كيف أصبحت القوات المسلحة الملكية “مدرسة” لجيوش دول إفريقيا جنوب الصحراء؟

أطلق المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس، منذ مدة استراتيجية متعددة الأبعاد نحو شركائه في إفريقيا وعلى رأسها المجال العسكري والاقتصادي والاجتماعي التنموي، حيث عملت المملكة على دعم مجموعة من الدول الافريقية في إطار التعاون جنوب-جنوب وعبر اتفاقيات رابح-رابح، إضافة إلى تقديم الدعم والتكوين والتوجيه ونقل الخبرات في العديد من المجالات.

 

في هذا السياق، وفي الجانب العسكري، تعقد القوات المسلحة الملكية والمديرية العامة للأمن الوطني، العديد من الدورات التدريبية سواء داخل المغرب وخارجه لعناصر من العديد من الدول الإفريقية الشقيقة والصديقة، وآخرها انطلاق العملية الرابعة للقفز المظلي التي تشرف عليها القوات المسلحة الملكية لفائدة 600 عنصر متدرب من مختلف وحدات القوات المسلحة الغينية، وذلك بالقاعدة الجوية الرئيسية بكوناكري، بداية الأسبوع الجاري.

 

وقد ترأس حفل إطلاق هذه الدورة أبوبكر صيديقي كامارا وزير الدولة المكلف بالدفاع الوطني بدولة غينيا كوناكري، مرفوقا بسفير جلالة الملك بكوناكري، حيث انطلقت هذه العمليات منذ 2018، لتعزز الشراكة المتينة بين الدولتين وتعطي بعدا جديدا للتعاون جنوب جنوب، وتكرس دور القوات المسلحة الملكية كمدرسة لجيوش دول أفريقيا جنوب الصحراء.

تعليقا على الموضوع، قال محمد الطير، الخبير الأمني والإستراتيجي، إن المغرب اعتمد استراتيجية متعددة الأبعاد خاصة في السنوات الأخيرة والتي تهدف إلى استرجاع مكانته التاريخية في إفريقيا عموما وفي منطقة غرب إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء بالخصوص، مضيفا هذه الإستراتيجية شملت عدة مجالات والتي من أهمها الجوانب الاقتصادية والتنموية والهجرة والاستقرار والأمن وتقديم المساعدة للدول الافريقية لمجابهة الإرهاب والتكوين في عدة مجالات سواء منها الاستخباراتية والأمنية والصناعة إلى آخره.

 

وأكد الطيار في تصريحه لموقع “الأيام 24″، أن المجال العسكري يحظى بأهمية كبيرة جدا مما له من دلالات واسعة، موضحا أن القوات المسلحة الملكية المغربية تقوم بدور كبير في ترسيخ الأمن وبناء الاستقرار في العديد من الدول الإفريقية التي تعيش أزمات أمنية أو مهددة بانتشار ظاهرة عدم الاستقرار بحكم الجوار المحيط بها.

 

وأوضح المتحدث نفسه، أنه منذ سنوات كانت الأكاديمية العسكرية تعرف تخرج العديد من الضباط الأفارقة الذين وصل العديد منهم إلى مراتب عليا في بلدانهم، لافتا إلى أنه في السنوات الأخيرة أصبحت هذه التدريب تشمل جوانب أخرى ومنها المتعلقة بالتسيير المالي والإداري فضلا عن التدريبات العسكرية التقليدية، عن طريق التدريبات أو الدورات التكوينية أو مناورات مشتركة لتعزيز قدرات هذه الدول الإفريقية من أجل مساعدتها لبسط سيطرتها على كامل ترابها الوطني، “نظرا لعدم قدرة العديد منها على بسط سيطرتها الكاملة على أراضيها”.

 

الخبير الأمني والإستراتيجي، قال إن المغرب وفي إطار مساعيه لبناء الأمن والاستقرار في إفريقيا، فإنه يقوم بالمساعدة والبناء على عدة جبهات منها الجانب العسكري الذي يجعل منه مدرسة عسكرية قائمة بحكم أنه “شكل عبر التاريخ مركزا سياسيا قويا على مستوى إفريقيا ولديه تقاليد عسكرية عريقة جدا”.

 

وأَشار الطيار، إلى أنه في سنة 2022، أعلن الملك محمد السادس، عن تأسيس مركز مغربي خاص بحفظ السلام، حيث سيعرف مجموعة من التخصصات والذي سيستقبل العديد من الأطر العسكرية، من الدول الإفريقية للتكوين في مجال حفظ السلام بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

 

وأضاف المتحدث نفسه، أن تنظيم مناورات الأسد الإفريقي طيلت السنوات الماضية بالمملكة، تؤكد أن المغرب يشكل مركزا عسكريا مهما جدا على مستوى القارة الإفريقية، مضيفا أنه “دليل آخر على أن الجيش المغربي راكم من الخبرة والمهنية والقدرة على مواكبة التطورات العالمية فيما يخص الصناعات العسكرية والتدريبات العسكرية الأمر الذي يجعل منه محطة سنوية تلتقي على أرضه العديد من جيوش الدول الوازنة على المستوى العالمي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الإفريقية.

 

 

يشار إلى أنه تم، يوم أمس الاثنين 22 ماي 2023، بالقيادة العامة للمنطقة الجنوبية بأكادير، إطلاق دورة للتكوينات الأكاديمية التحضيرية، تهم مختلف المجالات العملياتية، وذلك تمهيدا لتمرين “الأسد الإفريقي 2023”.

 

وذكر بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية أن هذه التكوينات، التي ستستمر إلى غاية 2 يونيو المقبل، سيستفيد منها نحو مائة من الضباط وضباط الصف المغاربة ومن بلدان شريكة، وستتوج بتسليم الشواهد.

 

وبالإضافة إلى مختلف المجالات والجوانب المتعلقة بالتمرين، يضيف المصدر ذاته، تهم هذه التكوينات منهجية التخطيط العملياتي المشترك، والجوانب القانونية، والمعلومات العامة، والتخطيط الطبي، والأمن السيبراني، وكذا تقنيات تقييم تمرين مشترك بين القوات.

 

وخلص البلاغ إلى أن الدورة الـ 19 للتمرين المشترك متعدد الجنسيات “الأسد الإفريقي” ستقام في الفترة الممتدة من 2 إلى 16 يونيو 2023 في ست جهات بالمغرب، وهي أكادير وابن جرير والقنيطرة والمحبس وتيزنيت وتيفنيت وطانطان.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق