تفاعلا مع الذكرى الخامسة والعشرين لتربع الملك محمد السادس على العرش، قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة السابقة، إن “هذه الذكرى مناسبة يستعرض فيها المغاربة مسيرة ربع قرن من التحولات والإنجازات التي طبعت مسيرة المغرب المعاصر، والتي تجعل مغرب اليوم مختلفا عن مغرب الأمس”.
وأضاف العثماني، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “أول ما يجب الوقوف عنده هو الاستقرار والأمن اللذين يتمتع بهما المغرب في محيط إقليمي وقاري وعالمي مضطرب، تسوده الصراعات والاضطرابات وعدم اليقين في المستقبل”، معتبرا أن “الحفاظ على الاستقرار وسلوك سبيل الدبلوماسية المتوازنة وحفظ السيادة الوطنية، إنجازات مهمة يشهد بها القريب والبعيد للمغرب في هذه المرحلة”.
وتابع رئيس الحكومة المغربية السابق: “لقد ظهرت مناعة المغرب بالخصوص من خلال صموده في مواجهة الإرهاب. فبعد العمليات الإرهابية في 16 ماي 2003، وهجمات أخرى بعدها، وضع المغرب استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب والوقاية منه، شمل إصلاحات مؤسساتية وأمنية وثقافية واجتماعية، وفق مقاربة متنوعة وجريئة، كانت موضع تقدير واسع”.
ويرى العثماني أن “التطورات الإيجابية التي عرفتها قضية الصحراء المغربية، نحو الترصيد الكامل لاسترجاعها، كانت المنطلق نحو تحقيق عدد من النجاحات السياسية والدبلوماسية من خلال ازدياد الدعم الإقليمي والدولي للحق المغربي، ورجوع المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017، وتراجع داعمي خصوم الوحدة الترابية ودعاة الانفصال بشكل كبير، وفتح قريبا من ثلاثين دولة قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة، وإبداع النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، وجعل هذه الأقاليم الجنوبية همزة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي”.
وأشاد رئيس الحكومة السابق “بالتوجه الاستراتيجي الواضح والصارم الذي أعلنه جلالة الملك في خطاب غشت 2022″، والذي يقضي بأن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم والمعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.
وأكد الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية أن “ربع القرن من قيادة جلالة الملك محمد السادس شهد تحولات في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، وهي قصة نجاح كبيرة، على الرغم من التحديات والصعوبات التي صاحبتها”.
على المستوى السياسي، أبرز العثماني التحولات التي عرفتها المملكة “بدءا بهيئة الإنصاف والمصالحة التي دشنت تطورات على المستوى الحقوقي بجبر الضرر الجماعي وتدشين ورش تفادي تكرار ما حدث من تجاوزات حقوقية. كما عرفت هذه المرحلة إصلاح الأحزاب السياسية، ثم إخراج دستور 2011، وبدء تنزيل الجهوية المتقدمة، وتوطيد استقلالية السلطة القضائية وغيرها من الأوراش التي تؤدي في المحصلة إلى تطور إيجابي ملحوظ على الرغم من بعض التعثرات التي تكتنف التطبيق العملي”.
وعلى المستوى الاجتماعي، أشار المتحدث إلى ورش إخراج مدونة الأسرة، باعتبارها “خطوة متقدمة لقيت إشادات إقليميا وعالميا. وهي التي تجري مراجعتها حاليا لمواكبة التحولات والاستفادة من دروس عشرين سنة من تطبيقها”، معتبرا أنها “أخرجت أيضا عددا من القوانين التي تنصف المرأة المغربية وتدفع الوضع الاجتماعي نحو التطور الإيجابي”.
وزاد المتحدث: “على المستوى الاجتماعي دائما كانت هناك إصلاحات كبرى، بدأت بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، ونظام المساعدة الطبية (راميد)، وإقرار المساعدات المباشرة خلال الفترات الاستثنائية، لا سيما خلال جائحة كوفيد-19… ثم أعلن جلالة عن ورش تعميم التغطية الاجتماعية لفائدة المغاربة كلهم بجميع فئاتهم الاجتماعية، وخاصة الفئات المحرومة. وهو الورش الذي صدر بمقتضاه قانون إطار سنة 2021، ليستمر تنزيله على مدى السنوات الموالية”.
وعاد رئيس الحكومة السابق للتأكيد على أن “البنيات التحتية بالمغرب من طرق وسكك حديدية وموانئ ومطارات عرفت اهتماما خاصا، مستعرضا بهذا الخصوص مشاريع “توسيع شبكة الطريق السيار، وتدشين القطار السريع بين مدينتي الدار البيضاء وطنجة، وتوسيع الشبكة الطرقية بمختلف أنواعها، مثل الطريق المزدوج كلميم الداخلة. وهذه التحولات فتحت آفاقا تنموية واسعة في مختلف جهات المملكة”.
على المستوى الصناعي، شدد العثماني على الدور الذي لعبته الاستراتيجيات والمخططات الصناعية المتتالية في تموقع بلادنا إقليميا وعالميا في عدد من الصناعات وخصوصا صناعة السيارات والتكنولوجيات الحديثة وصناعة أجزاء الطائرات”.
وأبرز أيضا أنه “لم تكن هذه المشاريع إلا نموذجا لزخم من المشاريع العملاقة أنجزت أو انطلقت في هذه الفترة. وهي تشي بمغرب جديد، يسير بسرعة حينا، وبتؤدة حينا آخر. وهي نقاط قوة تفيد مستقبلا في معالجة اختلالات بعض القطاعات الحيوية، والتي على الرغم من الجهود لا تزال اختلالاتها مؤثرة. وأخص بالذكر قطاعات التعليم والصحة والتشغيل ومعضلة الماء”؟
بالمقابل، أكد العثماني أن “التفاوتات الاجتماعية لا تزال في حاجة لمجهودات أكبر”، مستشهدا بالخطاب الملكي في أكتوبر 2017، الذي أكد فيه جلالة الملك أن النموذج التنموي الحالي أصبح “غير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية”.
واختتم العثماني حديثه لـ”الأيام24″ قائلا: “المغرب في ربع قرن تغير جذريا، وأصبح قادرا على خوض غمار التحديات التي تفرضها الظروف الإقليمية والدولية”، مردفا: “هنيئا لجلالة الملك حفظه الله هذه الذكرى الوطنية الغالية، وهنيئا للشعب المغربي داخل البلاد وخارجها”.
احسن ملك في التاريخ
اللهم احفظه و انصره