات المتحدة حيث صقل مؤهلاته.
في عام 1995، انطلقت المسيرة السياسية لكريم بوعمران، عندما انخرط في الحزب الشيوعي وعمره لا يتجاوز حينها 23 ربيعا، لكنه سيتخلص من الشيوعية ليعانق الاشتراكية، ملتحقا بالحزب الاشتراكي الذي سيصبح المتحدث باسمه، قبل أن يتم انتخابه لأول مرة لعضوية المجلس البلدي لمدينته سان دوني سنة 2014، ثم في 2020 ظفر بمنصب عمدة سان أوين.
خلال دورة الألعاب الأولمبية “باريس 2024″، نجح بوعمران في تحقيق اختراق إعلامي باهر، وصلت معه سمعته إلى مرحلة فارقة وتخطت حدود فرنسا، إذ نال إشادات لم تقتصر على بلاده فقط بل امتدت إلى ما أبعد من حدودها، لإدارته المثالية لاستقبال الرياضيين في سان أوين، خاصة البرازيليين منهم، ففيما أطلقت عليه صحيفة “دي فيلت” الألمانية اليومية لقب “أوباما فون دير سين”، مسلطة الضوء على شخصيته الكاريزمية، أثنت “نيويورك تايمز” على مساره قائلة: “ابن عامل مغربي أمي جاء إلى باريس للعمل في مواقع البناء لدعم إخوته وأخواته الذين بقوا في المغرب، السيد بوعمران يدرك تماما قوة صورته”.
وفي فرنسا، يتمتع هذا السياسي الذين يفضل العمل الميداني والتواصل عن قرب مع المواطنين، بدعم الأشخاص ذوي النفوذ، من قبيل الوزيرين السابقين جان لويس بورلو وكليمان بون، إضافة إلى الذين يدركون مواهبه كدبلوماسي وقدرته على تجاوز الانقسامات السياسية، من بينهم المستشار السابق في عهد الرئيس فرانسوا هولاند، الذي قال على منصة “إكس” إن “بوعمران لديه بالتأكيد المؤهلات ليكون البروفايل الأنسب لقصر الإليزيه”.