بنطلحة لـ”الأيام 24″: 25 سنة من الإنتصارات الدبلوماسية بقيادة الملك محمد السادس

 

يواصل المغرب بقيادة الملك محمد السادس، جهوده الدؤوبة من أجل تكريس حقوقه المشروعة على أقاليمه الجنوبية من خلال مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، مستندا في ذلك على دبلوماسية ملكية فعالية واستباقية.

 

وقد حققت المملكة نجاحات كبرى منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، من خلال دبلوماسية ترتكز على الوضوح عندما تجعل من قضية الصحراء “النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم”، كما أكد ذلك جلالة الملك في خطاب جلالته بمناسبة الذكرى الـ69 لثورة الملك والشعب.

 

 

كما يعد الدعم الدولي المتنامي للمخطط المغربي للحكم الذاتي، باعتباره الحل الوحيد والأوحد للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، تجسيدا آخر لدينامية ونجاح المقاربة الملكية.

 

 

أستاذ علم السياسة والسياسات العامة بجامعة القاضي عياض بمراكش، محمد بنطلحة الدكالي، قال إن “الساحة الدولية أصبحت مسرحا للعديد من الأحداث والتحولات، وعرف حقل العلاقات الدولية العديد من التفاعلات التي تجسدها السياسة الخارجية للدول، والتي تتمثل في التدبير الجيد للعمل الدبلوماسي من أجل تحقيق المصالح الوطنية العليا”.

 

 

وأكد بنطلحة، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الدبلوماسية تعتبر أداة سياسية تتصل بعملية صنع السياسة الخارجية وتنفيذها، مما يتطلب اعتماد إستراتيجية ذات بعد استشرافي، تعتمد على دراسات وتحليلات للوقائع وعلى رؤية في التنفيذ وعلى حس استباقي لا تخطئ ساعته مواعيدها، مع العلم أن الإستراتيجية هي علم وفن استخدام الوسائل والقدرات المتاحة في إطار عملية متكاملة يتم إعدادها والتخطيط لها”.

 

 

وأبرز أن “الدبلوماسية المغربية تعي جيدا أن هدفها الأساسي يتمثل في إيجاد الكيفية الإيجابية التي تؤدي بها إلى تحقيق أهدافها، وفق رؤية طويلة الأمد تستند إلى المعطيات والتوازنات الإقليمية والدولية، وتجعل معيار المصلحة ضابط السياسة الخارجية، مما أعطى دينامية جديدة لملف الصحراء المغربية، وشكل صدمة كبيرة في محيط أعداء الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وتحولا على مستوى التكتلات الإفريقية”.

 

 

وتابع أن “فتح قنصليات في حاضرتي الصحراء المغربية، مدينتي العيون والداخلة، له دلالات وأبعاد متعددة، لأنه يجسد على المستوى السياسي دعما للوحدة الترابية للمملكة، واعترافا صريحا وواضحا بمغربية الصحراء، وتعبيرا عن الثقة في الأمن والاستقرار الذي تنعم به الأقاليم الجنوبية المغربية”.

 

 

وشدد على أن هذه الانتصارات الدبلوماسية المغربية تعد مكسبا كبيرا، لعل أهمها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، حيث ستصبح داعما علنيا للمملكة المغربية، عند أي بحث عن تسوية سياسية على مستوى مجلس الأمن الدولي، على اعتبار أن الولايات المتحدة هي صاحبة القلم في قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصحراء.

 

 

و على مستوى الأمم المتحدة، جدد المجتمع الدولي، حسب بنطلحة، دعمه الكامل لمغربية الصحراء، ولمخطط الحكم الذاتي باعتباره حلا واقعيا ونهائيا لهذا النزاع، كما جدد مجلس الأمن الدولي على وجاهة الموقف المغربي، حيث كرس مجلس الأمن الدولي مرة أخرى سمو مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة المغربية في 11 أبريل2007.

 

 

وسجل بنطلحة، أنه “على الصعيد الإفريقي، عمل المغرب على تعزيز شراكة تضامنية مع إفريقيا، حيث احتلت إفريقيا أولوية السياسة الاقتصادية الخارجية المغربية، مما جعل المغرب ثاني أكبر بلد إفريقي مستثمر في إفريقيا بعد جنوب إفريقيا”.

 

 

وسجل أن “المغرب اختار التوجه نحو عمقه الإفريقي للمساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي في إفريقيا، حيث يقدم المغرب للسوق الإفريقية الواعدة تجربته ومعرفته ونموذجه الاقتصادي الذي يتكيف جيدا مع السياق الإفريقي”.

 

 

وأردف أن “المملكة المغربية وظفت نهج دبلوماسية اقتصادية عبر آليات وأدوات عديدة في سبيل تعميق تعاونها مع بلدان القارة من جهة، ومن جهة أخرى تحسين تموقعها وتعزيز نفوذها في القارة كقوة إقليمية صاعدة تحاول أن تعزز نفوذها وتقوية مكانتها من خلال لعبها دور الوسيط أو المنصة بين الدول الإفريقية والقوى الدولية”.

 

 

ويرى بنطلحة، أن “هذا التوجه المغربي الجديد غيّر موازين القوى الدبلوماسية والاقتصادية داخل القارة، وحصلت المملكة من خلاله على دعم كبير أثناء قرار العودة إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017 بعد غياب دام ثلاثة وثلاثين سنة، حيث إنه ومنذ هذا التاريخ وضع المغرب بين عينيه وبنفس طويل ودبلوماسية هادئة وواقعية، طرد كيان “البوليساريو” من الاتحاد الإفريقي، إذ يلزمه جمع أصوات ثلثي الدول الأعضاء، الأمر الذي تعيه جيدا الجزائر والتي تجند الأموال وسلاح الطاقة من أجل شراء الذمم وجلب الدعم للطرح الانفصالي”.

 

 

ولفت إلى أن “أكبر الأهداف الإستراتيجية التي تسعى إليها الدبلوماسية المغربية هي طرد مرتزقة البوليساريو من الاتحاد الإفريقي، وهي ترتهن للزمن عوض الارتهان حاليا على حقها التاريخي، محاولة حشد الدعم من القوى ذات التأثير الوازن داخل المنظمة والذي ينفي القاعدة الحسابية (ثلث الأعضاء)”.

 

 

وفي هذا الإطار، استحضر بنطلحة، “دولة جنوب إفريقيا وقوة تأثيرها على الدول المحيطة بها، وأن لاشيء مستحيل في قاموس الخطاب الدبلوماسي، لذا يجب التخطيط بهدوء وإستراتيجية ترتهن إلى لغة المصالح، من أجل استقطاب الخصوم التقليديين لوحدتنا الترابية مثل نيجيريا وإثيوبيا وجنوب إفريقيا”.

 

 

كما استحضر “خط الغاز نيجيريا/ المغرب، باعتباره أكبر برنامج استثماري على المستوى الإفريقي، سواء من حيث حجمه الاستثماري الذي قد يبلغ 20 مليار دولار، أو من حيث آثاره الاقتصادية متعددة المستويات بالنسبة إلى كل البلدان التي سيمر عبرها هذا الأنبوب، وكذلك المنصة المغربية النيجيرية لتطوير الكيماويات الأساسية المنتجة لمواد الأمونياك والأسمدة في نيجيريا، والتي رصد لها غلاف مالي قدره 1,3 مليار دولار”.

 

 

وزاد قائلا: “إنها شراكة إستراتيجية تأتي وفق رؤية مشتركة للدولتين الإفريقيتين من أجل تنمية إفريقيا ومن أجل تدعيم شراكة فعالة إن الدبلوماسية الاقتصادية المغربية تسعى كذلك لتحالف مغربي إثيوبي للولوج إلى الطاقة المستدامة، وذلك تماشيا مع الأجندة الأممية 2030، كما لا ننسى الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه المكتب الشريف للفوسفاط في هذا البلد، غير غافلين طبعا العلاقة الجيدة بين إثيوبيا وإسرائيل”.

 

 

وخلص بنطلحة، إلى أن “المغرب يحافظ على هدوئه من أجل كسب جولات جديدة في رقعة الشطرنج، طالما أن الخصوم يراكمون أخطاء تمس جوهر الشرعية الدولية، من قبيل التعامل مع الحركات الإرهابية في المنطقة والساحل الإفريقي والمتاجرة في التهريب والمخدرات، حيث لن تؤثر على المغرب الاستفزازات العقيمة والمناورات اليائسة التي يقوم بها خصوم وحدتنا الترابية الذين باتوا عرضة لعقوبات دولية، حيث يضعون أنفسهم في مواجهة مع القانون الدولي”.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق