الراحلة خديجة أسد: الهجرة إلى كندا أغنت تجربتي الفنية وأحلم بكتابة سيرتي الذاتية

نجاة أبوالحبيب

 

حين عادت الفنانة الراحلة خديجة أسد من كندا إلى المغرب بعد أن غابت عن ساحته الفنية لعدة سنوات ، رفقة زوجها الراحل سعد الله عزيز ، كان في جعبتهما الكثير من المشاريع التلفزيونية والسينمائية، على رأسها عرضها الفكاهي المستوحى من حياة المهاجر المغربي ، نال حينها نجاحا كبيرا في كندا حيث استقرت رفقة أسرتها، في حين ووجه هذا العمل الجريء بالكثير من الانتقادات في المغرب ، حيث تشرّح خديجة أسد التي رحلت الى دار البقاء بداية هذا الأسبوع في حوار سابق لها مع ” الأيام” ،ننشر جزءا منه، واقع المسرح والسينما وتجربة الهجرة من خلال مسارها الذي جاوز نصف قرن.

 

هل ترين أن السينما المغربية أصبحت قادرة اليوم على كسب ثقة مدعمين للاستثمار في هذا المجال؟

 

السينما المغربية بدأت تصنع مكانتها اقتصاديا في المغرب، وهذا لا يمكنه إلا أن يشجع على الاستثمار في هذا المجال وكسب ثقة المدعمين. فقد لاحظنا أن المشاهد المغربي أصبح يقبل على الأفلام المغربية ويشعر دائما أنها قريبة من واقعه وثقافته. فمهما تفوقت عليها الأفلام الأجنبية تقنيا ومهما عشق مشاهدتها، فإن الجمهور المغربي يعي أن ما تقدمه هو في الأصل يظل بعيدا عن عالمه ككل، أي باختصار، أن الفيلم المغربي لم يعد يشكل عائقا للقاعات السينمائية. حتى أن نسبة مشاهدته كثيرا ما تفوق نسبة مشاهدة أفلام أجنبية وهذا راجع لكفاءة السينمائيين المغاربة، ولوصول الأعمال المغربية إلى قمة التتويجات العالمية ، لكن لاننسى أن هذا راجع كذلك لمستوى تدبير المركز السينمائي المغربي وكفاءة وتجربة نورالدين الصايل الطويلة في هذا المجال.

 

فمثلا فيلم «نامبر وان»، للمخرجة زكية الطاهري الذي شاركنا فيه أيضا، حقق إقبالا كبيرا خلال عرضه في المغرب، كما أن الموزع الفرنسي الذي قام بتوزيعه في أوربا دعانا معه في جولة لعرض الفيلم في القاعات الأجنبية، ولاحظنا إقبال الجمهور العربي على مشاهدته.

 

لماذا لم تواصلي عرضك الفردي الفكاهي حول الهجرة بالمغرب؟

 

قدمت عروضا في كندا، وكنت قد كتبت نصوص عرضي الفردي مستوحاة من عمق بيئة المهاجر المغربي بكندا، لذلك تجاوب معها الجمهور، لأنها تعكس واقعا يعرفه ويعيشه. فأنا أريد أن أقدم هذه العروض في المغرب، لكن يلزمني أن أعيد كتابتها لكي أكيفها مع المجتمع المغربي. أفكر جديا في هذا الأمرلكن ضيق الوقت يحول دون تحقيق ذلك.

 

تشتغلين رفقة زوجك الفنان سعد الله عزيز منذ عدة سنوات، في ذات الآن على أعمال بالمغرب وكندا، ألا يشكل لكما هذا نوعا من اللاإستقرار على مستوى العمل الفني؟

 

أبدا، أنا شخصيا أرى أن هذا الأمر قد أغنى تجربتي الفنية، فنحن مثلا نشارك في سلسلة كوميدية بعنوان «tranche de vie» تقدمها إحدى القنوات الكندية التلفزيونية الخاصة وسنصور حلقات أخرى خاصة بهذا الموسم، كما أن آخر مشاركة لنا في عمل سينمائي كانت في فيلم كندي بعنوان «l’appât» من إخراج إيف سيمونو، مثلما نشتغل كذلك في المغرب على أعمال أخرى.

 

فتجربة العيش هنا وهنالك معا مفيدة جدا على المستوى الفني سواء في ما يخص البحث عن أفكار جديدة وتطوير العطاء أو على مستوى الكتابة والتمثيل. كما أننا نعيش نفس تشجيع الجمهور في كندا وفِي المغرب وهذا شيء رائع.

 

 تألقت خديجة أسد وسعد الله عزيز في المسرح من خلال فرقة «الثمانين» هل يراودك الحنين للخشبة؟

 

الحنين إلى المسرح دائما موجود، لكني منذ شهرين بدأت أفكر جديا في العودة إلى الوقوف على الخشبة، فرغم أني أقدم عروضي الفردية، إلا أني اشتقت إلى مسرح يجمعني بممثلين آخرين، وأتمنى أن يحدث هذا مستقبلا.

 

رغم الاحتضار الذي يعيشه أب الفنون، ألا يخيفك ذلك؟

 

الحقيقة أن هذا يجعلني أتخوف نوعا ما ،لكن هذا التخوف في نفس الوقت لا يمكنه أن يقف عائقا أمامي.إني أتساءل عن أسباب تراجع المسرح اليوم، في حين كان بالأمس في قمة تألقه رغم أننا لم نكن نلاقي أي اهتمام من الدولة، حتى إننا كنا ندفع ثمن المسارح التي كانت غالبيتها في ملك الدولة، وندفع مصاريف القاعات السينمائية التي سنقدم فيها عروضنا، ونتعب كثيرا من أجل أن نوصل المسرح إلى كل الشرائح المجتمعية داخل المدن وخارجها، لأننا قدمنا كذلك عروضا في الهواء الطلق في غياب المسارح، وبعيدا عن المدن في الجبال لعمال المناجم ، وأيضا في حدائق المستشفيات والثكنات العسكرية بالمجان. فالتعب كان يزول بمجرد الوقوف أمام الجمهور داخل قاعة مملوءة عن آخرها، لم تكف مقاعدها جمهورا آخر كان يظل خارجها. أما اليوم فقد هجر الجمهور المسرح رغم أن بعض عروضه تقدم بالمجان.

 

يحضر الحديث دائما عن تألق كبير للمسرح أصبح اليوم ماضيا مأسوفا عليه، لكن في المقابل نجد شبه فراغ في ما يخص التوثيق الدقيق لفرق وأسماء مسرحية ساهمت في ازدهار المسرح، ومنها فرقة «الثمانين» الرائدة التي تنتمي إليها خديجة أسد وسعد الله عزيز، ما السبب في غياب هذا الاهتمام في نظرك؟

 

للأسف نواجه فعلا هذا النقص، فمثلا كانت قد اتصلت بي أستاذة تدرس الثقافات واللهجات المغاربية بجامعة سياتل، ، وأخبرتني أن الجامعة تريد أن تقتني بعض العروض المسرحية لخزانتها، للاستعانة بهذه الأعمال الفنية في مساعدة الطلبة على الفهم والاقتراب أكثر من هذه المسرحيات ، كما أنها أخبرتني أنها بحثت عن كتاب يتحدث عن سيرتي الفنية والذاتية لكن دون جدوى، وللأسف يبدو أن القناة الأولى لم تحتفظ بهذه العروض المسرحية، كما أن شرائط الفيديو التي كانت بحوزتنا لم تعد صالحة مع مرور الوقت، هذا بالإضافة إلى أن هناك فعلا كتابات عن المسرح لكن لا تتم الإشارة فيها إلى الأسماء المسرحية.

 

الفنانون المسرحيون هم أيضا مقصرون في حق أنفسهم، لماذا لا يفكرون في التوثيق لمسيرتهم من خلال كتابة سيرهم الفنية كما يحدث في دول أخرى؟ لماذا لا تكتب خديجة أسد حياتها الفنية؟ فأحيانا يكون الفنان أكثر تبليغا لما عاشه.

 

لم أفكر في هذا من قبل، الفكرة تبدو لي جيدة فعلا، قد تكبر مع مرور الأيام، وتتحقق مستقبلا في كتاب.

 

بعيدا عن الفن، ما هو المجال الذي تهرب إليه خديجة أسد من حين لآخر؟

 

كانت لي هوايات كثيرة، خاصة تصميم الملابس و الخياطة، فقد كان ولعي كبيرا بتصميم الموديلات وإنجازها، حتى أني كنت أصمم ملابسي بنفسي، لكن اليوم لم يعد لدي الوقت لأمارس هذه الهواية التي كنت أعشقها كثيرا بالإضافة إلى الرياضة. فللأسف أصبحنا في عصر نسابق فيه الزمن، لدرجة أن الزمن سرقنا حتى من أنفسنا.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق