الجزائر تتملص من مسؤوليتها في نزاع الصحراء بحصره بين المغرب و”البوليساريو” فقط

 

متنصلة من مسؤوليتها حيال النزاع القائم بشأن الصحراء المغربية؛ جددت الجارة الشرقية للمملكة دعوتها إلى حصر استئناف ما تصفها بالمفاوضات المباشرة بين المغرب وجبهة “البوليساريو” فقط، في وقت تواصل فيه الأمم المتحدة دعوة جميع أطراف النزاع إلى الانخراط في المسلسل السياسي برعاية الأمين العام للأمم المتحدة.

 

جاء ذلك في معرض المباحثات التي جمعت المبعوث الأممي إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا بوزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، بحر الأسبوع الفائت بالجزائر، حيث أكد الأخير “دعم الجزائر التام للجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء ستافان دي ميستورا”.

 

ونقل بيان صادر عن الخارجية الجزائرية، أن الوزير عطاف أعرب للوسيط الأممي عن “تطلعه في أن تكلّل هذه المساعي بإعادة بعث مسار المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع، المملكة المغربية وجبهة “البوليساريو”، دون شروط مسبقة وبحسن نيّة، قصد التوصل إلى حل سياسي يصون حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير”.

 

وأضاف البيان أن الوزير الجزائري “نوّه بثبات مجلس الأمن في اعتباره قضية الصحراء قضية تصفية استعمار تخضع معالجتها لتفعيل ركيزة من الركائز التي تقوم عليها المنظومة الأممية، ألا وهي حق الشعوب في تقرير المصير”.

 

التصريحات التي ألقاها المسؤول الجزائري على مسامع المبعوث الأممي، تطرح مدى جدية “حكام المرادية” في التعاطي مع قضية تقول إنها ليست طرفا فيها، لكن زعمها يتكسر على صخرة حقائق ملموسة، يجردها لـ”الأيام 24″ أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، محمد أشلواح.

 

دعم جزائري مزعوم 

 

أكد الأستاذ الجامعي محمد أشلواح، أن تصريحات الوزير عطاف “الموجهة للاستهلاك الإعلامي”، تحيل على أن الجزائر “تسعى إلى التهرب من مسؤوليتها في ملف الصحراء بالدعوة إلى مفاوضات مباشرة بين المغرب و”البوليساريو” فقط، علما أنها هي من ساهمت بشكل كبير في خلق الجبهة واحتضانها وتمويلها”.

 

واعتبر أشلواح أن ما رشح عن اجتماع عطاف ودي ميستورا، يؤكد أن “النظام الجزائري يمارس نوعا من التضليل والكذب على المجتمع الدولي والأمم المتحدة نفسها”، موضحا أن “الجزائر في واقع الأمر لا تدعم جهود الأمم المتحدة، بل تعمل على تقويضها ونسفها، والدليل على ذلك تحريض “البوليساريو” على الخروج من اتفاقيات وقف إطلاق النار وإصدار بلاغات، وإن كانت وهمية وخيالية، يعلن فيها شن عمليات عسكرية على المغرب في جنوب حدوده”.

 

وأبرز أشلواح في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الجزائر ليس لديها في الواقع أي استعداد لدعم جهود الأمم المتحدة لحل ملف الصحراء بشكل سلمي”،  لكونها، يشرح المتحدث، “ترفض الانضمام إلى الموائد المستديرة التي دعت إليها الأمم المتحدة نفسها لمناقشة ملف الصحراء”.

 

أستاذ العلاقات الدولية عينه، استعرض تجليات ما وصفه بـ”زيف خطاب الخارجية الجزائرية”، وسجل أن عبارة “بعث مسار المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع..،” تشكل “التفافا على قرارات مجلس الأمن، التي أصبحت تؤكد على أن الجزائر طرف رئيسي ومباشر في هذا النزاع الإقليمي، وأن هناك مسؤولية مباشرة للنظام الجزائري في خلق نزاع الصحراء”، قبل أن يضيف: “هذا الأمر أضحى واضحا بالنسبة للأمم المتحدة، رغم محاولات النظام الجزائري الحصول على صفة أخرى كـ”ملاحظ” في هذا النزاع. مركزها القانوني كطرف رئيس في هذا النزاع، اليوم، لا غبار عليه بالنسبة للأمم المتحدة وبقية المجتمع الدولي، وما زيارة دي ميستورا إلى الجزائر إلا دليل آخر على حجم المسؤولية التي تتحملها كطرف مباشر في نزاع الصحراء”.

 

عبارة أخرى تصب في نفس المجرى وردت في البلاغ المذكور تقول إن بعث مسار المفاوضات يجب أن يتم “دون شروط مسبقة.. قصد التوصل إلى حل سياسي”، وهي الدعوة التي يرى أشلواح أنها “تضرب في العمق جهود الأمم المتحدة، التي يؤطر تدبيرها، اليوم، لملف الصحراء ويستند على حقيقة قانونية و واقعية”، لافتا إلى أن “مجلس الأمن أصبح يتعاطى مع ملف الصحراء وفق رؤية “الحكم الذاتي” التي قدمها المغرب في الموضوع، ومن جهة ثانية، فهذا الحل يعتبره مجلس الأمن ذو مصداقية ويتصف بالجدية والواقعية”.

 

واستطرد المتحدث: “الجزائر تحاول أن تعيد الأمور إلى المربع الأول، وهذا لن يتحقق لها، والبقاء على “الوضع القائم statu quo” لكونها وقيادة “البوليساريو” تستفيدان من وضع اللاحرب واللاسلم التذ تعرفه المنطقة، وذلك على حساب المأساة الإنسانية التي يعيشها المحتجزين في مخيمات تندوف”.

 

“الدفاع عن تقرير المصير”.. ورطة دولة

 

 

روجت الجزائر ضمن بلاغها سالف الذكر أن “مجلس الأمن ثابت في اعتبار قضية الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار..”، الأمر الذي اعتبره أستاذ العلاقات الدولية محمد أشلواح مغالطة، على اعتبار أن “المغرب من هو الذي وضع ملف تصفية الاستعمار أمام اللجنة الرابعة سنة 1963 أي قبل وجود “البوليساريو” بعشر سنوات”، مشيرا إلى أن “وجود ملف الصحراء اليوم أمام اللجنة الرابعة غير قانوني، لكون الأمر يتناقض مع مضمون المادة 12 من ميثاق الأمم المتحدة”.

 

من ناحية أخرى، يزيد المصرح: “الاستعمار الإسباني رحل عن المناطق الجنوبية للمغرب ولم يعد فيها أي استعمار منذ سبعينيات القرن العشرين”، ثم إن “مجلس الأمن يعتبر ملف الصحراء “نزاعا إقليميا” وليس قضية تصفية استعمار”، إضافة إلى أنه، يقول أشلواح: “ليس هناك ما يسمى بـ”الشعب” الصحراوي، فمَن هناك في “تندوف” معظمهم من مالي وموريتانيا والنيجر وبقية الدول المجاورة للساحل والصحراء، أما المغاربة المحتجزون فلم تعد منهم سوى نسبة قليلة جدا، نظرا لأن معظمهم هرب وعاد إلى أرض الوطن والجزء الآخر قتلته “البوليساريو”. الصحراويون هم الموجودون اليوم في الأقاليم الجنوبية للمغرب وهم جزء لا يتجزأ من الوطن كما الريفيون والطنجاويون والفاسيون وغيرهم”.

 

وشدد أشلواح على أن الجزائر تغرق في ما وصفها بـ”الازدواجية”، موردا أنه “من جانب، قام حكامها بالسطو كليا على حق الجزائريين في تقرير مصيرهم وبحقهم في التعبير وفي ضرورة وجود نظام ديمقراطي في البلاد، يطالبون من جهة أخرى بما يصفونه “بحق شعب الصحراوي”، لتقرير المصير الوهمي”. إنها قمة “السكيزوفرينيا”، يخلص المتحدث، الذي ذهب إلى القول إن “ذات الازدواجية تنكشف مباشرة وبشكل واضح حينما نلامس موقف النظام الجزائري من قضايا مثل: كوسوفو وتلك الموجودة في آسيا وغيرها”.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق