مخاوف من تراجع الحكومة عن التزاماتها بشأن قانون الإضراب

 

بعدما تم الاتفاق بين الحكومة والنقابات في الجولة الأخيرة للحوار الاجتماعي على أن يخضع مشروع قانون الإضراب لمنطق التفاوض والبحث عن توافقات تحترم المكتسبات ولا تمس بوضعية حرية ممارسة حق الإضراب، عرضت الحكومة مشروع هذا القانون على لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب خلال الأسبوع الجاري، مما أثار تخوفات من انقلاب الحكومة على التزاماتها وتمريره بمنطق الأغلبية العددية.

 

النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة الزهراء التامني، حذرت الحكومة من التنصل من التزاماتها في إطار الحوار الاجتماعي، مبينة أنه من المفروض أن لا يقدم مشروع هذا القانون أمام البرلمان قبل أن يتم حسم التفاوض والتوافق بشأنه مع النقابات في إطار قنوات الحوار الاجتماعي.

 

 

وأكدت التامني، في تصريح لـ”الأيام 24″، على ضرورة استحضار الاتفاقات التي تمت بين النقابات ورئيس الحكومة، مشيرة إلى أن ما تم الاتفاق عليه في جولة الحوار الاجتماعي الأخيرة هو أن يتم التفاوض والتوافق بخصوص القوانين الاجتماعية خاصة مشروعا الإضراب والتقاعد، في إطار مؤسسة الحوار الاجتماعي.

 

 

وتابعت أنه تم الاتفاق بين الحكومة والنقابات على عقد دورات تفاوض وتوافق بخصوص هذه المشاريع المهمة، خاصة أن هناك “قضايا خلافية” عبرت عنها النقابات في الحوار الاجتماعي حيث لا يمكنها قبول المشروع كما هو عليه دون أي تفاوض وتوافق.

 

وأشارت التامني، إلى أنها نبهت وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، خلال اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب الذي خصص لعرض مشروع قانون الإضراب بالتزامات الحكومة، بهذا الخصوص.

 

وأوضحت التامني، أن الوزير تجاوب مع هذه الملاحظات وقدم قراءة نقدية لمشروع قانون الإضراب، معبرا عن سعيه لاعتماد “ذكاء جماعي” من خلال فتح مناقشة واسعة والإنصات للنقابات والبرلمانيين بشكل موازي للوصول في النهاية لإبداع توافق يساهم في إخراج هذا القانون.

 

 

وبعد أن نبهت التامني، إلى خطورة اعتماد مقاربة غير حقوقية في اتجاه الحرمان من الحق من الإضراب وتقييد الحريات النقابية، شددت على ممارسة الإضراب جزء من الحريات النقابية، ملفتة إلى أن هذه أمور ملزمة للحكومة خاصة أنه كان هناك التزام من قبل رئيس الحكومة بهذا الخصوص.

 

هذا، وأعربت التامني، عن أسفها لتعرضها لـ”استهداف مقصود” من قبل بعض نواب الأغلبية لتمرير هذا المشروع دون نقاش، معتبرة أن “الأغلبية تغولت بالمنطق العددي، وبالنسبة لها هي اليوم في موقع قوة، تمنع من تريد وتسمح لمن تريد وتُمرر ما تشاء”.

 

 

 

من جهتها، قالت عضو فريق التقدم الاشتراكية بمجلس النواب زهرة المومن، إنه “من البديهي أن نجعل من هذا الملف المجتمعي الكبير قضية أولوية تتجاوز منطق الأغلبية/المعارضة، ومنطق السياسي/النقابي، ومنطق التوجُّس المتبادل بين الطبقة العاملة والمقاولة، سعياً نحو إيجاد توافقاتٍ بناءَة تكون في مستوى مغرب 2024 وما بعده”.

 

 

ونبهت المومن، في مداخلة خلال اجتماع للجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، أمس الخميس، إلى أنه “لا يكفي إطلاق تصريحات مُطَمْــــئِنَة في هذا الاتجاه من قِبَلِ الحكومة، بخصوص المقاربة التشاركية، ولا سيما مع النقابات”.

 

وتابعت أنه “لا يوجد لدينا أي دليل (تصريح رسمي أو بلاغ مشترك) على أن الحكومة والنقابات وهيئة المشغلين متفقون فعلا حول التصور العام لهذا المشروع. ولا نريدُ أن نغرِّدَ في مجلس النواب، أغلبية ومعارضة، خارج السرب”.

 

ورفضت ما اعتبرته “مُغالطة ربط هذا النص الجوهري والتاريخي بما تُسمِّــــيهِ الحكومة “دينامية الحوار الاجتماعي” حاليا”، مسجلة أنه “رغم بعض المكتسبات الطفيفة في ميدان الحوار الاجتماعي، إلا أن هناك احتقانا اجتماعيا في عدة قطاعات، وهناك استياء عارم للطبقة العاملة إزاء تدهور قدرتها المعيشية، وهناك تملص واضح للحكومة من الوفاء بعدد من التزاماتها، كما أن هناك خروقات بالجملة لقوانين الشغل”.

 

 

وعبرت عن رفضها “لأيّ منطق حكومي يقوم على مقايضة المكتسبات الاجتماعية بتمرير نصوص تشريعية أو إصلاحات مُفَصَّلَة على المقاس أو تُضِرّ بمصالح الشغيلة المغربية (وخاصة قانون الإضراب وإصلاح منظومة التقاعد)”.

 

 

ولاحظت المومن، أن “المشروع الذي بين أيدينا لا يستجيبُ لانتظارات النقابات ولا لتطلعات الشغيلة، ولا يرقى إلى مستلزمات التلاؤم مع روح ومقتضيات الدستور والالتزامات الدولية لبلادنا في مجال الشغل والحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، مردفة: “نحن مطالبون جميعا، حكومة وبرلمان، وفرقاء اجتماعيين وسياسيين، بالاجتهاد أقصى ما يمكن، لإخراج قانونٍ تنظيمي، حتى وإنْ لم يُرضِ الجميع، فعلى الأقل لا يُثيرُ الرفض القاطع من الجميع”.

 

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق