بعد فترة من التأزم والانسداد في العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا، بدأت تظهر بشكل سريع بوادر الانفراج الدبلوماسي بين الدولتين، خاصة بعد زيارة الأميرات مريم وأسماء وحسناء لباريس، بناء على الدعوة التي وجهتها السيدة الأولى لقصر الإليزيه، بريجيت ماكرون.
وتأتي هذه التحركات الإيجابية في سياق ترميم العلاقات الثنائية بين الرباط وباريس، في ظل مساعي الرئاسة الفرنسية إلى إيجاد منفذ جديد لتطوير العمل الدبلوماسي والاستراتيجي بين البلدين، علما أن هذا التقارب الجديد جاء بعد فشل فرنسا في تسوية وضعيتها المتأزمة مع الجزائر.
نبيل الأندلوسي، الخبير في العلاقات الدولية ورئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، يقول إن “العلاقات المغربية الفرنسية وبعد مرحلة الأزمة التي شابتها والتوتر الدبلوماسي بين البلدين، بدأت معالم العودة التدريجية لهذه العلاقة إلى وضعها الطبيعي، تلوح في الأفق، وإن بشروط وحسابات أخرى لدى كل طرف، وهو ما يظهر من خلال عدة مؤشرات وتصريحات، خاصة بعدما تم إستئناف أو إعادة تعيين سفيرا كل بلد لدى الآخر”.
وأورد الأندلوسي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الحديث عن زيارة رسمية مرتقبة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى المغرب قبل حلول فصل الصيف المقبل، بعد أزيد من ستة سنوات على آخر زيارة، والتي كانت سنة 2017، بسبب توتر العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وباريس في السنوات الأخيرة”، مضيفا أن “حفاوة الإستقبال التي حظيت به شقيقات الملك محمد السادس لقصر الإليزيه من طرف بريجيت ماكرون، زوجة الرئيس الفرنسي، إذ أن كل هذه المؤشرات توحي بأن العلاقات المغربية الفرنسية بدأت تستعيد وهجها في إنتظار تتويج هذا التطور بإعلان فرنسي واضح ولايقبل التأويل على مستوى الإعتراف بمغربية الصحراء”.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن “النخب وصناع القرار على مستوى البلدين، واعون بأهمية الحفاظ على علاقات قوية بينهما كحليفين تقليديين، وهو ما صرح به مؤخرا وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، وبكل وضوح، عندما أعلن أنه مكلف من الرئيس الفرنسي، بتصفية الأجواء الدبلوماسية بين البلدين، رغم أنه من المحسوبين على الجناح المعادي للمغرب، من خلال مواقفه السابقة المناهضة للرباط خاصة على مستوى البرلمان الأوروبي، وهذا ما يدل على تحول فرنسي مهم لصالح المغرب”.
ولفت المتحدث عينه إلى أن “عودة العلاقات بين البلدين، رغم فترة الجمود والتوتر، كان متوقعا، اعتبارا لحجم المصالح المشتركة بينهما، سياسيا واقتصاديا، وهذا ما سيشكل أزمة للطرف الجزائري، اعتبارا لكون عودة العلاقات بين الرباط وباريس سيستفز قصر المرادية، الذي كان يراهن على تعميق الأزمة أكثر”.