اليمين المتطرف يحقق مكاسب “غير متوقعة” في انتخابات البرلمان الأوروبي
في الوقت الذي ركزت فيه ردود الفعل في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات الأوروبية على خطوة إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المفاجئ حل البرلمان وإجراء انتخابات عامة مبكرة بعد فوز حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف هناك، ركزت الأحزاب في دول أخرى في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي على دراسة مكاسبها وخسائرها.
وعلى الرغم من تحقيق أحزاب اليمين المتطرف والأحزاب القومية مكاسب واضحة، كان أداء يمين الوسط جيدا أيضا، واحتفظ بمكانته كأكبر تجمع وضمن الحصول على مقاعد.
وحلت أحزاب يمين الوسط في المقدمة في ألمانيا واليونان وبولندا وإسبانيا، كما حققت تقدما كبيرا في المجر.
وفيما يلي بعض الحقائق الرئيسية التي تناولها مراسلونا في جميع أنحاء أوروبا.
الائتلاف الألماني يتكبد خسائر دون إجراء انتخابات مبكرة
داميان ماكغينيس - بي بي سي، برلين
كان المشهد مؤسفا بالنسبة للحكومة الائتلافية الألمانية المؤلفة من ثلاثة أحزاب، بيد أنه على نقيض الخطوة التي اتخذها ماكرون، أعلن المستشار الألماني، أولاف شولتز، أنه لن يدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة.
وشكل التحالف بين الديمقراطيين الاشتراكيين والخضر والليبراليين صعوبة بالفعل، بيد أن الغزو الروسي لأوكرانيا كان يعني قطع العلاقات الاقتصادية وعلاقات الطاقة مع روسيا والتخلي عن المشاعر السلمية السابقة.
وأدى ذلك إلى نفور بعض المؤيدين الأساسيين، كما خلق انقسامات حزبية، وأثار قلق الناخبين عموما، في الوقت الذي فرضت فيه زيادة الهجرة بأعداد كبيرة ضغوطا على موارد المجالس المحلية.
وعلى الرغم من استطاعة الحكومة تعزيز الإنفاق العسكري والعزوف عن الطاقة الروسية الرخيصة، إلا أن الأموال ظلت محدودة.
وحل حزب البديل من أجل ألمانيا في المركز الثاني بنسبة 15.9 في المئة من الأصوات، يليه الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة شولتز في المركز الثالث بنسبة 13.9 في المئة من الأصوات، وتصدر القائمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ بنسبة كبيرة بلغت 30 في المئة من الأصوات.
وقال حزب اليسار المتطرف الشعبوي الجديد "حزب تحالف سارا فاغنكنيشت" الذي تتزعمه الناشطة الشيوعية السابقة سارا فاغنكنيشت: "نريد إنهاء الحرب، لذا توقفوا عن إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا وامنعوا المهاجرين من القدوم إلى البلاد".
ويعتقد معظم الناخبين والسياسيين الألمان أن التعامل مع موسكو والهجرة ليس بهذه البساطة، كما أن الأغلبية في ألمانيا تدعم أوكرانيا.
بيد أنه في أوقات انعدام الأمن وعدم اليقين، تكون الرسائل البسيطة مغرية.
رئيسة الوزراء الإيطالية تراهن بالتصويت عليها، والخطوة تؤتي ثمارها
لورا جوزي - بي بي سي، روما
عززت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني قبضتها في المشهد السياسي الإيطالي.
كما استخدمت الانتخابات الأوروبية لتعزيز شعبيتها من خلال وضع اسمها على رأس التصويت في حزبها، وقد أثبتت نجاح الرهان، إذ سجلت الأصوات زيادة بنسبة 29 في المئة، وهي زيادة واضحة مقارنة بما حصل عليه حزبها في الانتخابات العامة لعام 2022.
بيد أن هناك قصة نجاح أخرى في إيطاليا، إذ كان أداء الحزب الديمقراطي المعارض من يسار الوسط أفضل من المتوقع، وحصل على نسبة 24 في المئة من الأصوات، وهي أعلى نتيجة يحققها منذ عام 2014.
وسوف تعزز النتيجة الحزب الديمقراطي كما تضفي مصداقية على زعيمته، إيلي شلاين، التي تمكنت على ما يبدو من تثبيت أقدامها بعد أكثر من عام على رأس أكبر حزب معارض في البلاد.
كما فاز حزب فورزا إيطاليا، وهو الحزب الذي أسسه السياسي الراحل سيلفيو برلسكوني، بأصوات أكثر قليلا من حزب الرابطة الذي كان قويا في السابق وتعثر الآن بزعامة ماتيو سالفيني.
وأعلن مؤسس حزب الرابطة، أمبرتو بوسي، أنه سيصوت لصالح حزب فورزا إيطاليا، تعبيرا منه عن استيائه من أداء حزبه، كما أخفق حزبان من أحزاب الوسط، أحدهما بزعامة رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي، في ضمان النسبة المطلوبة للفوز في الانتخابات الأوروبية.
وعلى الرغم من هذه الأحداث الداخلية، فقد خرجت إيطاليا، على نحو استثنائي، من الانتخابات الأوروبية كدولة مستقرة إلى حد كبير، مقارنة ببعض جيرانها.
مكاسب هولندية لليسار الأخضر واليمين المتطرف
آنا هوليجان - بي بي سي، لاهاي
حقق غيرت فيلدرز، زعيم حزب الحرية المناهض للهجرة وحليف السياسية الفرنسية مارين لوبان منذ فترة طويلة، فوزا مفاجئا في الانتخابات الوطنية الهولندية، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأشارت توقعات الانتخابات الأوروبية إلى أن المشاعر العامة لم تتغير كثيرا منذ ذلك الوقت.
كما ركزت عناوين الصحف الرئيسية على حصول أحزاب اليسار الأخضر على أكبر عدد من المقاعد، بينما حقق حزب الحرية أكبر المكاسب، وحققت أحزاب يمين الوسط أداء قويا، بفروق بسيطة.
وقال فرانس تيمرمانس، السياسي المخضرم في هولندا والاتحاد الأوروبي: "يبرز ذلك أن الأغلبية في هولندا تريد تعزيز أوروبا، وبالتأكيد ليس تدميرها".
في حين نشر غيرت فيلدرز، الذي كان قد تعهد حتى وقت قريب بإجراء استفتاء على نكست (أي خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي)، خمسة رموز تعبيرية على شكل قلب أحمر على حسابه على منصة إكس للتواصل الاجتماعي تشير إلى أنه "الفائز الأكبر بخمسة مقاعد إضافية".
كما أشاد حزب فولت الموالي للاتحاد الأوروبي (من لا شيء إلى الفوز بمقعدين في البرلمان الأوروبي) بالنتائج واحتفل بالبالونات الزرقاء والصفراء.
يأتي ذلك فيما وقفت كارولين فان دير بلاس، زعيمة حزب حركة المواطنين المزارعين، تستنشق بعض الهواء النقي إلى جانب عضوة البرلمان الأوروبي الجديدة للحزب جيسيكا فان ليوين.
وكان من المتوقع في البداية توقعهما الفوز بمقعدين في البرلمان الأوروبي، على الرغم من أن التوقعات الأخيرة أشارت إلى أن حزب المزارعين سيفوز بمقعد واحد فقط.
المجر تشهد ظهور معارضة جديدة
نيك ثورب - بودابست
وفي المجر، فاز حزب "فيدس" بزعامة فيكتور أوربان في الانتخابات الأوروبية والبلدية.
بيد أن النصر الحقيقي في تلك الليلة كان من نصيب بيتر ماغيار، المحامي البالغ من العمر 43 عاما والذي حل حزبه "تيسا"، الذي ينتمي إلى يمين الوسط، محل المعارضة القديمة.
وحصل حزب "فيدس" على 44 في المئة من الأصوات، بينما حصل حزب "تيسا" على 30 في المئة من الأصوات. وتأسس حزب "تيسا" قبل ثلاثة أشهر فقط، وسيكون لديهم 7 مقاعد في البرلمان الأوروبي، مقابل 11 مقعدا لحزب فيدس، كما يعتزم الحزب تقديم طلب انضمام إلى تجمع حزب الشعب الأوروبي في البرلمان الأوروبي.
وقال فيكتور أوربان لأنصاره: "هزمنا المعارضة القديمة والجديدة".
بيد أنه من الناحية العملية، فإن النظام السياسي الذي أسسه، والذي يعمل فيه حزب فيدس بمثابة "ميدان قوة مركزي"، تعمل تحت مظلته العديد من الأحزاب الصغيرة الأخرى غير الفعالة، قد انتهى.
حزب يميني متطرف يعلن عن "عصر جديد" في النمسا
بيثاني بيل - بي بي سي، فيينا
قال زعيم حزب الحرية، هربرت كيكل، أمام حشد من أنصاره المحتفلين بفوز حزبه في الانتخابات الأوروبية إن ذلك يمثل "حقبة جديدة في السياسة".
وأضاف أن الخطوة التالية ستكون المستشارية.
ومن المقرر أن تجري النمسا انتخابات برلمانية في الخريف المقبل، ويشعر الحزب حاليا بقدر كبير من الثقة في الوقت الذي لم يستطيع أي من الزعيمين السابقين لحزب الحرية، هانز كريستيان شتراخه أو يورغ هايدر، تحقيق المركز الأول لحزبهما.
وكتب جيرولد ريدمان، رئيس تحرير صحيفة "دير ستاندرد" اليسارية الوسطية، أن حزب الحرية أصبح بوتقة ينصهر فيها من لديهم "مخاوف بشأن الهجرة، والذين لا يعتقدون أن بوتين سيئ إلى هذا الحد، والذين شعروا بالإهانة من التطعيم ضد فيروس كورونا، والذين يعتقدون أن حماية المناخ شيء غير ضروري والذين يريدون ببساطة أن يلقنوا الجميع درسا".
وبعد فرز معظم الأصوات، حصل حزب الحرية النمساوي على 25.7 في المئة من الأصوات، متقدما على حزب الشعب المحافظ الذي حصل على 24.7 في المئة، كما حصل حزب الديمقراطيون الاشتراكيون على 23.3 في المئة من الأصوات، وحزب الخضر على 10.9 في المئة، وحزب النمسا الجديدة والمنتدى الليبرالي على 10.1 في المئة من الأصوات.
التعليقات مغلقة.