مناورة استباقية نفذتها وزارة الخارجية الجزائرية أمس الخميس، بعد نشرها لبيان يحمل عبارات هجومية شديدة اللهجة ضد فرنسا، بعدما أكدت في مضامينه أن “باريس قررت دعم خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب لفك خيوط نزاع الصحراء المفتعل”، مستنكرة بشدة المواقف الداعمة لسيادة المغرب على صحرائه.
ويأتي هذا البيان في الوقت الذي لم تعلن فيه فرنسا على أي موقف رسمي لحد الآن تجاه قضية الصحراء المغربية، في ظل انشغال قصر الإليزيه بتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها الرئيس الفرنسي الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي وضعت الائتلاف اليساري في صدارة النتائج.
وحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإن مكتب وزير الخارجية الفرنسي رفض التعليق لـ”فرانس برس” على بيان وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، مؤكدة أن هذا “القرار قد يؤثر على موعد الزيارة التي يفترض أن يقوم بها الرئيس عبد المجيد تبون لفرنسا، نهاية شتنبر أو بداية أكتوبر المقبلين، بعد تأجيلات متعددة بسبب الخلافات بين البلدين”.
وإلى حدود اللحظات لازال الغموض يكتنف المشهد السياسي والدبلوماسي بين البلدان الثلاثة بعد صدور بيان الخارجية الجزائرية، في ظل وجود فقط قراءات المحليلين والخبراء في العلاقات الدولية.
وفي هذا السياق، قال محمد نشطاوي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش وخبير بالمركز الوطني للبحوث العلمية والتقني، إن “البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الجزائرية يتضمن استفزازات ومغالطات وتأويلات خارجة عن النص الحقيقي، علما أن الأمم المتحدة منذ 2007 وهي تؤكد على أن مبادرة الحكم الذاتي هي آلية جدية لحل ملف الصحراء المغربية”.
وأضاف نشطاوي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “ما قامت به الخارجية الجزائرية بنشر بيان وحذفه بعد ساعات، يدخل في إطار مناورة استباقية للقرار الذي ستتخذه فرنسا في ملف الصحراء المغربية”، مشيرا إلى أن “ما صدر عن الجزائر هو تصرف صبياني يقتات من العداء مع المغرب”.
وتابع المتحدث عينه أن “هذا البيان جاء ليغطي عن الاحتقان الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي تعيشه الجزائر، وأن ملف الصحراء يعتبره النظام العسكري الجزائري ملفا مصيريا”، مؤكدا أن “البيان ليست له علاقة بعطل تقني كما تداوله في الصحف”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “نظام الجزائر لا يريد تغيير طريقته في التعامل مع الجوار وأيضا مازال يمارس سياسة العداء الخبيثة ضد المملكة المغربية”، موضحا أن “هذا يدل على شيء واحد هو أن الجزائر تعتبر طرفا في قضية الصحراء المفتعلة”.
وخلص نشطاوي، إلى أن “اعتراف فرنسا بالسيادة المغربية على الصحراء، هي مسألة وقت فقط، في ظل غياب أي معطيات رسمية تدل على ذلك، غير أن هناك ارهاصات حول هذا الاعتراف حاولت من خلاله الجزائر استباق الأمر من أجل التشويش والضغط على فرنسا للتراجع عن ذلك”.