بين الإزالة والتطوير.. تنازع الاختصاصات يبعثر تاريخ مقابر القاهرة

بداية الأزمة
بدأت السلطات، خلال السنتين الماضيتين، ما سمته أعمال تطوير جنوب شرق القاهرة، ويتضمن إقامة جسور، ما استلزم هدم العديد من مقابر المسلمين التي تقع في مسار تلك الجسور، ما اعتبره البعض فضلا عن كونه اعتداء على حرمة الموتى، فهو "هدم للتاريخ وتفريط في ثروة كان يمكن الاستفادة منها اقتصاديا حال الحفاظ عليها". ويرى البعض أنه يمكن تجنب الهدم من خلال البحث عن حلول هندسية ممكنة تحول دون الإزالة، خاصة أن المنطقة تضم مقابر لشخصيات ثقافية وسياسية ضاربة في جذور التاريخ المصري. وقد احتدم الجدل تحديدا في سبتمبر/ أيلول 2022 بعد تداول أنباء عن اعتزام السلطات هدم مقبرة الأديب الراحل طه حسين، الموجودة في منطقة مقابر التونسي جنوبي العاصمة، لإقامة جسر مروري، وتم تداول صورة ترصد وضع علامة إزالة على المقبرة. لكن محافظة القاهرة وقتها أكدت عدم صحة أنباء نية هدم المقبرة وتم حذف علامة الإزالة من عليها، ليتفاجأ الجميع بعد عدة أشهر بإقامة الجسر فوق مقبرة طه حسين. يتجدد الجدل والغضب بين الحين والآخر، مع تداول صور لوضع كلمة "إزالة" على مقبرة لأحد الرموز أو إحدى الشخصيات التاريخية مثل مقرئ القرآن الشيخ محمد رفعت والشاعر الكبير محمود سامي البارودي وغيرهما. لم ينجح نفي السلطات المستمر لإزالة مقابر الرموز، في وقف الجدل، مع رصد وسائل إعلام جرافات أثناء هدمها العديد من المقابر دون تمييز، وتعرض مقابر أخرى للتخريب مثل مقبرة الشاعر أحمد شوقي التي قالت السلطات إنه بفعل لصوص مجهولين، واعتبر البعض أنها تُركت فريسة للإهمال والتدمير. وقد أعلنت السلطات عن تشكيل العديد من اللجان المتخصصة لتحديد موقف المباني والمقابر التاريخية وخاصة تلك ذات الطراز المعماري المتميز لاتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها، ولكن تلك الخطوة كذلك لم تؤت ثمارها في تهدئة الرأي العام.استقالة وبيان
أعلن أيمن ونس رئيس اللجنة الدائمة لحصر المباني والمنشآت ذات الطراز المميز بشرق القاهرة، مؤخرا أنه تقدم باستقالة مسببة من عمله باللجنة، معللا ذلك بعدم جدوى عمل اللجنة التي يرأسها، في ظل استمرار الحكومة في حملات إزالة المباني التاريخية، بحسب ما قال وذلك قبل أن يسحب ونس منشور الاستقالة من حسابه على فيس بوك فيما اعتبره البعض تراجعا عن تلك الاستقالة. وبعد ذلك بساعات ناشدت منظمات حقوقية ونقابات مهنية وشخصيات عامة في بيان، السلطات، بوقف ما اعتبرته تعديا على مقابر القاهرة التي وصفها البيان، بالتاريخية، معربين عن نيتهم التقدم ببلاغ للنائب العام ضد وزراء السياحة والآثار والأوقاف ومحافظ القاهرة، للمطالبة بوقف التبديد والتدمير للمباني والمقابر بشرق القاهرة.
التعليقات مغلقة.