يبدو أن الحكومة رفعت يدها عن أزمة طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان التي دخلت شهرها الخامس، بينما تتواصل احتجاجاتهم بمقاطعة الدروس والتداريب الاستشفائية، وهو ما أظهرته كلمة وزير التعلم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي، أمام النواب البرلمانيين خلال مثوله أمامهم أمس الإثنين، في إطار جلسة الأسئلة الشفوية بالغرفة الأولى للبرلمان.
ميراوي، قال إن “الوضع لا يبشر بالخير وتمديد المقاطعة لا يسمح لنا بإيجاد بدائل لإنقاذ السنة”، معلنا بلغة حازمة لم تخل من وعيد وتهديد: “إذا استمرت المقاطعة لمدة أطول سيكون لا بد من التوجه نحو حلول أخرى قد تؤدي إلى خسائر فادحة”، قبل أن يشدد على أن الحكومة لن تعيد بتاتا سيناريو سنة 2019، كما لن تكون هنالك أيضا دورة استثنائية.
صب الزيت على النار
في وقت أكد فيه الوزير ميراوي أنه تمت برمجة امتحانات الفصل الثاني في بداية يونيو المقبل، معلنا إنهاء الحوار مع الطلبة بالاستجابة إلى 45 نقطة مطلبية من أصل 50، اعتبرت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني هذه المخرجات لن تتجه بالاحتجاجات نحو الحل، وإنما ستزيد من حدتها وستؤجج الاحتقان وسط “أطباء المستقبل”.
وانتقدت البرلمانية المعارضة ما وصفته بـ”الأسلوب القمعي الانتقامي ضد طلبة الطب والصيدلة”، وما عبرت عنه لغة الوزير ميراوي “التهديدية بالواضح داخل المؤسسة التشريعية”، لافتة إلى أن “إصدار توقيفات في حق طلبة لا ذنب لهم إلا أنهم عارضوا بمعية آلاف الطلبة والأسر والهيئات مجموعة من القرارات التي شرعت الحكومة في تنفيذها بفرض أسلوب “الأمر الواقع”، وهو ما تم رفضه جملة وتفصيلا، لخير دليل على أن الحوار المزعوم تجسد من خلال المجالس التأديبية التي ترجمت سياسة الزجر والقمع والعنف للتضييق على الطلبة والتضحية بمستقبلهم والاتجاه بالمهنة نحو المجهول”.
في السياق ذاته، سجلت التامني ضمن سؤال وجهته إلى المسؤول الحكومي الوصي على القطاع، أن “اتجاه كليات الطب والصيدلة لتوقيف طلبة، بدعوى كونهم صدرت منهم أفعال تخل بالسير العادي للعملية التعليمية، يدفع للتساؤل عما إذا كانت فعلا العملية التعليمية تسير بشكل عادي في ظل القرارات التي اتخدتها الحكومة أمام مطالب مشروعة لطلبة الطب والصيدلة”.
ودعت برلمانية الفيدرالية إلى صون حق هؤلاء الطلبة في التعبير عن آرائهم بالرغم من اختلافها مع قرارات الحكومة، قائلة: “نحن ننتج صيادلة وأطباء الغد القادرين على اتخاد قرارات مصيرية، وليس “روبوتات” كما تريد الحكومة متوسلة بلغة الوعيد والترهيب، بدلا من الحوار والترغيب”.
دعوة لتدخل الحكماء
من جهته، قال محمد أيمن فتحي، ممثل مجلس طلبة الطب باللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، ردا على ما جاء على لسان الوزير ميراوي بكون سيناريو 2019 لن يتكرر، إن “لا أحد من الطلبة يرغب في إعادة ما حدث تلك السنة الأليمة، نظرا لما وسمها من ضياع ما يزيد عن 6 أشهر من التكوين نتيجة الإضرابات”.
وأفاد فتحي في تصريح لـ”الأيام 24″، بأن “الطلبة هم أكثر فئة تضررت من ذلك الإضراب” مضيفا: “لقد قمنا منذ مدة ببادرات تثبت حسن النية لتفادي الاحتقان، وحتى يتمكن المسؤولين من التقاط الإشارة، لكنهم أغلقوا باب الحوار أمامنا، بالرغم من كونه هو السبيل الوحيد لحل هذه الأزمة”.
وسجل الطالب المتحدث أنه منذ 16 فبراير المنصرم لم يتم عقد أي اجتماع على المستوى الوطني لإنهاء المشاكل التي دفعت المئات منهم إلى مقاطعة المدرجات والتداريب، مشددا على أن الطلبة لا يتحملون أي مسؤولية بهذا الخصوص، لأن الحل بيد الحكومة التي تقابل استعدادهم للحوار بالتعنت. وفق تعبيره.
وتابع فتحي: “من يتحدث عن 2019 يجب أن يدرك أننا نعيش في 2024، حيث المغرب مقبل على أوراش كبرى، من بينها الحماية الاجتماعية المبني على عدة ركائز أبرزها تثمين الموارد البشرية”، قبل أن يضيف: “فهل هذا وقت المزايدات السياسية؟ هل بالتعنت أمام أطباء وصيادلة المستقبل سننجح هذا الورش؟”.
وانتقد عضو اللجنة الوطنية القرارات التأديبية الصادرة عن مجالس بعض الكليات، والقاضية بإقصاء الطلبة المحتجين مع منعهم من التسجيل لموسمين جامعيين، داعيا إلى تدخل من وصفهم بالحكماء، الذين جنبوا طلبة الموسم الدراسي 2019 سنة بيضاء كانت محققة.