العلاقات المغربية-الفرنسية أسباب الجمود ومداخل حل الأزمة

 

دخلت العلاقات المغربية الفرنسية مرحلة من الفتور غير مسبوقة، والتي بدأت تظهر بشكل جلي خلال السنة الماضية، وذلك من خلال تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة الراغبين في الدخول إلى التراب الفرنسي.

 

وبلغت مرحلة التوتر ذروتها،بعد تصويت البرلمان الاوروبي على قرار يدين المغرب، وهو القرار الذي اعتبرته الرباط بمثابة طنعة في الظهر من فرنسا، والتي كانت تعتبر حليفا تقليديا للمغرب منذ عقود طويلة، وتربط البلدين علاقات جد متقدمة.

 

وشكل الموقف الامريكي من قضية الصحراء المغربية دعما قويا للرباط، والتي طلبت بشكل مباشر من شركائها موقف واضح وصريح من هذا النزاع المفتعل، إذ تحول الخطاب المغربي وصار يعتبر قضية الصحراء المنظار الجديد الذي يرى به العالم ودعا إلى ضرورة الخروج من وضعية “المنزلة بين المنزلتين”، وهو الأمر الذي خلط الاوراق لدى أوساط فرنسية، خاصة وأن فرنسا ظلت تحتفظ بموقف محايد تقريبا، رغم تصويتها في عديد المرات لصالح قرارات داعمة للمملكة، إلا أنها لم تتخذ خطوة صريحة بالاعتراف بمغربية الصحراء.

 

كما شكلت إفريقيا محطة أخرى للتدافع بين المغرب وفرنسا، هذه الاخيرة كانت تعتبر إفريقيا بمثابة محمية لها، وامتدادا طبيعيا لها، ولا يمكن مزاحمتها هناك، لذلك صارت تتضايق من الشراكات المغربية مع بعض الدول الافريقية والحضور القوي للمملكة.

 

وفي هذا الصدد قال،الحسن بلوان، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن استمرار “الفتور الحاصل في العلاقات المغربية الفرنسبة سببه سياسة ماكرون الخارجية المتعنتة اتجاه مجموعة من القضايا العالقة أهمها الموقف من الصحراء المغربية وأزمة التاشيرات وتنويع المغرب لشراكاته الدولية وتمدده الاقتصادي والدبلوماسي في القارة الافريقية… كل ذلك واكثر زاد من تعقيد الازمة التي ظلت توصف انها صامتة”.

 

وأضاف قائلا، في تصريح خص به “الأيام 24″، “وصلت العلاقات المغربية الفرنسية الى مرحلة غير مسبوقة بعد ضلوع مجموعة من النواب الفرنسيين في قرار برلمان الاتحاد الأوربي ضد المغرب، مما يهدد تاريخا طويلا من العلاقات التقليدية والاستراتيجية بين البلدين”، مردفا بالقول “ومما زاد تعميق الازمة في العلاقات المغربية الفرنسية التقارب الفرنسي الجزائري على حساب المغرب، مما يعطل جميع جهود التسوية وتطبيع العلاقات بين المغرب وفرنسا رغم زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية للمغرب وتبشيرها بعودة الدفء للعلاقات بين البلدين”.

 

ويرى بلوان أنه مهما بلغت الأزمة من التصعيد فإن العلاقات التاريخية بين المغرب وفرنسا لا يمكن ان تصل الى الانفصام والقطيعة، وقد اكتسب البلدان ٱليات برغماتية لتجاوز مثل هذه الأزمات، مشيرا إلى أن التقارب الفرنسي الجزائري تحالفا ظرفيا وهشا فرضته أزمة الطاقة العالمية، ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان يحاصر المغرب في قضية الصحراء كما يشتهي ذلك قصر المرادية.-

 

للخروج من هذه الازمة الصامتة، أكد المتحدث ذاته أنه لا بد لفرنسا أن تتخلص من عقدة “الحديقة الخلفية”، وان تتفهم حق المغرب في تنويع شركائه الدوليين في الشرق دون التفريط في حلفائه التقليديين في الغرب.

 

وحذر أستاذ العلاقات الدولية من أن استمرار العلاقات المتأزمة بين المغرب وفرنسا ينذر بتقلبات واضطرابات جديدة في القارة الافريقية على اعتبار ان التحالف بين البلدين هو صمام امان التوازن الاقليمي في المغرب الكبير والساحل والصحراء وباقي مناطق القارة السمراء.

 

وسجل بلوان أن العلاقات المغربية الفرنسية منذ الاستقلال كانت دائما ٱلية لاستفادة الجانبين، فالمغرب استفاد من دعم دبلوماسي فرنسي داخل أروقة الأمم المتحدة والاتحاد الاوربي وكذلك على المستوى الاقتصادي من حيث حجم الاستثمارات الفرنسية داخل المغرب. كما استفادت فرنسا من حليف تقليدي وفي وشريك اقتصادي موثوق شكل دائما بوابة حصرية للولوج الى السوق الافريقية.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق