دخلت الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الفرنسي، غابرييل أتال، إلى المغرب مرحلة “الشك”، بعدما كانت مبرمجة بداية الشهر الجاري وبالضبط بين 3 و5 يوليوز، بسبب الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، والتي وضعت الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية في المقدمة بعدما قلبت الطاولة على “اليمين المتطرف” الذي تصدر الجولة الأولى من الاستحقاقات الانتخابية، في حين احتل المعسكر الرئاسي الذي يوجد تحت قيادة ماكرون الصف الثاني.
ويبدو أن “الفشل” الذي بات يرافق هذه الزيارة راجع إلى المناخ السياسي الذي تعيشه باريس بعد نتائج الانتخابات التشريعية، حيث من المنتظر أن تشهد الأيام المقبلة معركة حامية بين إيمانويل ماكرون وجون لوك ميلونشون خلال مجريات التفاوض لتشكيل تحالف قادر على قيادة سفينة الحكومة الفرنسية.
وما زاد من نسبة توقع “إلغاء” الزيارة الوزارية الفرنسية إلى المغرب، هو استعداد باريس لاحتضان الألعاب الأولمبية الصيفية خلال الفترة ما بين 26 يوليوز و11 غشت المقبل، الأمر الذي دفع بعض المراقبين إلى وضع عدة تصورات أبرزها “تشكيل ماكرون حكومة فرنسية تكنوقراطية إلى حين انتهاء الحدث الرياضي”.
وقال محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ علم السياسة والسياسات العامة بجامعة القاضي عياض بمراكش ومدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء، إنه “كما كان متوقعا تم تأجيل زيارة غابرييل أتال إلى المغرب خلال هذا الشهر الجاري، غير أن بعض المصادر الإعلامية أكدت على إلغاء الزيارة، علما أنه لا يوجد أي شيء رسمي إلى حدود اللحظات”.
وأضاف بنطلحة، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الضبابية التي أصبحت تعرفها هذه الزيارة جاءت نتيجة الظروف السياسية التي تعيشها فرنسا نتيجة الانتخابات التشريعية السابقة لآوانها والتي وضعت التكتل اليساري في القمة متبوعا بمعسكر ماكرون، في حين احتل اليمين المتطرف الصف الثالث”.
وأردف المتحدث عينه أنه “من المتوقع أن يستقيل رئيس الوزراء الحالي غابرييل أتال من منصبه بعد عدم قدرة المعسكر الرئاسي الحفاظ على صدارة الانتخابات، حيث سيتم معرفة الوجه الجديد لقيادة الحكومة بعد إجراء عملية التحالف بين اليساريين والوسط”.
وأشار المحلل السياسي إلى أنه “سنكون أمام تحالفات يغيب فيها المنطق وتسود البراغماتية السياسية، ويمكن أن تشكل حكومة تكنوقراط دون وجود أي لون سياسي”، مؤكداً على أن “هذا النوع من الحكومات لا تتطلب الثقة من البرلمان أو الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال حتى إنتهاء الألعاب الأولمبية”.
وأكد الأكاديمي أن “الزيارة الفرنسية للمغرب تتأرجح بين التأجيل والالغاء نظرا للمناخ السياسي المضطرب وأيضا إشكالية عقدة التحالفات التي يمكن أن تخرج حكومة فرنسية إلى الوجود”.
وخلص الدكالي حديثه قائلا: “العلاقات المغربية الفرنسية لا تتأثر بزيارة أو إلغاء زيارة، لأنها علاقات تاريخية تجتمع في كنفها روابط اقتصادية وإجتماعية وسياسية متينة”، مضيفا أنه “مهما كان لون الحكومة ستبقى العلاقات الثنائية رصينة”.