تفاعلا مع الذكرى الخامسة والعشرين لتربع الملك محمد السادس على العرش، أكد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أنه “لا عين ستخطئ التفحُّص الموضوعي أنَّ المغربَ تَغَيَّــــرَ وجهُـــهُ نحو الأفضل خلال الخمس وعشرين عاماً الماضية من حُكم جلالة الملك محمد السادس، بفضل منجزاتٍ كبيرة شكلت، بحق، طفرةً تنمويةً هائلة، مما يبعث على الاعتزاز والافتخار”.
“ولأن الطموح صفة متأصلة لدى المغرب والمغاربة عبر التاريخ”، يردف بنعبد الله مؤكدا أن “مكتسبات هذه المرحلة الحافلة بالمنجزات لا تتنافى مع التطلع نحو مزيدٍ من التقدم وتجاوز التحديات المطروحة بشكلٍ طبيعي راهناً”.
وأضاف بنعبد الله، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “من الواضح أن النجاح البيِّن لمسيرة الإصلاح، خلال الخمس وعشرين سنة المنصرمة، ارتكز على عناصر قوة أساسية، في مقدمتها الاستنادُ إلى المكانة الخاصة والريادية للمؤسسة الملكية، وإلى الإرادة التحديثية القوية لجلالة الملك محمد السادس، وإلى التلاحم المتين بين العرش والشعب، والتفافِ كافة القوى الوطنية وراء جلالة الملك الذي يقود الإصلاح”.
وتابع المتحدث أنه “في هذا المناخ، تميزت المرحلة بدينامية تنموية ملفتة، في جميع الميادين، مما مكَّنَ المغرب من تعزيز مقومات المناعة والتفرُّد والاستقرار، في محيط عالمي وإقليمي مضطرب عموماً بعنوان اللايقين”.
وأشار السياسي البارز إلى أنه “على الصعيد الديبلوماسي، تصاعدت في عهد جلالة الملك محمد السادس، مكانة المغرب، بشكلٍ بارز، وتنوعت شراكاته الدولية، بصورةٍ مُمَيَّزَة ومتوازنة. كما عاد المغربُ إلى فضاء الاتحاد الأفريقي عودةً متألقة ومظفرة، بإشرافٍ شخصي ومِقدام لجلالة الملك، فصار المغربُ، اليوم، يتبوأ مكانة رائدة إفريقيا، على أساس علاقاتٍ متكافئة ومتعددة الأبعاد مع البلدان الإفريقية.
وأشار بنعبد الله إلى “مبادرتيْن ملكيتين قويتيْن ورائدتيْن تنِمَّان عن رؤية ملكية استراتيجية وثاقبة: يتعلق الأمر بالاستراتيجية الأطلسية لدول الساحل، وبالمشروع الاستراتيجي الضخم لأنبوب الغاز المغرب – نيجيريا”. مؤكدا أنهما “مبادرتان من بين أخرى عديدة تجعل الأمل يتقوى في ميلاد أفريقيا جديدة يسودها النماء والازدهار والاستقرار واستثمار الخيرات الذاتية لما فيه خير ومصلحةُ الشعوب الأفريقية”.
وحسب زعيم حزب “الكتاب”، فإن “هذا الموقع القاري الرائد لبلادنا، في عهد جلالة الملك محمد السادس، تظافَرَ مع تقديم المغرب، بشكلٍ شُجاع وحكيم، لمقترح الحُكم الذاتي بخصوص النزاع المفتعل حول مغربية صحرائنا، لتتشكل فعلاً بذلك ثورةٌ جيوسياسية بالمنطقة، بما جعل المغرب في موقعٍ أقوى من أيِّ وقتٍ مضى في دفاعه عن توطيد وحدته الترابية، بدليل المكتسبات الهامة، نوعاً وعدداً، التي يواصل المغربُ حصدها على مستوى قضيتنا الوطنية الأولى، لا سيما باستحضار مسلسل الاعترافات الوازنة إمَّا بمغربية الصحراء، أو بوجاهة ومصداقية مقترح الحكم الذاتي كحلٍّ سياسي وعملي وواقعي وحيد يقضي بتخويل أقاليمنا الجنوبية حُكما ذاتيا موسَّعًا في كَنَفِ السيادة المغربية”.
في هذا الصدد، يرى المتحدث أن “ما يميِّزُ سياسة مغرب الملك محمد السادس، تُجاه الجيران، هي السموٍّ والحِكمة وبُعد النظر، من خلال سياسة الممدودة، المرتكزة على إيمانٍ راسخٍ لبلادنا بالمصير المشترك لبلدان وشعوب المنطقة”.
أما في الميدان السياسي والمؤسساتي والحقوقي، أكد بنعبد الله أن “المغرب حقق خلال المرحلة، مكتسباتٍ غاية في الأهمية، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس. وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكرُ مسلسل الإنصاف والمصالحة، والقوانين المكرِّسَة للحريات الفردية والجماعية، بما في ذلك حرية الصحافة، وتطور دعم الأحزاب، ودورية الانتخابات، وتعزيز خيار الجهوية واللامركزية، والتقدم الحثيث في مجال المساواة، بما في ذلك إصدار مدونة للأسرة في 2004 هي اليوم في المراحل الأخيرة لمراجعتها مرة أخرى”.
وتابع: “ثم تمَّ تتويجُ هذا المسار باعتماد دستور 2011 المتقدم، والذي حسم في اعتماد الاختيار الديموقراطي كثابت من الثوابت الوطنية الجامعة للأمة، وكَرَّسَ دولة الحق والقانون، ووَسَّعَ فضاء الحريات، وعزز البناء الدستوري والمؤسساتي الديموقراطي القائم على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها وتكاملها، وعلى الديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة. ومن الطبيعي جدًّا أنَّ مجهوداً يتعين بذله من طرف كافة قوى المجتمع من أجل التفعيل التام والأمثل لكل مقتضيات هذا الدستور وفق منطق التراكم”.
أمَّا في المجال الديني والقيمي والثقافي، يرى الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن “الـ25 سنة الماضية تميزت بإصلاحات عميقة، يَقُودُها صاحبُ الجلالة الملكُ محمد السادس، تتأسس على إعادة تأطير الحقل الديني بمزيد من الانفتاح والاعتدال والتسامح، وعلى تعزيز ودمقرطة الولوج إلى الثقافة والفنون، مع استثمار كل ذلك إيجاباً في المحاصرة العقلانية والاستباقية للتطرف والتعصب والإرهاب. كما شملت المكاسبُ القيميةُ تعميقَ الانفتاحِ حضاريا وثقافيا على الفضاء الإنساني الكوني، علاوة على الاعتراف الصريح والاهتمام الكبير بالأمازيغية والارتقاء بمكانتها”.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أشار بنعبد الله إلى أن “مغرب الملك محمد السادس حقق منجزاتٍ هائلة، إذ صارت بلادُنا قوةً اقتصادية صاعدة ووِجهة استثمارية وسياحية عالمية لا محيد عنها، بعد أن كانت مهددة في نهايات القرن الماضي بالسكتة القلبية.
“ومن أبرز منجزات المرحلة: تكريسُ محورية الاستثمار العمومي؛ والتطوير المُلفِت للبنيات التحتية المهيكلة، كالمطارات والموانئ الرائدة، والطرق السيارة، والقطار فائق السرعة فضلاً عن تجهيز مناطق صناعية عديدة، وتشييد بنيات وتجهيزات سياحية مهمة”، يقول بنعبد الله مشيرا إلى أن “المُـــنجز الاقتصادي المغربي تعزز بمخططات واستراتيجيات قطاعية، وباقتحام مجال الطاقات المتجددة بصورةٍ رائدة، بما أتاح تطويرِ قدرات وأداء الاقتصاد الوطني وتقوية نسيجه، وبما مكَّنَ من ضبطِ التوازنات المالية”.
وعلى المستوى الاجتماعي، استطرد المتحدث عينه أن “الـ25 سنة الأخيرة تميزت بالرفع الملموس من مستوى وإطار عيش المغاربة، وبتحسُّن النجاعة العامة للخدمات الاجتماعية، لا سيما في الصحة والتعليم العموميين، وفي والسكن وتعميم الربط بشبكات الماء والكهرباء وتطهير السائل. كما أثرت المبادرات الملكية الرائدة إيجاباً على مستوى تقدم المغرب في إقرار العدالتين الاجتماعية والمجالية. ويكفي هنا أن نستحضر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، إلى جانب عشرات البرامج الاجتماعية الأخرى”.
وزاد: “يتم حاليا تتويجُ مسار العناية بالمسألة الاجتماعية بإطلاق جلالة الملك لورشٍ تاريخي وضخم وشجاع، يتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية بجميع مكوناتها، بما في ذلك تقديم دعمٍ مالي مباشر للأسر المستضعفة يوفر لها حداًّ أدنى من دخل الكرامة. ومن الواضح أن المغرب يكاد يكون متفرداً في هذا المضمار ضمن البلدان المماثلة له، على الرغم من أنه ليس بلداً نفطيا، بل موارده محدودة، لكن الإرادة في مواجهة تحديات هذا الورش، وخاصة تحدي التمويل هي إرادة قوية، إذ أن مغرب الملك محمد السادس اقتحم هذا المضمار بعزمٍ وإقدامٍ لتجاوز جميع الإكراهات”.
ولفت بنعبد الله إلى أنه “من البديهي أن ورش المسألة الاجتماعية، على غرار باقي الأوراش الإصلاحية الأخرى في الميادين الاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها، تنطوي على مسارات دينامية بقدر ما تتحقق فيها المكتسبات، بقدر ما تظهر الحاجة دائماً إلى تطويرها والارتقاء بها”، مشيرا إلى أن “الواجهات الإصلاحية تعتريها صعوبات ونقائص وثغرات، عادية، من المؤكَّد أن المغرب قادر ومؤهل، بفضل مقوماته، على معالجتها، من خلال مقاربة التراكم والتطوير والاجتهاد”.
على هذا الأساس، أبرز الزعيم السياسي المغربي أن “المسارَ الديموقراطيَ والتنموي المغربي، الذي يَقُودُهُ جلالة الملك محمد السادس، هو مسارٌ متألق، وفي نفس الوقت غيرُ مُــتَــنـَــاهٍ بطبيعته”.
ولذلك، يؤكد بنعبد الله: “فالمرحلة الراهنة والمستقبلية تستلزمُ تَــرْصِيدَ المكاسب والإيجابياتِ، لأجل استكمال مسيرة البناء والإصلاح، التي تقتضي مُوَاصَلَـة مُعالجةِ جوانبِ النقص التي وَرَدَتْ بوضوحٍ وجرأةٍ ورؤيةٍ استشرافية في عددٍ من خُطَبِ جلالة الملك محمد السادس، بما فرضَ بلورة نموذجٍ تنموي جديد”.
كما تطرق المتحدث إلى “نيل المغرب شرف تنظيم كأس العالم لكرة القدم في سنة 2030، إلى جانب الجاريْن إسبانيا والبرتغال، مُروراً بتنظيم كأس إفريقيا في نهاية 2025 وبداية 2026″، معتبرا أن الحدثين يشكلان فرصة قوية أمام بلادنا سيكون لها أثر إيجابي مؤكد على مسارنا التنموي المغربي”.
وخلص بنعد الله حديثه لـ”الأيام24″ قائلا: “الأعمقُ من ذلك، هو أنَّ تجذرَ العمقِ الحضاري والتاريخي للمغرب، والإرادةَ الإصلاحيةَ والتحديثية لجلالة الملك، التي تلتقي بشكل خلاق مع إرادة الإصلاح لدى القوى المجتمعية الجادة والفاعلة، يؤهلان المغرب بامتياز للشروع في صفحة جديدة من الإنجازات من خلال جيل جديد من الإصلاحات، استناداً على تقوية الفضاء الديموقراطي والحقوقي، وعلى مواصلة إبراز البُعد التنموي الاقتصادي والاجتماعي، حتى يتعزز أكثر الموقع الريادي للمغرب في محيطه، وحتى تتحقق كل الانتظارات والتطلعات، بما يُمَكِّنُ من إسعادِ الشعب المغربي على جميع المستويات”.
لو تغير لا كنت أنت وامثالك في السجن