صندوق النقد يتوقع “تحسنا” في نمو الاقتصاد العالمي في 2023 مع تراجع سعودي وركود بريطاني

بيير أوليفييه غورينشاس
AFP
أعلن بيير أوليفييه غورينشاس توقعات الاقتصاد العالمي لعام 2023 في مؤتمر صحفي في سنغافورة

رفع صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء توقعاته للنمو العالمي لعام 2023 بشكل طفيف، بسبب الطلب "المرن بشكل مدهش" في الولايات المتحدة وأوروبا.

كما يرجع ذلك أيضا إلى تراجع تكاليف الطاقة، وإعادة فتح الاقتصاد الصيني بعد أن تخلت بكين عن قيودها الصارمة بشأن فيروس كورونا.

وقال صندوق النقد الدولي إن النمو العالمي سيظل ينخفض إلى 2.9 في المئة في عام 2023، وذلك من 3.4 في المئة في عام 2022.

وتشير أحدث توقعات الصندوق حول مستقبل الاقتصاد العالمي إلى تحسن، مقارنة بتوقعات أكتوبر/ تشرين الأول، التي تنبأت بنمو 2.7 في المئة هذا العام مع تحذيرات من أن العالم قد ينزلق بسهولة إلى الركود.

بالنسبة لعام 2024، قال صندوق النقد الدولي إن النمو العالمي سيتسارع بشكل طفيف إلى 3.1 في المئة، لكن هذا أقل بعُشر نقطة مئوية من توقعات أكتوبر/ تشرين الأول، حيث أدي رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة إلى تباطؤ الطلب.

وقال كبير الخبراء الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، بيير أوليفييه غورينشاس، إن مخاطر الركود تراجعت وإن البنوك المركزية تحرز تقدمًا في السيطرة على التضخم، لكن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لكبح الأسعار.

وقد تأتي الاضطرابات الجديدة من تصعيد الحرب في أوكرانيا، ومعركة الصين ضد كوفيد 19.

وقال غورينشاس للصحفيين عن توقعات 2023: "علينا أن نكون مستعدين نوعًا ما لتوقع ما هو غير متوقع، لكنه قد يمثل نقطة تحول، مع تراجع النمو إلى أدنى درجاته ثم تراجع التضخم".

"تراجع النمو في السعودية"

وعدّل صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في عام 2023 للمملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، بشكل تنازلي إلى حد كبير على خلفية انخفاض الإنتاج المتوقع.

ومن المتوقع الآن أن يبلغ معدل النمو في أكبر اقتصاد في العالم العربي 2.6 في المئة في عام 2023، وهو أداء أقل من المنطقة الأوسع، و 1.1 نقطة مئوية أقل من توقعات صندوق النقد الدولي لشهر أكتوبر/ تشرين الأول، مما يلقي بثقله على النمو الإجمالي بين جيرانه.

وقال صندوق النقد الدولي في تقرير "إن خفض التصنيف لعام 2023 يعكس بشكل أساسي انخفاض إنتاج النفط، تماشيا مع اتفاق مجموعة أوبك بلس، بينما من المتوقع أن يظل النمو غير النفطي قويا".

وأضاف التقرير أنه من المتوقع أن ينخفض النمو في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى إلى 3.2 في المئة في عام 2023، وذلك من 5.3 في المئة في عام 2022، "ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى تباطؤ النمو في السعودية أكثر من المتوقع".

وساعد ارتفاع أسعار النفط في تحول الميزان المالي للمملكة العربية السعودية، إلى أول فائض منذ 2013 العام الماضي، ومن المتوقع أن يكون 2.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن المتوقع أيضا حدوث فائض مالي، وإن كان أضيق، في عام 2023، تخيم عليه المخاوف الاقتصادية العالمية وتوقعات غير مؤكدة للطلب على النفط.

ونما اقتصاد المملكة العربية السعودية بنسبة 5.4 في المئة في الربع الأخير من عام 2022، وفقًا لتقديرات حكومية أولية يوم الثلاثاء، لكنه تراجع من 8.8 في المئة سنويًا في الربع السابق، مدعومًا بنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 6.2 في المئة.

وفي توقعاته للناتج المحلي الإجمالي لعام 2023، قال صندوق النقد الدولي إنه يتوقع الآن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 1.4 في المئة، ارتفاعًا من 1.0 في المئة كان متوقعًا في أكتوبر/ تشرين الأول، وبعد نمو 2.0 في المئة في عام 2022. واستشهد باستهلاك واستثمار أقوى من المتوقع في الربع الثالث من عام 2022، وسوق عمل قوي وميزانيات عمومية قوية للمستهلكين.

وقال صندوق النقد الدولي إن منطقة اليورو حققت مكاسب مماثلة، مع توقع تحقيق الكتلة نموا في عام 2023 عند 0.7 في المئة، مقابل 0.5 في المئة في توقعات أكتوبر/ تشرين الأول، بعد نمو 3.5 في المئة في 2022.

"ركود في بريطانيا"

وقال صندوق النقد الدولي إن أوروبا تكيفت مع ارتفاع تكاليف الطاقة بسرعة أكبر من المتوقع، وقد ساعد انخفاض أسعار الطاقة المنطقة.

شهدت بريطانيا أكبر تدن في مستوى المعيشة منذ عقود خلال عام 2022
Getty Images
شهدت بريطانيا أكبر تدن في مستوى المعيشة منذ عقود خلال عام 2022

كانت بريطانيا هي الاقتصاد المتقدم الرئيسي الوحيد الذي توقع صندوق النقد الدولي أن يكون في حالة ركود هذا العام، مع انخفاض بنسبة 0.6 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي، حيث تكافح الأسر مع ارتفاع تكاليف المعيشة بما في ذلك الطاقة والرهون العقارية.

وقام صندوق النقد الدولي بتعديل توقعات النمو في الصين إلى الأعلى بشكل حاد لعام 2023، إلى 5.2 في المئة وذلك من 4.4 في المئة في توقعات أكتوبر/ تشرين الأول، بعد أن أدت سياسات إغلاق "صفر كوفيد" في عام 2022 إلى خفض معدل النمو في الصين إلى 3.0 في المئة، وهي وتيرة أقل من المتوسط العالمي لأول مرة في أكثر من 40 سنة.

لكن التحسن الناتج عن عودة حركة الصينيين سيكون قصير الأجل.

في الوقت نفسه، لا تزال النظرة المستقبلية للهند قوية، مع توقعات دون تغيير لتراجع النمو في عام 2023 إلى 6.1 في المئة، ولكن سينتعش إلى 6.8 في المئة في عام 2024، بما يتناسب مع أدائها في عام 2022.

وقال غورينشاس إن الاقتصادين الآسيويين القويين سيوفران أكثر من 50 في المئة من النمو العالمي، في عام 2023.

وقال صندوق النقد الدولي إن تصعيد الحرب في أوكرانيا قد يؤدي إلى زيادة أسعار الطاقة والغذاء، وكذلك الشتاء البارد العام المقبل، حيث تكافح أوروبا لإعادة تعبئة مخزون الغاز وتتنافس مع الصين على إمدادات الغاز الطبيعي المسال.

وعلى الرغم من انخفاض التضخم العام في العديد من البلدان، إلا أن التسهيلات المبكرة للأوضاع المالية قد تجعل الأسواق عرضة لعمليات إعادة التسعير المفاجئة، إذا فشلت قراءات التضخم الأساسية في الانخفاض.


شاهد أيضا

التعليقات مغلقة.