ما الذي سيربحه المغرب من الاعتراف الفرنسي على مستوى الأمم المتحدة؟
ذ. محمد أشلواح
- فرنسا لم تكن تاريخيا ضد السيادة المغربية على أقاليمها الجنوبية، بل كانت من المؤيدين لقرارات مجلس الأمن الدولي ولتدبيره لهذا الملف، فالجديد هنا أن فرنسا خرجت من وضعية المنطقة “الرمادية” إلى الاعلان الصريح على أن المغرب له كامل السيادة على أقالميه الجنوبية.
– تكريس التوجُّه الدولي الوازن من داخل الأمم المتحدة والذي يؤيد سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، يتعلق الأمر هنا أساسا بالولايات المتحدة الأمريكية التي تقود بكل قناعة الدول التي تؤمن بالحقوق المشروعة للمغرب على صحرائه، فاليوم انضمت فرنسا لهذا “الحلف” الذي سيكون له تأثير كبير على صياغة قرارات مجلس الأمن المتعلقة بقضية الصحراء، خاصة وأن فرنسا تُعدُّ من بين القوى الدولية التي تقرر في مصير العالم، من موقعها كعضو دائم في مجلس الأمن وتتمتع بعضويته الدائمة.
– التأثير على بقية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وذلك بِما يذهب في اتجاه مصلحة المغرب، خاصة إذا اخذنا في الاعتبار الموقف الروسي الذي بدأ يأخذ، في السنوات الأخيرة، حيادا إيجابيا بخصوص ملف الصحراء، حيث أضحى في أصعب الأحوال، بالنسبة للمغرب، يسلك طريق الامتناع عن التصويت، مما يرجح فرضية دعمه للإجماع الذي سيحصل في المستقبل بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن حول المنظور المغربي لملف الصحراء.
إن ما يجمع الصين استراتيجيا بالمملكة المغربية أكثر مما يفرقهما، بل هناك تقاطع في المصالح الاستراتيحية والاقتصادية والسياسية، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الدولية ومبدأ الوحدة الترابية للدول، فهذا الواقع سينعكس على الموقف الصيني داخل مجلس الأمن لصالح المغرب، هذا الأخير استطاع بناء علاقة قوية مع بريطانيا التي بدورها تتوافق، في غالب الأحيان، مع الاستراتيجية الأمريكية ومواقفها تجاه القضايا الدولية والاقليمية، وفي هذا السياق لابد من التذكير أن الولايات المتحدة هي صاحبة القلم في ملف الصحراء..، كلها إذن معطيات، إلى جانب أخرى، سَتُسرِّع، بدون شك، أن تسلك بريطانيا مسلك الولايات.م.الأمريكية، فرنسا، وإسبانيا.. .
– الموقف الفرنسي سوف يكرس التدبير السلمي للأمم المتحدة لملف الصحراء، ومن جانب آخر سيزيد من انكشاف ورطة “النظام” الجزائري كطرف رئيسي فيه، والذي أكده ذات “النظام” بشكل صريح، منذ مدة، وأكده في هذا السياق، سواء من خلال البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الجزائرية، حينما “أخبرتها” فرنسا بعزمها الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، أو عندما سحبت سفيرها من فرنسا بعد رسالة “ماكرون” إلى صاحب الجلالة التي أعلن فيها رسميا أنه “يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء المغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية، وأن بلاده “تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي”.
– بما أن فرنسا أصبح لها، اليوم، نفس المنظور المغربي لحل قضية الصحراء، فسوف تؤيد بالكامل وبشكل قطعي ما يتبنَّاه المغرب في هذا الاطار؛ وبالخصوص ما يتعلق بجعل تدبير ملف الصحراء حصرا في مجلس الأمن وحده.
هذا سيحيلنا إلى أمرين غاية في الأهمية: الأول يتمثل في عدم إرجاع- تحت أية طائل مهما كان- قضية الصحراء إلى منظمة الاتحاد الافريقي، التي بدورها سَتُطبِّق خلاصات اجتماع نواكشوط، الذي أخرج بالكامل هذا الملف من نقاشاتها، وهي التي اسبعدت(المنظمة) مؤخرا أي وجود في اجتماعاتها للكيان الوهمي.
أما الأمر الثاني فيتمثل في ضرورة الاسراع في العمل على إخراج ملف الصحراء من اللجنة الرابعة(لجنة تصفية الاستعمار)، وتأكيد جعله(الملف) فقط بين أيدي مجلس الأمن، وذلك تطبيقا للمادة 12من ميثاق الأمم المتحدة التي تمنع على أي جهاز آخر للأمم المتحدة إصدار أي قرار في كل قضية تتعلق بالسلم والأمن الدولين ما دامت معروضة على أنظار مجلس الأمن الدولي.
-إن الموقف الفرنسي سينعكس، دون شك، في قرارات مجلس الأمن، حيث ستصبح أكثر قوة ومناصرة للحقوق المشروعة للمغرب في صحرائه، وأكثر دعما للمسار التنموي والاقتصادي في المناطق الجنوبية للمغرب.
– إن الموقف الفرنسي الجديد سيجعل تقارير الأمين العام الأممي، بخصوص ملف الصحراء، خاصة مقترحاته وخلاصاته تَجِدُ لها صدى في أروقة الأمم المتحدة، فمقترحات الأمين العام سيستجاب لها وستصبح أكثر قابلية للتطبيق والتفعيل.كما هو الأمر بخصوص استحالة الاستفتاء.. وأيضا كل ما يتعلق بالمينورسو وولايتها.
-إن الموقف الفرنسي يعكس انتصار دبلوماسيا مغربيا لمقترح الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، لذلك فالأمم ستمضي في تأييد تطبيق المقترح المغربي، مادامت أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشكل عام، وفي مجلس الأمن بشكل خاص، تؤمن بحق المغرب في صحرائه وبما قدمه لحل هذا المشكل المفتعل، وفي حالة تعذر تنزيله، فالمغرب ماضٍ في تنزيل نظام الجهوية في كل مناطق المغرب، بما فيها الجنوب المغربي وفق خطط تنموية اقتصادية تشيد بها الأمم المتحدة وكل المجتمع الدولي، لذلك سعت العديد من الدول إلى جعلِ لَها تواجدا مباشرا عبر بعثاتها الدبلوماسية في الداخلة والعيون.
– إن الاعتراف الفرنسي الصريح بسيادة المغرب على صحرائه هو اعتراف وازن- لاعتبار فرنسا مستعمرا سابقا ويعي جيدا مدى مشروعية المغرب التاريخية على أراضه في الجنوب- سيجعل مجلس الأمن يتخذ خطوات حاسمة في ملف الصحراء: أولها العمل على إلزام الجزائر بتحمّل مسؤوليتها كطرف رئيسي في هذا النزاع الاقليمي وحثِّها على ضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي حالة الاستمرار في ذات الموقف على مجلس الأمن أن يكون أكثر حزما مع النظام الجزائري ويذهب في اتجاه تفعيل إجراءات ذات طابع إجباري(كتطبيق مقتضيات المادة 41 من الميثاق) نظرا لكون الجزائر أضحت تهدد السلم والاستقرار في المنطقة، مما قد يتسبب في تهديد السلم والأمن الدوليين، كما أنها تهدد الوحدة الترابية لدولة عضو في الأمم المتحدة وتخالف مبادئ وقرارات الشرعية الدولية.
وثانيها: تصنيف”البوليساريو” كمنظمة متطرفة وإرهابية، خاصة أمام توفر كل العناصر التي تجعلها في مصاف الجماعات التي أصبحت تشكل خطرا على أمن واستقرار المنطقة، بعد تورطها في عمليات؛ تهريب المخدرات والأسلحة والاتجار في البشر والمساعدات الانسانية، وقتل وتعذيب المحتجزين في تندوف، وتشكيل عصابات الخطف والسرقة.. وتنظيم وتدريب واحتضان.. “داعش” وأخواتها من الجماعات المتطرفة والعنيفة.
- أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس